محمد كشك يكتب: "تميم في المصيدة"

ركن القراء

محمد مصطفى كشك -
محمد مصطفى كشك - صورة أرشيفية


من المفارقات العجيبة والغريبة وغير المنطقية أن يطالب ديكتاتور يحكم شعبه بالحديد والنار، حكام ورؤساء العالم أن يمنحوا شعوبهم الحرية والديمقراطية، ثم يذهب للدفاع عن ما يعتقد أنه الصواب مستخدمًا مليارات الدولارات لإشعال الصراعات المسلحة بين صفوف هذه الشعوب.. إنه الجنون بعينه والحماقة في أبهى صورها عندما يطالب تميم بن حمد صاحب الأصول الانقالبية الأشهر في تاريخ العرب حكام الدول العربية الذين جلس بعضهم على كراسي الحكم بانتخابات حرة ونزيهة وأمام منافسين، بالإنصات لشعوبهم ومنحهم الحرية.

أي حرية تلك التي يريدها أمير الإرهاب في المنطقة من الرؤساء العرب، هل يقصد حرية دعم وتمويل داعش؟ هل يقصد حرية تمويل العمليات الإرهابية التي تستهدف دور العبادة؟ هل يقصد حرية دعم تنظيم الإخوان الإرهابي؟ هل يقصد حرية تمويل سد هو يعلم أـنه سيكون شوكة في حلق المصريين ؟ في الحقيقة ما فعله تميم ومن قبله والده يستحق منا ليس أن نكره قطر فحسب ولكن أن نعزلها عن العالم كله ونحمي الشعوب العربية من تصرفات الدوحة الحمقاء التي أججت الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة بأكملها.

القصة بأكملها بدأت مع اندلاع ما سمي بثورات الربيع العربي، والفوضى التي خلفتها، وهو ما استغلته قطر لدفع تنظيم الإخوان إلى صدارة المشهد، في الوقت الذي عملت الدوحة أيضا على  على توطيد علاقتها بإسرائيل بمساندة عراب إسرائيل عزمي بشارة، ما مكنها من إشعال الصراعات المسلحة بالشرق الأوسط، ففي سورياةتعد قطر رأس الحربة في تمويل الجماعات مثل جبهة النصرة، وأحرار الشام، وتنظيم داعش، وجبهة أنصار الدين، وألوية أجناد الرسول، وجيش الإسلام، وقوات سوريا الديمقراطية، وذلك من خلال مؤسسات إغاثية قطرية تعمل في غسيل الأموال.

وفي ليبيا بلغ حجم التمويل القطري للتنظيمات الإرهابية نحو مليار دولار منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، وفي العراق تدعم قطر خزانة داعش بما قيمته 2 مليون دولار شهريا من وثيقة روز بهجت، التي حددت 4 بنوك لإرسال النقود للتنظيم منها أحد البنوك القطرية، كما وهبت قطر نصف مليار دولار للحشد الشعبي بالعراق ولدعم مليشيات الحشد المنضوية تحتها، حتى في اليمن عبرت قطر عن موقفها الداعم لإيران والمناهض للتحالف العربي الذي يقاتل حلفاء طهران في اليمن.

وأضيف إلى ذلك إيواء وحماية هذا النظام لأغلب المنتمين لجماعة الإخوان الارهابيه وقياداتها وهو يعلم تورطهم صدور احكام جنائية ضدهم في قضايا حرق وتفجير ودماء سالت لشهداء من خيرة واطهر أبناءنا وهو ماجعله شريكآ لهم في كل جرائمهم وإرهابهم واثارة الفتن بين أبناء شعوب المنطقة بل وبين أبناء الوطن الواحد  كل ذلك ربما يفسر ولو جزء بسيط من الكره الذي بات يحمله الجميع في المنطقة تجاه النظام القطري، وأعتقد أن قرار عزل قطر وقطع العلاقات معاها كان قرارا صائبا وحكيما.. نعم كان لا بد من التعامل بحزم مع تصرفات تميم الهوجاء والحمقاء، وربما تكون المقاطعة العربية بداية لمقاطعة عالمية لهذا النظام الإرهابي. الذي لطالما صبرت مصر والمصريين عليها لعله يتراجع عن حماقاته ولكنها لم تنتهي وهو ما دفع مصر ونظامها الذي تعامل مع تلك الحماقه بغاية الوعي والدهاء وهدوء يحسد عليه وتركته يلف الحبل بنفسه حول عنقه ويشنق نفسه سياسيًا لينكشف أمام العالم الذي أصبح مع اَية أعمال تفجير أو تخريب يشير بأصابع الاتهام فورا إلى قطر وهو ما يحسب للرئيس السيسي والخارجية المصرية، فهما تعاملا بحق ببراعة في هذا المشهد الغاية في الصعوبة ورسما لفأر قطر طريق يعلمون انه سيسلكه ووضعوا له المصيدة ودخلها بحماقته ورعونته دون ان يدري ان السيسي لم يستدركه فقط بل جلس هو العالم أجمع يشاهدونه وهو يدخلها وتغلق ابوابها عليه وعلي بلاده

فعلى مدار 5 سنوات كنت اتساءل دوما كيف نظل نردد أن قطر تدعم وترعى الارهاب ونقدم الأدلة الدامغة على ذلك، ثم نعود إلى مقاعدنا لنعود في الغد لنكرر ما قولناه ونقدم ما قدمناه، وكنت أرى حينها وحتى وقت قريب أنه لابد وأن يكون الحديث عن ماذا تريد قطر؟ وماذا نحن فاعلون مع طموحات وتحركات الدوحة؟ وكيف نوقف شلالات الدم المنهدرة؟  وكيف ننقذ 3 دول عربية من التقسيم والتفتيت؟ كل ذلك في الحقيقة تم الآن وقادت مصر الدول العربية لمقاطعة الدوحة وعزلها إقليميا وربما دوليا في القريب العاجل.

محمد مصطفى كشك
عضو الهيئة العليا وأمين عام حزب مصر أكتوبر بالدقهلية