أحمد سامي يكتب: ظاهرة مقلقة.. متسولون بدرجة زبالين

ركن القراء

أحمد سامي
أحمد سامي


المكان.. شارع الملك فيصل محافظة الجيزة، الزمان.. شهر رمضان وما قبله وما بعده إن شاء الله، الحدث.. مجموعة كبيرة من المواطنين يرتدون زي جامعي القمامة، من كثرتهم لا تجد بدًا من أن تسب وتلعن وتضرب أخماسًا في أسداسٍ بسبب القمامة المنتشرة في أرجاء الشارع الرئيس والمتفرعات منه.

 

للوهلة الأولى يعتقد البعض، أنهم بالفعل جامعي قمامة، ولكن إذا أمعنت النظر ستجد ما يفضح أمرهم فهم ينتشرون قبل الإفطار وبعده وعقب انتهاء صلاة التراويح، عكس المواقيت التي تخرج فيها السيارت التابعة لهيئة النظافة، صباح كل يوم وقبل الثانية عشرة صباحًا، كل خمسون مترًا تقريبًا تجد واحدًا منهم، وهذا عدد كبير بالنسبة لشارع فيصل، رؤوسهم مسجاة بقبعة تغطي النصف الأعلى إلى حاجب العين، تكاد تخفي معالم وجوههم، يلتفوتون يُمنة ويسرة كالهارب الذي يخاف أن يفتضح أمره ويتعرف عليه الناس، كأنهم يريدونك أن تشك في أمرهم، وتتأكد أنهم منتحلي صفة، ثيابهم على غير العادة نظيفة جدًا وعليها آثار الطي لم تمسسها ذرة غبار أو بقعة اتساخ من آثار سحب صندوق قمامة أو رفع أكوام فضلات طعام وغيرها من مخلفات المواطنين.

 

يجوبون الشارع من أوله حتى آخره، مجموعة على اليمين وآخرى على اليسار، وثالثة في منتصف الشارع على الرصيف، يسيرون بالتوازي، يسألون هذا ثم الذي يليه ثم الذي يليه إلخ...... لا يتركون سائق سيارة ولا مار إلا يستوقفوه ويسألوه مالًا، مشهد عبثي في إطار فنون التسول التي نضج أباطرتها في الفترة الأخيرة وأبدعوا، بداية من الرعيل الأول الذين كانوا يفترشون الطرقات يسألون الناس، مرورًا بالسير في وسائل المواصلات بمناديل أو حفنة من "لب" أو فول سوداني إلخ.. ومرورًا بادعاء المرض واستخدامهم كرسي متحرك إيهامًا للمواطنين بأنهم مرضى ويعانون إعاقة وفي نهاية اليوم تجدهم يسيرون بشكل طبيعي يأكلون من أفخم المحال ولديهم أرصدة في البنوك وأملاك بالملايين، حتى ابتداع فكرة أن لديه مريض يرقد في المستشفى ويقف علاجه على مبلغ من المال، أو أنه يريد السفر وسرقت جعبته أو ليس معه المال الكافي.

 

ظاهرة المتسولين بزي جامعي القمامة، قميئة جدًا واستفحلت وتفاقمت بشكل لافت ليس في محافظة الجيزة وشارع فيصل فقط، بل طالت محافظة القاهرة، لدرجة أن المهندس عاطف عبد الحميد محافظ القاهرة شدد على رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة بالتصدي لقيام بعض عمال النظافة، أو من ينتحل صفتهم بالتسول خلال شهر رمضان والعيد، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد عمال الهيئة بتحويلهم للتحقيق وتوقيع الجزاءات اللازمة عليهم، وإحالة من يدعي صفتهم للجهات الأمنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم لإساءتهم لصورة عمال الهيئة الملتزمين.

 

هذه الظاهرة لا بد من محاربتها والقضاء عليها ومعاقبة كل من انتحل صفة جامع القمامة لما للإساءة لهذه المهنة العظيمة التي هي من أنبل المن على وجه الأرض، وهي النظافة والجمال، لأن الله جميل يحب الجمال، والنظافة من الإيمان..

 

مهنة "جامعي القمامة"، مهنة عظيمة جدًا، ولا تأخذ حقها في مصر، والعاملين بها ظروفهم الاقتصادية صعبة جدًا - بعكس الدول الأخرى التي تعتني بهم جيدًا - ولكن معظم جامعي القمامة مستعففين لا يسألون الناس إلحافًا، منكفئين على عملهم حتى ينتهوا منه يتركون ورائهم منظرًا يسُر الناظرين، فأشد على يد المسؤولين أن يتحركوا للقضاء على هذه الظاهرة، وألا يتركوا هؤلاء المتسولين يشوهون هذه المهنة العظيمة، وأن يضعوا حدًا لها.