منال لاشين تكتب: المال السايب فى شركات البترول

مقالات الرأي



■ هشام بليح مستشار للوزير وعضو فى 3 شركات منها ميدور وشركة تبرعت بـ500 مليون جنيه لحديقة الهانم

■ رئيس شركة بترول يستورد مواسير الحديد بالطائرة بتكلفة هائلة طمعا فى منصب أعلى

■ 60 نائبا عينوا 300 من أقاربهم فى 5 شركات فى عام واحد


تحت شعار الحكومة مش بابا ولا ماما واصلت الحكومة خفض الدعم على المواد البترولية ورفع أسعار أنبوبة البوتاجاز والبنزين والسولار.. بابا وماما قررا أن يتخليا عن أولادهما ونتعامل بسعر الدولار والمقاييس العالمية.. وبما أن الحكومة لم تعد لا بابا ولاماما.. والتعامل أصبح رسميا. فمن حقنا أن نراقب ونحاسب الحكومة على كل تصرف فى الخدمات البترولية وغيرها، لأن الحكومة تحتكر تقديم هذه الخدمات.. تعلن تكلفة هذه الخدمات دون رقيب أو مراجعة. إذا كنا هنتعامل رسمى وهندفع ثمن الخدمة عالميا.. فيجب أن نعامل الحكومة نفس المعاملة.. ونحاسبها حساب الملكين على طريقتها فى إدارة هذه الخدمات الاحتكارية.. ونطمئن أن إدارة هذه المشروعات تتم بكفاءة ورشادة اقتصادية.. ونتأكد أن الحكومة لا تسمح بإهدار أموالنا سواء من خلال الواسطة والفساد.. والأهم بأن كل المشروعات تدار بكفاءة اقتصادية وكل مليم يصرف فى موضعه. وكبداية لهذه الحملة قررت أن أبدأ بشركات البترول، وطبعا هذه البداية ليست من باب اضطهاد أو كره لشركات البترول أو من باب الحقد الطبقى على أبناء هذه الشركات وعلى دخولهم المرتفعة.. لا هذا ولا ذاك..ولكن من البديهى أن أبدأ بشركات البترول لأن الحكومة رفعت اسعار المواد البترولية..وكل يوم تقول لنا أسعارا جديدة وخيالية لتكلفة المنتجات البترولية.. لنبدأ بنماذج مجرد نماذج لما يحدث فى شركات البترول فى مصر خاصة شركات قطاع الأعمال العام أو الشركات التى يسهم المال العام بحصة فيها.

1

عزب للمحظوظين

لا يعرف معظم المصريين ولا النواب عدد شركات البترول العامة فى مصر..ولا يعرف الكثيرون منا سبب الزيادة المهولة فى عدد شركات البترول فى عهد وزير البترول المهندس سامح فهمى. ولكن ربما يعرف البعض أن السعودية وهى إحدى أهم الدول المنتجة للبترول لديها شركة واحدة لإدارة هذه الثروة. ولكن فى مصر ننظر لشركات البترول العامة باعتبارها عزبة يمكن تعيين المحظوظين والأقارب وأصحاب النفوذ فى هذه الشركات. خلال عام واحد وهو العام الماضى أحصيت عدد 60 نائبا بمجلس النواب تمكنوا من تعيين نحو 300 من أقاربهم ومعارفهم فى خمس شركات بترول.

قبل ثورة25 يناير كانت حصة كل نائب فى مجلس الشعب فى تعيينات شركات البترول من 3 إلى 5 من أقاربه والمحاسيب. وبالطبع النواب البارزين والأقوياء لهم حصص خاصة. وبالطبع البرلمان ليس الباب الوحيد للواسطة والتعيين فى شركات البترول فهناك منافذ كثيرة للواسطة. ولذلك نحن كمواطنين نتحمل تكلفة ورواتب ومكافآت آلاف العاملين فى هذه الشركات لمجرد إرضاء أكابر البلد. وهذا البند يزيد من التكلفة الفعلية لأسعار المواد البترولية. ولذلك يجب أن ندقق جيدا فى عدد الشركات وعدد العاملين بها. وأصحاب الحظوة فيها. ويجب ألا تهدر الحكومة أموالنا فى تعيين الحبايب والمحاسيب مما يرفع فاتورة أسعار المواد البترولية. فإذا كان المواطن سيدفع ثمن المواد البترولية بالسعر العالمى فيجب أن تدار هذه الشركات بالطريقة العالمية دون إهدار أموالنا. ولما وزير البترول المهندس طارق الملا يقول إن تكلفة أنبوبة البوتاجاز 115 جنيها، فمن حقنا أن نسأله عن نسبة فساد التعيين والإدارة والإهمال فى هذا السعر. ومن حقنا أن نسأله لماذا قام بتعيين مستشاره هشام بليح فى عضوية مجالس ثلاث شركات بترول كبرى وعلى رأسها شركة ميدور.. أنا لا أملك التشكيك فى كفاءة الرجل ولكن أملك أن أسئله لماذا اختار أن يمنح الرجل ثلاثة مناصب فى مجالس ثلاث شركات؟، وما هى الدخول والمكافآت التى يحصل عليها مستشار الوزير وغيره من رجال الوزير؟ لأننا ببساطة نتحمل آثار كل هذه التصرفات من فلوسنا وحياتنا وشقانا.

2

إهدار فوق الوصف

لم أكن أرغب فى ذكر اسم هشام بليح ولا ذكر أى أسماء لأننى أتحدث عن طريقة فى الإدارة. ومستشار الوزير مجرد نموذج لهذه الإدارة.

سأذكر نموذجا آخر ولكنه أكثر استفزازا.. مرة أخرى لا يهمنى اسم الشركة ولا رئيسها.. ولكن يهمنى طريقة الإدارة التى تؤدى إلى إهدار ملايين الدولارات.

رئيس إحدى الشركات العامة قرر أن ينتهى من أحد المشروعات بسرعة. والتسريع فى المشروعات - فى حد ذاته - هدف نبيل، ولكن بشرط ألا يؤدى إلى ارتفاع فى تكلفة المشروع. رئيس الشركة أراد أن ينال رضا الوزير وربما اللى فوق الوزير. فقرر أن يستورد المواسير والخامات الحديدية التى تستخدم فى المشروع بالطائرة بدلا من السفن..مرة أخرى قرر أن يستبدل النقل البحرى بالنقل الجوى. وسأترك لكم تصور التكلفة الإضافية وبالدولار لنقل أطنان من الحديد بالطائرة. هذا نموذج مفزع لنوعية الإدارة، ونحن نتحمل أعباء وتوابع أو بالأحرى كوارث هذه النوعية من الإدارة. لأن مثل هذا الأداء وإهدار المال العام يزيد من تكلفة إنتاج المواد البترولية. وهذه المواد البترولية من بنزين وغاز وأنبوبة بوتاجاز نتحمل تكلفتها. فيجب أن نراقب هذه التكلفة ونضمن ألا تؤدى إدارة الشركات لرفع التكلفة.

هذا المبدأ العادل جدا المنطقى جدا البديهى جدا ينطبق على تبرعات هذه الشركات للمسئولية الاجتماعية والمساهمة فى المشروعات الاجتماعية.. فقبل الثورة قامت عدة شركات بترول بمبادرة للمساهمة فى مشروع الحديقة العالمية على طريق السويس. وهو المشروع الذى تبنته سوزان مبارك. وأصرت الشركات على التبرع بـ500 مليون جنيه فى المشروع. سواء كان المشروع جيدا أم لا حتميا أم لا. فيجب وقف مثل هذه التبرعات.. لأنه لا يجوز أن يتبرعوا باليد اليمين، ويأخذوا منا قيمة هذه التبرعات باليد الشمال. ومن المؤسف أن مثل هذه التصرفات لا تزال تمارس من قبل بعض رؤساء الشركات ولا أريد أن أذكر نماذج (تفقع) المرارة مرة ثانية وعاشرة يجب أن يتوقف إهدار المال العام. لأننا ندفع ثمن هذا الإهدار بجميع صوره. فهذا الإهدار يترجم إلى تكلفة إضافية فى أسعار إنتاج المواد البترولية..فى البنزين والسولار وأنبوبة البوتاجاز وبالتالى فى سعر سندويتش الفول والغذاء والمواصلات والنقل.. باختصار تزيد معاناتنا مع الحياة بأخطاء أو بالأحرى خطايا الإدارة.