في ذكرى ميلاده.. مذكرات سليمان نجيب التي لم تخرج إلى النور!

الفجر الفني

سليمان نجيب
سليمان نجيب


نبوءته بعدم تخطيه عمر الـ٦٠ عاما، كانت باعثًا له حتى يقضي ٥٦ عاما بنشاط دائم، وطموح قوي للوصول إلى هدفه ليصبح فنانا، إنه سليمان نجيب، الذي يصادف اليوم الأربعاء، ذكرى ميلاده في ٢١ يونيو عام ١٨٩٢، حيث شغلته حياته العملية عن استقراره الشخصي، فامتنع عن الزواج في شبابه بسبب فقره، ثم امتنع عنه مع تقدم العمر، بسبب تخوفه من الارتباط بزوجة لا تقدر عمله الفني والإداري، وسيطرة "النكد" على حياتهما الأسرية، وكان يعتقد أن جميع النساء مناكفات ومخالفات.

 

انتمى "نجيب" لعائلة مرموقة، فوالده هو الأديب الكبير مصطفى نجيب، والذي تولى تعليمه وتثقيفه حتى تربى على القيم والأداب الصحيحة، وبالرغم من رفض عائلته لخوضه المجال الفني، لكن حب التمثيل سيطر على أفكاره، وبدأ حياته الفنية بكتابة المقالات في مجلة الكشكول الأدبية، تحت عنوان مذكرات عربجي منتقدا ثورة ١٩١٩، وأثناء دراسته في كلية الحقوق، التحق بالمسرح ليمارس موهبته الفنية على الواقع، واستمر في العمل به بعد تخرجه من الكلية، وعمله بوظيفة حكومية.

 

عشقه للفن لم يمنعه من طموحه الغير محدود، فبعد شغله لوظيفة سكرتير وزارة الأوقاف، سافر إلى تركيا وعمل بالسلك الدبلوماسي كقنصل لمصر في السفارة المصرية بمدينة إسطنبول، ثم عاد إلى مصر والتحق بوظيفة سكرتير وزارة العدل، وكان يراوده تفكير بكتابة مذكراته الخاصة بالوزراء الذين تقلبوا في عهده بوزارتي الأوقاف والعدل، والتي تضمنت الكثير من الأسرار والخبايا عن الوزارتين، لكنه توفيّ قبل إخراج تلك المذكرات إلى النور.

 

استطاع "نجيب" شغل وظيفة رئيس دار الأوبرا المصرية في القاهرة، والتي سُميت وقتها بـ"دار الأوبرا الملكية"، وكان أول مصري يتولى هذا المنصب منذ افتتاح الأوبرا، كما أنه نجح في إدارتها بحزم، والتطوير من نشاطاتها الفنية وتوجيهها نحو الغاية المثلى، وحصل على لقب "بك" في عهد الملك فاروق، وجمعته الصداقة بالزعيم مصطفى كامل، كما تميز بالصدق والجراءة والوفاء، وفصاحة اللسان.

 

اشترك "نجيب" في ما يقرب من ٤٠ مسرحية بين التمثيل والتأليف، وله من الأفلام ما يقرب من ٥٢ فيلما، ومن أشهرها، فيلم غزل البنات عام ١٩٤٩، حيث جسد دور سعادة الباشا مراد، وقد أدى هذه الشخصية بكل ارستقراطيتها مع خليط من طيبة القلب، وخفة الدم الفطرية لديه، فلم يكن متشدقا ولا مبالغا في الأداء، مما يطيح بعذوبة الشخصية فاستحق بذلك النجومية الفذة في ذلك الفيلم، ووافته المنية في ١٨ يناير عام ١٩٥٥، وأوصى بذهاب ثروته إلى دار الأوبرا المصرية قبل وفاته.