الحديقة الدولية بالإسكندرية.. مسلسل فساد لا ينتهى

منوعات

الحديقة الدولية -
الحديقة الدولية - أرشيفية


إهدار مال عام ولعبة مصالح وصفقات


طوال سنوات عديدة فتحت ملف مخالفات الحديقة الدولية بمحافظة الإسكندرية، ذلك الملف الذى عملت عليه منذ عام 2004 تقريبا، كتبت كثيرا حتى قامت جميع الأجهزة الرقابية بالدولة ومباحث الأموال العامة والنيابة العامة ومحافظة الإسكندرية والأجهزة الرقابية بعمل تقارير حول هذا المكان، الذى كان بمثابة غابة ترفيهية لعامة الشعب حتى عام 2002، قبل أن تتولى إحدى الشركات إدارته بعقد رسمى كحق انتفاع ينتهى فى 2018.

وما بين فساد ومخالفات وتهرب ضريبى وتلاعب بالأراضى وعدم دفع مستحقات، ظل الأمر عالقا من محافظ لمحافظ بالإسكندرية، حتى جاء أمر بفتح ملف هذا المكان الذى عليه ما بين ضرائب ومستحقات ما لا يقل عن 3 مليارات جنيه، يا سادة.. فى عهد طارق المهدى المحافظ الأسبق، تم فتح الملف وتحركت مباحث الأموال العامة، وأعتقد أن اللواء شريف عبدالحميد رئيس المباحث العامة بالإسكندرية موجود بمكانه، وكان مشرفا على ذلك الملف، وأثبتت التقارير أن هناك تلاعباً وفساداً وتهربا ضريبيا و«بلاوى متلتلة» كتبتها فى حلقات بهذه الصفحة.

بعد ذلك ذهب عدد من المستأجرين إلى أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، طلبوا وساطته لدى إبراهيم محلب، رئيس وزراء مصر آنذاك، وكان ذلك قبل انتخابات الغرفة بعدة أشهر، وظل الأمر معلقا حتى قامت الرقابة الإدارية بعمل تقاريرها التى لم تخرج عن تقارير مباحث الأموال العامة، والتى تحولت إلى النيابة ومن النيابة إلى المحكمة حتى تاريخه، المهم.. رحل طارق المهدى وجاء هانى المسيرى، الذى مع الأسف أجر جزءا من بقايا الحديقة الدولية بملاليم لبعض المستأجرين فى عز الأزمة.

ثم رحل المسيرى وجاء محمد عبد الظاهر، الذى كان أشجعهم وأقوى من كافح لفتح الملف، فعل الرقابة وشكل لجاناً داخل محافظة الإسكندرية من هيئة المساحة والضرائب ووضع يده داخل «عش الدبابير»، وقرر أن يسحب الأراضى منهم لأن أغلبهم لم يسددوا للدولة مستحقاتها، فهرول المستأجرون إلى أحمد زكى بدر، وزير التنمية، ولأحد أعضاء مجلس الشعب، الذى مع الأسف له مصلحة مباشرة مع أحد المستأجرين، حيث تم اعفاء أحد مستأجرى الحديقة الدولية بعدما عمل دعاية انتخابات مجلس الشعب له، ووضعها فى الأماكن المخصصة لإعلاناتهم، والإعلانات ما زلت محتفظة بها، وأخينا كان نازل على قائمة «حب مصر».

وأصبح سيادة النائب مع الأسف الشديد فى هذا الوطن الذى لا تعرف فيه الصالح من الطالح رئيس لجنة «على سن ورمح»، وبين ليلة وضحاها قامت الدنيا على محمد عبدالظاهر، وذهبت لجنة فض المنازعات وقالت فى حضور ثلاثة وزراء هم: التنمية والعدل والاستثمار، إن المحافظة ليس لها حق واقفلوا الموضوع حتى ينتهى العقد الأصلى، وعودة المنشآت فى 2018، فأصر عبدالظاهر وأعتقد فى شهر رمضان من العام الماضى على عدم الغلق، وقد وأيده وزير العدل وقتها أحمد الزند، بينما وافق زكى بدر وقال «اقفلوا ولا تجمعوا مستحقات».

تم منحهم مهلة شهرا، حتى تنعقد اللجنة الوزارية مرة أخرى، بعدما أعادت لجنة فض المنازعات أمورها مرة أخرى، فأصرت لجنة فض المنازعات على كلامها، بأن المحافظة لسه فاكرة من 2006 تجمع المستحقات؟ انسى يا محافظة، فجاء رد عبدالظاهر بأنه لا ذنب عليه، إذ كان موجودًا المحجوب وجاء بعده عادل لبيب، الذى عمل عقداً مخالفاً لأحد المستأجرين بقيمة أقل من القيمة الحقيقية.

بعد ذلك قامت الثورة وحدث الانفلات الأمني، وكام محافظ كده، ثم جاء المهدى ومن بعده المسيرى، وها هو يفتح الملف لإعادة أموال الدولة، ظلت الأمور معلقة حتى دفع محمد عبدالظاهر فاتورة ذلك وتم إقصاؤه عن منصبه، رغم أنه كان قد تقدم باستقالته لشريف إسماعيل عدة مرات بسبب الصدام بينه وبين زكى بدر، أطاحوا بعبدالظاهر وأبقوا على زكى بدر وقتها، وكان التقرير الصادر من مباحث الأموال العامة والرقابة يدين الجميع، محافظى الإسكندرية السابقين الذين ضيعوا مليارات على الدولة، لماذا كل هذا الكلام الكبير؟.. لأن هذا الأسبوع حدثت الكارثة.

■ سكرتير المحافظة السابق مهندس الصفقة الجديدة

بعض المستأجرين الذين أفردت لهم هنا وهم أصحاب «منتجع لاجون»، وقد شمل عقده فدانين وكسورا، وعندما نزلت لجنة من هيئة المساحة أيام عبدالظاهر، وجدوها (22) فدانا، وبموجب عقدهم يدفعون للمحافظة مقابل المساحة التى على الورق، أقل من مائة ألف جنيه، حيث ضموا المسرح الرومانى والحديقة المصروف عليها بمعونة يابانى ومخصصة للعامة، ليس ذلك فحسب، بل إن هؤلاء لم يكونوا قد عملوا عقدا مع المحافظة كما نص التحكيم فى 2006، وهو إما إبقاء العقود كما هى حتى 2018 أو عمل عقود جديدة مع المحافظة تمهيدا لنزولها فى المزاد فى 2008، فحدث الآتى.

الأخ سكرتير عام محافظة الإسكندرية حتى شهر مضى، الذى جاء لمهمة وأنهاها على أكمل وجه وهى.....، وتم تصعيده بعدها إلى ديوان عام وزارة التنمية، ظبط لأصحاب المنتجع عقداً مع المحافظة، تخيلوا.. افتكروا حصل ذلك قبل انتهاء العقد الذى سينتهى بعد شهور، ولاحظوا التالى، عملوا لجانا وأرسلوا لمكتب وزير التنمية تقارير وأخفوا فيها المخالفات والمديونيات الموجودة على هذا المكان، وجعلوها «فلة شمعة منورة».

كتبوا أنهم يريدون عمل عقد تمديد لمدة (50) سنة، العام الواحد بـ(22) مليون جنيه، وأن الـ(110) ملايين جنيه المديونية على المنتجع، كانت بسعر مبدئى، حيث كان المتر بـ(114) جنيها، جعلوها (75) مليون جنيه، يعنى المتر يا مسلمين بـ(14) قرشا فى الشهر، وتسدد على خمس سنوات، وأرسلوها إلى مجلس الوزراء ووقعوا مذكرة تفاهم وأخفوا الأمر عن وزير التنمية الذى هو حديث العهد بهذا الملف الخطير، الذى أطاح بمحمد عبدالظاهر من منصبه بسبب مافيا المستثمرين، والسيد زكى بدر الذى كان ضد عبدالظاهر طول الخط، ووصل الأمر للفضائيات.

أخفوا أن هذا العقد مش تمام، والموظفون وأولهم السيد سكرتير عام المحافظة السابق ومحافظ الإسكندرية السابق يجب أن يتحولوا للنيابة بتهمة إهدار المال العام بسببه ليه؟ لأن هناك حالة واحدة لعمل عقد مع هؤلاء، وهى ألا يوجد عروض أخرى أعلى من ذلك العرض، لكن كان هناك عروض أخرى أخفاها الاثنان لمصلحة هؤلاء المستأجرين، وترجمة ذلك لمصلحة من؟ ومن ثم تدخل نيابة الأموال العامة لأنهم ضيعوا على الدولة ملايين الجنيهات، ناهيك عن اخفاء الحقائق على وزير التنمية الحالى، واعتمدوا على أن توقيع الوزير أو المحافظ محصن، ولا يعلمون أن قانون الاستثمار الجديد سيلغى تحصين تلك التوقيعات.

نسوا أن قانون المزايدات يتوقف إذا لم يوجد عرض آخر، وهذا لم يحدث، وكذلك نسى السادة بمحافظة الإسكندرية أن جميع المبانى التى على الأرض هى ملك للمحافظة بعد انتهاء العقد كما ينص العقد المبرم، ولا إيه؟ وجاء السيد المحافظ الجديد الذى أعتبره «غلبان» آه والله «غلبان»، ووقع على مذكرة التفاهم وهو يبتسم ويصيح شيك هاند يا قمر واضحك الصورة تطلع حلوة، ولا يعلم أن الموضوع كله بايظ من اوله.

والناس تضرب كفا على كف، إزاى هيدفعوا الـ75 مليون جنيه، والتى أصلا كانت هيئة الخدمات الحكومية قد وضعت سعرا مبدئيا لهم 110 ملايين جنيه، كان سيصل لـ(250) مليون جنيه على أقل تقدير متأخرات، والذى وصل بقدرة قادر لـ(75) مليون جنيه، وكيف سيدفعون الـ(22) مليونا فى السنة؟ الحكاية ببساطة أنهم لا يريدون من مدة العقد التى هى (30) سنة سوى «الطلعة الأولى»، بمعنى أنهم سيجمعون (600 أو 800) مليون جنيه اشتراكات جديدة من الأعضاء، ليضعوها فى البنك، يدفعون من أرباحها جزءًا للمحافظة ويقسمون فيما بينهم الذى جمعوه، ويلبسون الأعضاء القدامى «السلطانية»، الاشتراك بخمسين ألف جنيه، وعلشان خاطر الأعضاء القدامى 30 ألفاً بس، وهو أصلا بعشرة آلاف، والبنك هو الذى سيدفع.

وسيحدث مثلما حدث أول مرة وتم خراب وإفلاس البنك التجارى البحرى الضامن، بمساعدة أحد الموظفين الكبار، ضمنوا شركة تأمين والبنك دفع المبالغ كاملة عن الأعضاء للمستأجرين، وبعدها حدثت الكارثة وانكشف البنك، ما أكتبه خطير جدا، فساد بدأ من أول يوم باستيلاء على مسطحات عامة وعقود غير صحيحة منذ البداية وامتناع عن الدفع، والآن عقود أخرى مشكوك فيها وأخفوا على وزير التنمية الجديد الحقائق والمساحات والمديونيات، واسألوا محمد عبدالظاهر ورئيس الرقابة الإدارية السابق ورئيس مباحث الأموال العامة الحالى شريف عبدالحميد، والمستشار القانونى السابق للإسكندرية محمد عمار، الذى لديه جميع الوثائق والمستندات وكتب بيديه جميع المذكرات بالمخالفات.

كان جزاؤه هو وعبدالظاهر الإطاحة، بينما ظلت السيدة سعاد الخولى نائبة كما هى، تمر عليها وجوه وهى فى المحافظة بين اللجان، وبدلا من إنزال المكان مزادا رسميًا لأعلى سعر، وبدلا من أن تكون المديونية (250) مليون جنيه وبدلا من التحقيق معهم بسبب المخالفات انقلب الحال، ألم أقل لكم إن الفساد أصبح مبدأ حياة، ألم أكتب فى العدد الماضى استغاثة لأولى الأمر، ألا يوجد من يحنو على الإسكندرية البائسة؟ وكما هو حال كل عدد سيقرأون إذا قرأوا ويرددون «سيبوها تهرتل وإحنا فى طريقنا عادى».

من ينظم حاله بالفساد ينظمه، ومن يريد شيئا يفعله، ومن يخالف القانون يخالف، اللهم بلغت اللهم فاشهد.. محدش بعد كده يقول ما كناش عارفين، وأكرر محافظ الإسكندرية الحالى محمد سلطان ووزير التنمية الحالى الشريف تم إخفاء المعلومات الحقيقية عنهما بمساعدة سكرتير عام محافظة الإسكندرية السابق، والمحافظ السابق لمصلحة من؟ الإجابة كتبتها، من المستفيد من أرض المتر فيها (14) قرشا بدل 114 و200 جنيه فى الشهر، و250 مليون جنيه مستحقات قديمة أصبحت (75) مليوناً وبالتقسيط، وسلم لى على النزاهة.. يحيا الفساد.