كودية الزار.. "الدراما كرهت الناس فيها"

العدد الأسبوعي

محررة الفجر مع كودية
محررة الفجر مع كودية الزار


اتهمت سمية الخشاب بأنها أساءت إلى المهنة وشوهتها

■ أغلب زبائنى من مشاهير الفن والسياسة.. وأقمت حفلات فى أغلب بلدان العالم

■ أنا آخر «كودية زار» فى مصر


الست مديحة أبو العلا محمد، أو «كودية الزار»، كما تحب أن يطلق عليها، تبلغ من العمر 67 عاما، لكنها تبدو فى عمر الـ40 فقط، يغلب على بشرتها سمرة شابات صعيد مصر، ويظهر على ملامحها حدة تعكس قوة شخصيتها وصلابتها التى من الممكن أن تشير إلى ردود أفعال غير متوقعة، عند التحدث معها بعبارات قد لا تعجبها.

تناجى «سيدة الزار»، أو «الكودية» فى حفلاتها أسماء ليست مألوفة مثل «بنى مامه»، تدعوهم للوقوف بجوارها، وتخفيف الآلام عنها، كما تنادى على من تدق له الزار، حتى تتخيل أنها تستحضر جناً سفلياً، عندها تتزايد ضربات قلبك مع دقات طبول فرقتها، وتنتابك أحاسيس لا تعلم هل هى مشاعر خوف، أم طاقة جديدة تجتاحك، وتتبدد تلك المشاعر عندما تبدأ «مديحة» بذكر النبى محمد صلى الله عليه وسلم.

بدأت مديحة «أم سامح»، حديثها مع «الفجر» بالتأكيد على أن الزار فن من الفنون الفلكلورية، ولا يمت بصلة لما تقدمه الدراما التليفزيونية عنه، تقول إن الدراما تشوه صورته بتقديمه على أنه شعوذة ودجل، رغم أنه يُكسب القلب طاقة إيجابية، مليئة بذكر الله.


■ هل شاهدت مسلسل "الحلال" الذى تقوم ببطولته الفنانة سمية الخشاب؟ وهل يمثل واقع كودية الزار أم لا؟

- نعم شاهدت المسلسل، وهو للأسف لا يمت للواقع بصلة، سوى فى بعض الكلمات التى تستخدمها سمية الخشاب خلال المسلسل، فهى نفس الكلمات التى نبدأ بها حلقات الزار، ولأن «الناس العاملين بالزار غلابة فبيضحكوا عليهم وينقلوا صورتهم بشكل خاطئ»، بالإضافة إلى أن سمية الخشاب ظهرت بالمسلسل ولها علاقات عديدة بالرجال، وهذا مستحيل أن تجده فى حياة كودية زار، وهذا ما يغضبنا من الدراما المصرية التى تجسد دور الزار، والعاملين به بصورة مخيفة وبشعة، يكرهها الناس على عكس الواقع تماما.


■ متى بدأت العمل كودية زار، وممن تعلمت المهنة؟

- بدأت العمل بالزار عندما كان عمرى 11 عاما، ورثت المهنة عن والدتى، التى ورثتها عن جدتى، عائلتنا امتهنت دق الزار منذ سنوات طويلة، وهى مهنة لا يمكن العمل بها دون أن تحبها، فلدى شقيقات لم يستطعن العمل بها، أنا أحببت دق الزار مثلما أحبته أمى، ولدت فى منزل يدق به الزار يوميا، ويأتيه السيدات من كل مكان.


■ كم كان أول مبلغ حصلت عليه من عملك بالزار؟ وكم يبلغ دخلك منه حاليا؟

- أول مبلغ 5 صاغ، وكان مبلغاً ضئيلاً جدا وقتها، لكن حبى للزار أعمانى عن المال، ولا أحب الحديث عن دخلى حاليا، هذه أرزاق والحمد لله مستورة.


■ هل أنت متزوجة؟

- نعم، وزوجى على المعاش ولدى بنت وولدان، أحدهما كهربائى، والثانى عامل باليومية، والبنت ربة منزل، ولا أحد فيهم يعرف شيئا عن فن الزار، لم يحبوه ولم يعملوا بالمهنة.


■ هل يوجد "كوديات زار" غيرك فى مصر؟

- نعم، لكننى أقدم كودية زار فى مصر، وفرقتى هى آخر فرقة زار فى مصر، لأن أولادنا لم يحبوا المهنة، وبموت أفراد فرقتى ينتهى فن الزار.


■ لماذا تم إطلاق اسم رئيسة الزار عليك؟

- أنا أكبر العاملين فى الزار سنا حالياً، ولهذا أطلقوا على رئيسة الزار، أعضاء فرقتى من جميع أنحاء الجمهورية، وهم آخر من يتقن فن الزار.


■ ما شعورك عندما تبدئين دق الزار، وكيف يكون شعور من تدقين له؟

- لا أستطيع وصف حالتى عندما أبدأ دق الزار، أشعر بالهيام فى دنيا الله وأوليائه الصالحين، ومع الرسول صلى الله عليه وسلم وأحفاده الحسن والحسين، ومع السيد البدوى والسيدة زينب وغيرهم.

أما من يُدق لهم الزار فيشعرون بطاقة إيجابية تملأ أرواحهم، وراحة نفسية، والقرب من الله، والشفاء من أى طاقة سلبية.


■ عُرف عن الزار أنه نوع من الشعوذة، ومحاولة للتقرب من الجن؟

- هذه قصص اختلقتها عنا الدراما التليفزيونية، التى طالما قامت باستئجار فنانى زار من أجل الدق، وإظهارهم بتلك الصورة السلبية.


■ وهل يتم ذبح أضحية أثناء الزار؟

- نعم نذبح أضحية، وكل بنى آدم حسب قدرته فى ذلك، لأنها تذبح فى سبيل الله، وللتودد له.


■ من يستدعيك حاليا لدق الزار؟

- أعمل فى مكان دائم ثلاثة أيام أسبوعيا، والكثيرون يستدعوننى لمنازلهم طوال الأسبوع، فهناك الكثيرون يعلمون ما نقوم به، ويتصلون بى هاتفيا، طالبين منى الذهاب لمنازلهم، ومنهم مشاهير فى الفن والسياسة، لكن هذه أسرار لأنهم لا يريدون أن يعلم أحد عنهم شيئا، لكننى لم أذهب لأحد من المشاهير منذ أكثر من عام بسبب سفرى خارج مصر.


■ أين هو المكان الذى تدقين فيه الزار حاليا، وكيف تم الاتفاق معك على ذلك؟

- قابلت الدكتور أحمد المغربى بجوار مسرح البالون صدفة، منذ عدة أعوام، حينها كان أحد الأشخاص يتفق معى على الدق فى منزله، وعندما طلب منى الدكتور أحمد العمل معه فى «مكان» لتقديم أشكال جديدة من الفلكلور الشعبى مثل الجعافرة والزار وافقت، وأعمل معه فى «مكان» منذ فترة.


■ هل سافرت خارج مصر من قبل؟ وما الدول التى قمت بزيارتها؟

- سافرت إلى بلاد عديدة عن طريق «مكان»، مثل فرنسا ولبنان وبولندا والسويد والدنمارك، وغيرهم من الدول، وفى تلك السفريات استدعانى أجانب لدق الزار فى منازلهم، وقد عدت إلى مصر منذ أقل من شهر، بعد جولة استغرقت 6 أشهر، وأغلب حضور حفلاتى حاليا من الأجانب، والشخصيات العامة.


■ من هم «بنى مامه» الذين تناجيهم فى حفلاتك؟

- «مامه» هى مصر التى أتمنى أن أراها أحسن دولة فى العالم، ليس لى أى ارتباط بالسياسة لكنى أحبها مثلما يحبها كل المصريين، «مامه» هى أيضا الأم، هى أمهاتنا وأمهات المؤمنين، أقصد بـ»بنى مامه» كل الأمهات، وكل شىء جميل فى مصر، وهى تعبير عن لغة من اللغات التى نستخدمها فى الزار.


■ ما أنواع الزار؟

- هناك أكثر من نوع، منها الزار السودانى، والزار المصرى، والأخير يضم أغنيات تعبر عن رحاب أولياء الله الصالحين، وعن حياتنا اليومية باللغة العامية، ونقدمها بالطبول الجلد.


■ هل تصادف أن خاف زوجك مثلا أو جيرانك من عملك؟

- أعمل بالزار منذ أكثر من 50 عاما، وطوال تلك المدة والجميع يعاملنى معاملة حسنة، سواء الجيران، أو الأهل و الأقارب، وزوجى وأولادى فخورين بى، زوجى يحبنى ويعاملنى دوما كأننى عروسة، ويساعدنى فى أعمال المنزل بكل حب، خاصة بعد وصوله لسن المعاش.

مهنتى لا تسىء لأحد ولا تؤذى أحداً، بل أساعد الناس على الوصول للراحة النفسية، والتخلص من مشكلاتهم ومتاعبهم النفسية، ولدى مريدون من كل بلاد العالم، ومن كل الطوائف وطبقات المجتمع، فلا يوجد مبرر للخوف منى أو معاملتى معاملة سيئة.