عزة هيكل تكتب: «غرابيب سود» كتبه الناجون من معسكرات داعش‎

ركن القراء

عزة هيكل
عزة هيكل


مسلسل عربي سعودي مصري إماراتي يطرح قضية العصر وحرب عبس وزبيان الجديدة... بين فارس وعبد الله العنيبي وإخراج مشترك لحسام قاسم وعادل أديب وبطولة جماعية لممثلين من مصر وتونس والسعودية والإمارات وسوريا فى ملحمة تدين الوضع العربى وداعش على وجه الخصوص والدور الذى تلعبه وسائل التواصل الاجتماعى لتجنيد الشباب والأطفال و النساء من مختلف أرجاء العالم والوطن العربى مستغلة القهر والجهل والفقر والكبت الذى تعيشه النساء والفتيات فى العديد من البلدان العربية وكذلك الفراغ والضياع والرغبة فى المال التى تدفع الشباب العربى إلى الهجرة الأوروبية وكيف يبدأ تجنيد الشباب العربى الأوروبى أو الزواج من الفتيات الأوروبيات عن طريق السفر إلى تركيا ثم معسكرات التأهيل والتدريب .

وأخطر ما فى الأمر هو التحرش السافر بالأطفال وإرهابهم وتجنيدهم وتدمير الطفولة والبراءة فى قصص متتالية كتبها بعض من استطاعوا الهروب والنجاة من تلك المعسكرات الفاشية الدموية وكله تحت ستار الدين والإسلام، ولكن كم السواد والدموية والانحراف أفقد العمل الكثير من نسبة المشاهدة والمتابعة وأصبح عملاً تسجيليًّا أكثر منه دراميًّا فنيًّا يحافظ على المسافة بين الواقع و الخيال ومن ثم يجذب المشاهد والمتابع ولا يسقط فى بئر التأكد من صحة الوقائع أو الفكرة المطروحة من قبل الكاتب والمخرج.

ومع كلٍ فإن هذا العمل بكل المقاييس يعد إضافة إلى الدراما التاريخية الحديثة والتى تسجل وتؤرخ وتوثق مرحلة هامة من تاريخ الوطن العربى كما أنها دراما تدرك أهمية الإعلام فى حروب الجيل الخامس والتى تشكل الأفكار والسلوك والرأى العام بصورة مستدامة ومكررة.

ومع غرابيب سود نجد العديد من الأعمال الدرامية التى تقدم قضايا الأمن القومى والجاسوسية مثل وضع أمنى وظل الرئيس والزئبق وهى أعمال تحاول أن تنمى الانتماء للوطن وتنبه الشباب بشكل أو بآخر بخطورة المرحلة السياسية التى يعيشها الوطن العربى وإن كانت تلك الأعمال تستقطب النجوم والأسماء اللامعة فى مجال الفن و السينما إلا أن الكتابة والسيناريو والصراع مكرر ومعاد ويغفل الجانب الإنسانى للشخصيات والحوار الفنى والأدبى البلاغى وتعتمد فى المقام الأول و العنصر الرئيسى على الصورة والتى هى صورة وإضاءة سينمائية فى التكوين والحركة والألوان والثنائية الدائمة وليست المجاميع الكبيرة والشخصيات التى تدفع بعضها ببعض وتكشف حقائق وأحداث وصراعات وتسهم في إثراء الشاشة الصغيرة التى لها مقومات مختلفة ومقاييس ومعايير وعناصر فنية أضاعها كتاب ومخرجو السينما حين طبقوا معايير الفيلم على الدراما التليفزيونية.

ولهذا فإن الأعمال الأكشن التى تعرض على الشاشة لا تضيف إلى المشاهد وتؤثر فيه إيجابًا لأنها مسلسلات المظهر والتكوين والحرفية الفنية أكثر منها أعمال تقع فى دائرة الوجدان والسلوك والمشاعر ... ومع ذلك فإن تلك الدراما أفضل بكثير من دراما الشارع والعشوائيات والكباريهات ورجال المال مع رجال البلطجة والفوضى والمخدرات وتجار الأعراض... غرابيب سود دراما تستحق المشاهدة والمتابعة النقدية كما تستحق أن تعرض على شاشة ماسبيرو وكذلك تعرض فى العديد من قصور الثقافة والشباب وتصاحبها متابعات ومناقشات نقدية وسياسية للتوعية والتنبيه وتصحيح الأفكار وكشف المستور.