أسامة إفراح: الشباب هم من صنعوا استقلال الجزائر "مكة الثوار"

عربي ودولي

بوابة الفجر



في الخامس من يوليو، يحتفل شمال أفريقيا بذكرى استقلال الجزائر، صاحبة الأهمية الاستراتيجية الكبرى في منطقة المتوسط وأفريقيا، التي شاركت في دعم الكثير من حركات التحرر في دول عدة، بعد نيلها استقلالها.

عن التحول الذي طرأ على الجزائر بعد 55 عاما من الاستقلال، يقول أسامة إفراح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر: استقلال دولتنا، احتفالية لا تخص الجزائريين فقط، بل كل "الشعوب التي أثرت وتأثرت بالثورة الجزائرية بشكل أو بآخر"، وتابع: "يظل الجزائريون أثناء ثورتهم وبعد الاستقلال، مثالا يحتذى به لكثير من شعوب العالم، سواء في دبلوماسيتها، أو طريقة تعاملها الميداني عسكريا، من خلال حرب العصابات مع الجيش الفرنسي".

وأضاف إفراح أن الجزائر رفقة عدد من دول عدم الانحياز، مع مصر إبان حكم جمال عبد الناصر، كانت تمثل قوة تحدثت بلسان العالم الثالث، وعن ضرورة إرساء نظام دولي جديد، وكانت تسمى بـ"مكة الثوار".

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، تلقى تدريبه العسكري على يد "عناصر من جبهة التحرير الوطني، وجيش التحرير الوطني الجزائريين".

وأوضح أسامة إفراح أن الاحتفال بذكرى استقلال الجزائر، لا يخصها فقط، ولكن كل الشعوب التي تتقاسم تبجيل الحرية ونبذ الاستعمار، والإيمان بحق تقرير المصير، وهي "المعالم الرئيسية التي صبغت الدولة الجزائرية إلى يومنا هذا".

وحول تأريخ مسيرة كفاح الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي قال الباحث أستاذ العلوم السياسية أسامة إفراح إنه لا يمكن تلخيصه في عدة نقاط، ولكن هناك محاولات لذلك.

وأضاف أنه يجب غلإشارة إلى مقدار التضحيات التي قدمها الجزائريون، إذ "لا يمكن أن نلخص كل ذلك الكفاح والتضحيات في 7 سنوات من الثورة فقط"، موضحاً أن التضحيات تواصلت على مدى 132 عام من الاحتلال الفرنسي، بما حمله من "قتل ونهب للثروات، ومسخ للتاريخ وللجغرافيا، وللثقافة وللمعتقدات".

وأضاف إفراح أن هذا الكفاح كللته الثورة الجزائرية بشهدائها المليون ونصف، ومع الاستقلال الذي يحتفل به اليوم، "لا يمكن أن نغفل فيه كل المقاومات الشعبية، للأمير عبدالقادر الجزائري، والمقراني وغيرهما".

وأكد إفراح أن "أبرز ما في الثورة الجزائرية، قادتها الشباب"، الذين فجروا الثورة، وخاضوا مفاوضات مع فرنسيين متمرسين على السياسة كانوا شبابا، وهذا هو التحدي أيضاً، في أنهم خاضوا مفاوضات صعبة جدا مع واحدة من أكبر دول العالم في ذلك الوقت، وهو دليل آخر على أن "الرغبة في الحرية تخلق المعجزات".

وقال أسامة إفراح إن الجزائريين المتعلمين حينذاك، كانوا يعدون على الأصابع، "والآن مركز جامعي في كل ولاية، فالفرق شاسع جداً، من حيث مجانية الصحة وبدء توافر السكن".

وأكد إفراح، أنه يجب أن نعترف بأن "التطرف والإرهاب، والعشرية السوداء التي عاشتها الجزائر، ربما عطلت التنمية إلى حد كبير"، ولكن تفوقنا على التطرف والإرهاب في تلك الفترة هو ايضا انجاز.

وتابع، يجب أن "نثق في الشباب الجزائري"، وفي هذه الدولة التي تجاوزت اقتصادية وأمنية وسياسية عصيبة، ولذلك فهي قادرة على مواجهة كل تحديات المستقبل.

 ولفت إفراح إلى إن شكل الاستعمار تغير اليوم، إذ إلى جانب الاحتلال المباشر للأرض، فإننا أيضا في مواجهة  "موجات استعمار اقتصادي، ثقافي، فكري ومعرفي"، ومحاولات لضرب استقرار الدول وتفتيتها…لذلك فإن "معركة الشعوب من أجل حماية استقلالها صارت معركة يومية"، في وجه استعمار بنوايا قديمة ولكن بأشكال وأدوات جديدة".