سارة إبراهيم تكتب: "جواب اعتقال".. نهاية الإرهاب التي يتمناها المصريون

الفجر الفني

سارة إبراهيم
سارة إبراهيم


"الطاووس".. هو اللقب الذي منحته الجماعة الإرهابية، لـ (خالد الدجوي) الذي يجسده النجم محمد رمضان، ضمن أحداث فيلم "جواب اعتقال"، نظرا لتميزه بالقوة والدهاء في تنفيذ العمليات الإجرامية، التي تُنظَّم تحت شعار "الجهاد في سبيل الله"، ولهذا السبب أصبح الدجوي، بمثابة وزير الدفاع، والمسئول الأول عن حماية الجماعة، بتسميم أفكار مجموعة من الشباب، وتطويعهم لتنفيذ أوامره، بالرغم من رفضه التام لانتماء شقيقه الوحيد (أحمد)، إلى أفكار قيادات جماعته أو التأثر بها.

 

خالد الدجوي، لم يكن الإرهابي المتعارف عليه في حياتنا، الذي لا يكفر بدين الله، وسنة رسوله الكريم فقط، بل يكفر بجميع المشاعر الإنسانية التي كرم الله بني أدم بها، ولكننا نجد أن (الدجوي) يعاني أزمة حقيقية تكمن في داخله، بدايتها هي رغبته في التخلص من عقدة كونه "ابن الخدام"، حيث كان أبوه فقيرًا واختار العمل كخادم لبعض المشايخ الذين تبنُّوا (الدجوي) في طفولته، ونجد نقطة ضعف أخرى في حياته، وهي حبه لابنة عمه (فاطمة) بالرغم من رفضها الدائم للزواج منه، ومواجهته بحقيقته بطريقة جارحة.

 

"مصر فيها خير أجناد الأرض ومذكورة في القرآن".. جملة رددها الضابط (محمد عبدالعزيز) إياد نصار، أثناء حواره مع (الدجوي)، ليؤكد له أن الجيش والشرطة قادران على الإيقاع بكل إرهابي تخفَّى في رداء اللعب بعقول البشر باسم الدين، ولكن جاء رد (الدجوي) على جملته، بسؤاله: "تقدر تقولي مذكورة كام مرة في القرآن؟"، وعدم قدرة الأول على الإجابة، تجسيدا لنظرة الكثير من أبناء الشعب السيئة إلى رجال الشرطة، وعدم ثقتهم الدائمة في كلامهم، حتى لو كان منزل بالقرآن.

 

أزمة اجتماعية استعرضها "جواب اعتقال"، تكمن في تغييب عقول الشباب وتسييرها وفق أهواء القيادات الإرهابية، باستخدام جميع الإغراءات الممكنة، سواء بالمال أو السلطة، أو إقناعهم بأن أفكارهم هي السبيل إلى الجنة، مستغلين الظروف الاقتصادية السيئة، والتحاق الشباب بالوظائف الحكومية، التي أوضح (الدجوي) أن "مرتبها بيخلص قبل ما ييجي"، في حواره مع شقيقه (أحمد)، مما دفعه إلى الارتماء في أحضان الجماعة التي قامت بتربيته على أفكارها، حتى ينال لقب "إرهابي".

 

صراع طويل بين الشرطة والإرهاب، شهدته مصر منذ عشرات السنين، وثمة صراع أخر يوجد في أعماق تلك القيادات، وهو ما تبين في المشاهد الأخيرة من الفيلم، عندما قرر (الدجوي) الانقلاب على جماعته، وكان رد فعلهم هو محاولة التخلص منه، ولكن انقلب السحر على الساحر، فقام هو بالتخلص منهم، ثم تحققت عدالة السماء، واستطاعت الشرطة الإمساك به وقتله، في مشهد اختلف كثيرا عن الواقع الذي نعيشه، حيث يتمنى المصريون أن تكون هذه هي نهاية الأعمال الإرهابية، التي يشهدها الشارع المصري كل يوم.

 

والحقيقة أن "جواب اعتقال" نجح في الدخول إلى أعماق عالم الدين والسياسة، واستعراض الأسباب الحقيقية وارء السيطرة على عقول الشباب، عندما يغيب علمهم الحقيقي بدين الله عز وجل، وعندما تتجاهلهم الدولة، فلم يجدوا سبيلا سوى الانصياع لرغبات "المنافقين"، أو الهجرة إلى الخارج، أو ممارسة البلطجة والسرقة وتناول المخدرات، فيصبح الإرهاب وسيلة لإثبات الذات، وهو ما نجح فريق عمل الفيلم في رصده، وعلى رأسهم محمد رمضان، إياد نصار، دينا الشربيني، سيد رجب، صبري فواز، محمد عادل، المؤلف والمخرج محمد سامي.