اختراق "تى إى داتا" وتسريب 13 مليون دقيقة مكالمات

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


الرقابة الإدارية والكسب والأموال العامة تكشف أخطر قضية أمن دولة عليا

■ المتهم مسئول الأمن الرئيسى بالشركة هرب إلى أمريكا ومعه 60 مليون جنيه رشوة «كاش»

■ ثروته: قصر فى الرحاب بـ37 مليوناً فى جمعية أحمد عرابى ومزرعة وشاليه بالساحل الشمالى


حصلت «الفجر» على نص التحقيقات فى القضية المتهم فيها مسئول أمن إدارة المعلومات بالشركة المصرية لنقل البيانات «تى إى داتا» بالحصول على كسب غير مشروع بـ60 مليون جنيه، وقصور وفيلات وعقارات، مقابل استغلال وظيفته ووضع مخطط لتمرير قرابة 13 مليون دقيقة مكالمة لجهات وشركات داخل مصر وخارجها، تقدر قيمتها بنحو 270 مليون جنيه.

القضية حملت رقم 3 لسنة 2017 جنايات كسب غير مشروع، وأشرف على التحقيق فيها المستشار محمد أيوب، رئيس محكمة الاستئناف، رئيس هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع.


1- أمر إحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية ومخططه الإجرامى

انتهت التحقيقات إلى اتهام، «محمد. س. م»، هارب، مشرف أمن إدارة المعلومات بشركة «تى إى داتا» التى تساهم فيها الدولة بنسبة 80% من رأس المال، بأنه خلال الفترة من 15 إبريل 2010 حتى 28 نوفمبر 2015، حصل لنفسه ولزوجته «سمر. م. ح»، ولأولاده آدم ومريم ووليد، على كسب غير مشروع قيمته 58 مليوناً و774 ألف جنيه، حيث استغل محمد إشرافه على فريق تأمين شبكة المعلومات والأنظمة والمخول له حماية أنظمتها من أى اختراقات سواء كانت داخلية أو خارجية والمصرح له بإجراء أى تعديلات على الشبكة والأنظمة التى تعمل بها ولحمايتها من الاختراقات أو تدوين أى بيانات غير صحيحة عليها.

واتفق محمد مع مسئولى بعض الشركات داخل وخارج البلاد وسمح لهم بالدخول على أنظمة الشبكة الخاصة بالشركة، وتحميل بعض التطبيقات التى تسهل عملية تمرير المكالمات الصوتية عبر الإنترنت بطريقة غير مشروعة بإجمالى 215 مليون دقيقة، وحصل فى المقابل على 58 مليوناً و774 ألف جنيه، ما ترتب عليه الإضرار بأموال ومصالح الشركة حيث تقدر قيمة المكالمات التى تم تمريرها بنحو 270 مليون جنيه.


2- تحريات "الرقابة الإدارية" قادت لاكتشاف الواقعة

ضمت تحقيقات القضية، أقوال شهود الإثبات البالغ عددهم 6 أشخاص فى مقدمتهم الشاهد الأول، خالد محمد حسنين، 34 سنة، عضو هيئة الرقابة الإدارية، التى قادت إلى اكتشاف الواقعة، حيث أقر الشاهد بأنه وردت إلى الهيئة معلومات تفيد باستغلال المتهم مهامه الوظيفية لتمرير مكالمات دولية عن طريق شبكة الإنترنت، مقابل ملايين الجنيهات حصل عليها لنفسه وللغير، ما أدى للإضرار بمصالح الشركة المصرية لنقل البيانات، وكذلك الشركة المصرية للاتصالات المالكة لها.

وقال الشاهد إنه أجرى تحرياته حول الأمر، وتوصل إلى أن الشركة المصرية للاتصالات، تقدم خدمات الاتصالات الدولية من خلال البوابة الخاصة بها عن طريق المكالمات الصوتية العادية، وكذلك عن طريق نظام «VOIP» الذى يتيح لعملاء تلك الشركات إجراء اتصالات تليفونية من خارج مصر عبر الإنترنت إلى داخل مصر تنتهى على الهواتف المحمولة أو الثابتة من خلال أنظمة الشركة المصرية، وذلك بتحويل الاتصال من مكالمة عبر الإنترنت إلى مكالمة عادية، وتقوم الشركة المصرية للاتصالات بتحصيل مبالغ مالية من عملاء الشركة خارج مصر نظير عملية النقل ويتم سداد جزء من تلك المبالغ لشركات المحمول العاملة فى مصر والاحتفاظ بهامش ربح لها.

وأضاف الشاهد إن المتهم هو المسئول الأول والرئيسى، عن أمن الشبكات والمخول له حماية أنظمة الشبكة الخاصة بتمرير المكالمات الصوتية الدولية عبر الإنترنت من أى اختراقات سواء كانت داخلية أو خارجية، وهو الوحيد الذى يضع الاستراتيجية والسياسات الخاصة بالشركة، أى أنه يحول بين أى شخص سواء كان داخل الشركة أو خارجها والدخول على الشبكة، وهو الوحيد الذى يمكنه فى حالة هذا الاختراق أن يعلم من المخترق وكيفية حماية الشركة من هذا الاختراق. وأكدت التحريات أن المتهم اتفق مع مسئولى بعض الشركات داخل وخارج البلاد، على السماح لهم بالدخول على أنظمة الشبكة لتحميل التطبيقات التى تسهل عليهم عملية تمرير المكالمات الصوتية عبر الإنترنت بما يزيد على 215 مليون دقيقة،

وحصل فى المقابل مع آخرين على 14 مليون دولار أى نحو 270 مليون جنيه، وسمح المتهم لهؤلاء الأشخاص بالدخول على أنظمة الشركة من خلال الإفصاح عن بيانات مهمة تخص الشركة لا يمكن لأحد الاطلاع عليها منها كلمات المرور «Pass Word»، وكذلك عناوين الإنترنت «ID Address» الخاصة بتلك الأنظمة.


3- المتهم من أسرة فقيرة وأخفى الأموال فى "مخدات السرير"

كشفت تحريات الرقابة الإدارية أن المتهم متزوج من «سمر. م. ح»، ومن أسرة ليست ميسورة الحال، وما لديه من ممتلكات تعود لأرباح جرائمه لأنه ليس له مصدر دخل خلاف عمله بالشركة.

التحريات ذكرت أن المتهم هرب فى 28 نوفمبر 2015 هو وزوجته إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد اكتشاف الواقعة، وفى 9 يناير 2016، عادت الزوجة لبيع ممتلكاته داخل مصر، لتهريب قيمتها إلى خارج البلاد، حيث كانت الزوجة تحتفظ بمستندات ملكية العقارات وفيلات وقصور، وكذلك مبالغ حصلت عليها من بيع بعض ممتلكات زوجها بالمنزل الكائن فى العمارة رقم 11 مجموعة 27 بالرحاب – شقة 21، وكذلك مرزعة بأرض جمعية أحمد عرابى.

وتقدم الضابط مجرى التحريات بطلب لهيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع، فى 22 مارس من العام الماضى لتفتيش المسكن والمزرعة لضبط أى أوراق أو مستندات أو أى أشياء تتعلق بجريمة الكسب غير المشروع، أو تفيد فى الكشف عنها، وأذنت له هيئة الفحص بذلك، ليتم تنفيذ الإذن فى اليوم التالى مباشرة وذلك فى وجود زوجه المتهم ووالدها. وأسفر التفتيش عن كشف عدة أمور وضبط العديد من المستندات، كانت عبارة عن شيكات بنكية لصالح المتهم، واستمارة حجز وحدة سكنية بمشروع الأسمرات التابع لشركة «عباد الرحمن»، والبالغ قيمتها 476 ألفاً و800 جنيه، وحسابات بنكية بالجنية والدولار واليورو، ومراسلات من مدرسة «الشويفات الدولية» بتلقى أبناء المتهم تعليمهم بالمدرسة مقابل 140 ألف جنيه للطالب الواحد. تم العثور على 57 ألف دولار «قرابة مليون و550 ألف جنيه»، بخلاف، رخصة سيارة ماركة «هيونداى 35×1» موديل 2015 باسم المتهم، كما تبين أن المزرعة المشار إليها تبلغ قيمتها 30 مليون جنيه، ويملك أيضاً وحدة سكنية رقم 36 عمارة 7 مجموعة 100 بمدينة الرحاب بالقاهرة الجديدة، ووحدة سكنية رقم 2 عمارة 6 مجموعة 27 بمدينة الرحاب، بجانب أموال بحسابات الزوجة. وأكدت التحريات والمصادر الموثوق بها اشتراك محمد وسعاد والدى زوجة المتهم، وكذلك زوجته، فى إخفاء ممتلكاته، حيث قام المتهم بالتنازل الصورى لوالد زوجته عن الوحدة السكنية فى العمارة رقم 11 مجموعة 27 بالرحاب – شقة 21، دون مقابل، كما كان يتم اتخاذ إجراءات التنازل عن الوحدة رقم 2 عمارة 6 مجموعة 27 بمدينة الرحاب، لوالدة زوجته، دون الحصول على أى مقابل. وتلقت زوجة المتهم تحويلات بمليون جنيه على حساباتها البنكية من زوجها بغرض إخفاء تلك المبالغ المالية من ممتلكاته.

وأعيت الحيل المتهمين فى إخفاء الأموال التى لم يستطيعوا حصرها أو إخفاءها فوضوعوها داخل «مخدات السرير»، حيث لاحظ من قاموا بتفتيش المنزل ثقل وزن المخدات، وآثار لخياطة يدوية بها، وبمجرد فتحها تبين وجود 49 ألف دولار داخلها، و8 آلاف دولار داخل طابعة أوراق.


4- لجنة خبراء حسابيين لفحص ثروة المتهم عقب تحريات "الرقابة"

شكل رئيس هيئة الفحص والتحقيق، لجنة خاصة بالخبراء الحسابيين، برئاسة الشاهدة الثانية نهلة عبدالله حسن النحال، 55 سنة، رئيسة خبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة، وعضوية الشاهدين الثالث محمد على مصطفى حمودة، 42 سنة، خبير حسابى، والرابع عبدالعليم عبدالمجيد كساب، والخامس أحمد عبدالفتاح غازى، 50 سنة، خبير قضائى، لفحص الذمة المالية للمتهم فى ضوء تحريات الشاهد الأول، عضو هيئة الرقابة الإدارية.

وجاء تقرير اللجنة، أنه بفحص مصادر دخل المتهم وعناصر ذمته المالية وذويه فى ضوء المستندات المرفقة، خلال الفترة من إبريل 2010 وحتى أغسطس 2016، تبين وجود تضخم فى ثروة المتهم ووجود مصروفات غير معلومة المصدر، ووجود العديد من الممتلكات العقارية من وحدات سكنية وفيلات وقصور، وأن مصدر دخل المتهم من عمله لا يتجاوز 632 ألف جنيه شاملة الراتب والمكافآت والأرباح والحوافز.


5- قائمة ثروة المتهم وذويه من قصور وفيلات وشقق وتقييمها من الخبراء

كشف الشاهد السادس حسام عبدالعزيز صالح، 44 سنة، رئيس خبراء هندسى بإدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة، والذى تولى معاينة وفحص وتقييم العقارات والشقق والقصور والفيلات الخاصة بالمتهم وذويه، عن قائمة ثورة المتهم وذويه من قصور وفيلات وشقق وتقييمها.

وتبين أن الفيلا الكائنة بجمعية أحمد عرابى بمدينة العبور، ملحق بها حمام سباحة، وتقع وسط مساحة أكبر قدرها 7 فدادين و4 قراريط و7 أسهم، وتم شراؤها عام 2013 باسم المتهم ووالدته، بـ4 ملايين جنيه، وبنى المتهم مبانى أخرى بتكلفة 290 ألف جنيه، وتصل قيمة الفيلا حالياً لـ14 مليوناً و180 ألف جنيه، كحد أدنى، وهناك تقديرات أخرى لها وصلت لـ30 مليون جنيه.

وبالنسبة للوحدة السكنية فى العمارة رقم 11 مجموعة 27 بالرحاب – شقة 21، فاشتراها المتهم فى 8 أغسطس 2011، بمليون و250 ألف جنيه، وقام بتشطيبات بـ76 ألفاً و500 جنيه، وتصل قيمتها الحالية لنحو 2 مليون و142 ألف جنيه.

أما الشقة رقم 16 بالعقار رقم 322 بقرية «بشيب» بالساحل الشمالى بالكيلو 179، فاشتراها المتهم فى 26 إبريل 2012، من شركة «إيافا مالك السياحية» بـ340 ألف جنيه، وتبلغ قيمتها الحالية 600 ألف جنيه، أما الشقة رقم 36 عمارة 7 مجموعة 100 بمدينة الرحاب بالقاهرة الجديدة، فاشتراها المتهم فى 26 أغسطس 2012 بـ700 ألف جنيه، وتبلغ قيمتها الحالية مليونًا و260 ألف جنيه، فيما اشترى شقة بمشروع «الأسمرات» التابع لشركة «عباد الرحمن»، بـ476 ألفًا و800 جنيه، وتبلغ قيمتها الحالية 800 ألف جنيه.

وبالنسبة للقصر الكائن بناحية الرحاب والمقام على القطعة رقم4 مجموعة 18 بمساحة 1200 متر، فقد اشتراه المتهم عام 2014، وأن قيمة الأرض فى ذلك الوقت بلغت 9 ملايين و608 آلاف جنيه، وأن المتهم قام بإنشاءات القصر عليها عامى 2014 و2015، بمبلغ 3 ملايين و456 ألف جنيه، ومن ثم انتهى أن إجمالى المصروفات عليه 13 مليوناً و64 ألف جنيه، وتقدر قيمتها الحالية بمبلغ 37 مليوناً و440 ألف جنيه كحد أدنى.

وتبين امتلاك المتهم للشقة رقم 41 الدور الرابع علوى بالعمارة رقم7 المجموعة 10 بمدينة الرحاب، باسم زوجة المتهم، واشترتها عام 2012 بـ700 ألف جنيه، وتصل قيمتها الحالية لمليون و44 ألف جنيه.

ويصل مجموع ثروة المتهم العقارية لـ57 مليوناً و466 ألف جنيه، وإجمالى قيمة الكسب غير المشروع بعد إضافة المبالغ المضبوطة بمنزل المتهم وقيمة السيارة الهيونداى يكون 58 مليوناً و774 ألف جنيه.


6- المتهم يعرض التصالح على «الكسب»

كشفت تحقيقات القضية عن ثبوت قيام المتهم بارتكاب جريمة التربح، من خلال تمرير المكالمات الدولية عبر الإنترنت بما قيمته 14 مليوناً و512 ألفاً و690 دولاراً، قرابة 270 مليون جنيه.

وحضر المحامى ياسر محمد كمال الدين، وكيلا عن المتهم، إلى جهاز الكسب غير المشروع، وأبدى رغبته فى التصالح وإنهاء الدعوى صلحاً من خلال تقديم طلب تصالح عارضاً فيه التنازل عن جميع الأصول العقارية التى انتهت إليها لجنة الفحص لصالح الدولة ممثلة فى إدارة الكسب غير المشروع، ولكن الشركة رفضت طلب التصالح، حيث قدرت الأضرار التى لحقتها بـ270 مليون جنيه، قيمة تمرير 215 مليوناً و595 ألفاً و296 دقيقة اتصالات.