مفاجآت في أسباب الحكم الصادر على الضابط قاتل شيماء الصباغ

حوادث

شيماء الصباغ
شيماء الصباغ


أودعت محكمة جنايات القاهرة، حيثيات حكمها الصادر بالسجن 10 سنوات على الملازم أول ياسين حاتم بالأمن المركزي والمتهم بقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ، وإحالة المحكمة الدعاوى المدنية للمحكمة المختصة، صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد أبو الفتوح وعضوية المستشارين حسن عيسى وأحمد العدلى وبحضور المستشار معتز عبد الله وأمانة سر ممدوح عبد الرشيد .

 

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن واقعة الدعوى حسبما استقرت فى يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تضمنه من استدلالات وتحقيقات ولما دار بشأنها بجلسة المحاكمة فتحصل في أنه بتاريخ 22 يناير 2015  انعقدت إرادة قيادات حزب التحالف الشعبى الاشتراكى على تنظيم مسيرة لمجموعة من أعضاء الحزب للتوجه من مقر الحزب الى النصب التذكارى لشهداء ثورة 25 يناير بميدان التحرير ووضع إكليل من الزهور على النصب يوم 24 يناير 2015 تخليد لذكرى الثورة والشهداء وتم الإعلان عن ذلك بمواقع التواصل الاجتماعي ووزعت منشورات للإعلان عن تلك المسيرة ى اليوم المحدد لها.

 

وتابعت: وتحركت المسيرة من أمام مقر الحزب وقد ضمت قرابة 25 فردا من أعضاء الحزب نصفهم من كبار السن ومعهم أمين عام الحزب والنصف الآخر من شباب وتقدمه المجنى عليها شيماء الصباغ وقد حلت أكليل الزهور، جاورها كل من شهود الاثبات وحاملين لافتة تحمل اسم الحزب ويرددون عبارات "عيش..   حرية .. عدالة اجتماعية " تصدت لهم قوات الأمن المركزى المتواجدة بالميدان والتى ضم تشكيلها المتهم ياسين محمد حاتم الضابط بقطاع الأمن المركزى فحدثت مشادة بينهم وبين قائد الفرقة لمنعهم وضع الإكليل على النصب التذكارى للشهداء الأمر الذى استفذ حفيظة المتهم وثبت نفسه قبلها ففكر هادئا في النيل من سلامة جسدها خاصة ومن جسد مرافقيها من أفراد المسيرة عامة وأعد للأمر عدت بأن تواجد هادئا إلى مكان تواجد القوة المرافقة له المواجهة لمكان وقوف المسيرة والمجني عليها وأخذ منهم سلاح الجريمة بندقية خرطوش مركب فى مقدمة ماسورتها الطويلة كأس إطلاق قنابل غاز.

 

وأضافت: وقام بنفسه بإعداد طلقات خرطوش عن عمد منه حالة عمله وهو الخبير بذلك أن السلاح مجهز بالذخيرة والطلقات المطاطية والطلقات الدافعة لقنابل الغاز المسيل للدموع وجه طلقات الخرطوش وأصطحب معه أحد المجندين وعقد العزم على إيذاء المتظاهرين بأن أعد البندقية الخرطوش التى يحرزها بطلقات نارية خرطوش عن طيش واستخفافا بأرواح الآخرين وأطلق سلاحه صوب ظهر ورأس المجنى عليها مباشرة قاصدا ومصرا على المساس بسلامتها ومرافقيها فأحدث بالمجنى عليها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية الذى تضمن إصابة المجنى عليها بتهتك بالرئتين والقلب ونزيف بالتجويف الصدرى والتى أدت لوفاتها ولم يقصد من ذلك قتلها ولكن تلك الإصابات أدت لوفاتها كما أحدثت المصابين عدة إصابات بالرأس والكتف والعين عن طريق إطلاق عيار خرطوش من ذات السلاح مصرا على قصده النيل من سلامتهم الا انه خاب ولم يصبهم وتخلص عن مساعدة المجنى عليها وقد سقطت أمامه وقام باستبدال سلاحه الخرطوش بالسلاح الفيدرالي الذى حمله المجند وأطلق منه قذيفة غاز رغبة منه فى التنكيل بهم والنيل منهم.

 

 

وأضافت المحكمة فى الحيثيات أن الواقعة على تلك الصورة قام الدليل على صحتها وثبوت بأدلة قولية من جنب شهود الاثبات وتقرير الصفة التشريحية للمجنى عليها وتقرير الطب الشرعى الخاص بفحص الأسلحة المضبوطة ومعاينة مكان الحادث وملابس المجنى عليها ومشاهدة الأقراص المدمجة وما أقر به المتهم والمجند فى تحقيقات النيابة وما أقر به المتهم فى جلسة المحاكمة وما ثبت من تقرير لجنة وزارة الاتصالات بشأن فحص الأقراص المدمجة.

 

 

 وفقا لما شهد به الشهود حيث شهد محمد أحمد  بأنه حال تواجده بجوار المجنى عليها "شيماء الصباغ" فى التظاهرة أبصر قائد قوة الشرطة المتواجدة بالمكان بإصدار إشارة لقواته لتفريق المظاهرة فأطلقوا صوبهم قنبلة غاز عقبتها طلقتان ناريتان فأمسك والشاهد الثانى بالمجنى عليها وهموا بالفرار فأبصر المتهم ملثما يتقدم إلى نهر الطريق وأطلق صوبهم عيارا ناريا من بندقية مثبت بفوهاتها كاس أدى لإصابة برأسه من الجهة اليسرى ويده، وأصاب المجنى عليها ثم سمع صوت إطلاق عيار نارى آخر وعلم بوفاة المجنى عليها عقب عودته للحزب.

 

 

كما شهد العقيد مهندس إيهاب عبد الرحمن انه بفحص الأسلحة المثبتة بدفاتر سلاح الكتيبة الثانية بقطاع ناصر للأمن المركزى المسلمة إلى كل من المتهم والمجندين المرافقين له تبين أن بنادق خرطوش عيار 12 مم ويستخدم فيها أنواع متعددة من الطلقات أقصرها شيوعا الخرطوش الرشى والمطاطى والطلقات الدافعة ويمكن وضع أكثر من نوع بالخزينة فى وقت واحد وأن كاس الإطلاق المثبت بفوهة البندقية لا يؤثر مطلقا فى إمكانية إطلاق طلقات خرطوش منها، وأنه فى حالة إطلاقها على مسافة 8 أمتار يكون إثرها قاتلا، وأن السلاح النارى المشاهد بيد المتهم بمقطع الفيديو هو بندقية خرطوش من مثيلات البنادق التى فحصها ومثبت بفوهاتها كاس إطلاق قنابل غاز ويتخذ وضعية التصويب الأفقى وأطلق خلال ذلك المقطع عيارين ناريين ليس من بينهما قنبلة غاز.

 

 

كما شهد هشام عبد الحميد مدير إدارة التشريح بالطب الشرعى بأن وضعية المتهم الظاهرة بمقطع الفيديو مثالية لإحداث إصابة المجنى عليها والمصابين المشاهدة والموصوفة بتقرير الطب الشرعى المرفقة من حيث المسافة والاتجاه وزاوية الإطلاق، وإن المتهم هو الوحيد من بين الظاهرين بالمقطع المصور الذى يمكنه وضعه من إحداث إصابات المجنى عليهم، وإن وفاة المجنى عليها حدثت عقب إصابتها بمدة ما بين 10 إلى 15 دقيقة.

 

واستعرضت المحكمة الأدلة الفنية التى استندت إليها فى إدانة المتهم ومنها تقرير الصفة التشريحية لجثمان المجنى عليها والذى ثبت به أن الإصابات الموجودة بها ذات طبيعة نارية رشية حيوية حديثة حدثت من عيار نارى يحمل مقذوفات رشية "خرطوش خفيف" أطلقت من سلاح معد لإطلاق هذا النوع من الأعيرة والرش منتشر فى مسافة 50 سم فى 50 سم بالظهر والوجه مما يشير إلى أن مسافة الإطلاق 8 أمتار فى حالة الأسلحة الخرطوش ذات الماسورة الطويلة، وكان اتجاه الإطلاق الأساسى من الخلف للأمام مع ميل للوجه الناحية اليسرى وإلى الخلف وجاءت الوفاة نتيجة للعيار النارى الخرطوش وما أحدثه من تهتك بالرئتين والقلب ونزيف بالتجويف الصدري. 



وأشار تقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية إلى أن البندقيتين المسلمتين للمتهم والقوة المرافقة له تطلقان كريات مقذوفات الطلقة الخرطوش فى حال تثبيت كاس إطلاق الغاز بها فارغة من القنابل، وفى حالة الإطلاق من مسافة 8 أمتار تكون مساحة انتشارها 35سم فى 35 سم، وفى حالة عدم وجود الكاس تكون مساحة انتشارها 37سم فى 37 سم، وأن الأجسام المعدنية المرفوعة هى جزء من مقذوف طلقة خرطوش رش خفيف وأن آثار التلوثات على ملابس كل من "السيد فوزى" و"مصطفى محمود" هى لدماء المجنى عليها، وقد ثبت بدفتر السلاح الخاص بالكتيبة الثانية بقطاع ناصر للأمن المركزى استلام المتهم لبندقية خرطوش.



                                      

وقد أقر المتهم بتحقيقات النيابة وبجلسة المشاهدة بالمحكمة أنه الشخص الذى ظهر بمقطع الفيديو الذى عرض بجلسة المحكمة من مشاهدة القرص المدمج الذى يحوى مقطع فيديو خاص بجلسة المحاكمة ظهور المتهم فى مسرح الجريمة حاملا بندقية خرطوش مثبت بفوهتها كأس إطلاق قنابل غاز ويتقدم قوات الشرطة المواجهة للمتظاهرين ويصوبها نحو المتظاهرين والمجنى عليها بينهم على الرصيف حال هروبهم وإطلاقه عيارا ناريا تزامن معه سقوط المجنى عليها أرضا ثم عقبه بعيار نارى آخر، وذلك حال مرور السيارة الأجرة قيادة شاهد الإثبات الثالث ثم استبدل المتهم البندقية التى أطلقت العيارين الناريين ببندقية أخرى وأطلق منها قنبلة غاز، كما ثبت بتقرير لجنة وزارة الاتصالات بأن مقطع الفيديو سليم وخالى من أى تدخلات.



وردت المحكمة على الدفوع المبداة من دفاع المدعين بالحق المدنى والمتهمين وعن الدفاع الحاضر عن المدعين بالحق المدنى فقد التمسوا تعديل القيد والوصف للاتهام المسند للمتهم ليكون قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد والشروع فى القتل العمد وبالتصدى بإدخال متهمين لم يشملهم أمر الإحالة، حيث قالت المحكمة "إن هذا الطلب لا يعدو أن يكون منازعة فى الصورة التى اقتنعت بها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا فى سلطتها فى استخلاص صورة الواقعة التى اطمأن إليها وجدانها إضافة إلى أن حق التصدى جائز لمحكمة الموضوع ومن ثمة يتعين رفض ذلك الطلب والالتفات عنه".



وبالنسبة لدفاع المتهم والذى قام كل من محاميه بتقديم قرص مدمج وطلب عرضه فالثابت من عرض القرص المدمج المقدم من المدافع الأول الحاضر مع المتهم أن المشاهد التى حواها ذلك القرص جاءت خالية من أطراف الواقعة محل الاتهام وتختلف مكانيا عن مكان حدوث الواقعة إضافة إلى أن المحكمة تطمئن إلى ما قرره رئيس النيابة العامة الحاضر بأن محتوى هذا القرص سالف الذكر خاص بواقعة سابقة على الواقعة محل الاتهام وفى مكان يخالف مكان الواقعة الراهنة وأيده فى ذلك دفاع المدعين بالحق المدنى الذى أكد أن محتوى ذلك القرص لواقعة حدثت بتاريخ 22 يناير الماضى ومقيدة برقم 699/2015 جنح قصر النيل ومن ثمة لاتطمئن المحكمة الى ما حواها ذلك القرص المدمج لمخالفته للواقع والحقيقة ولاتعول عليه . 


وأوضحت المحكمة أنه بالنسبة للقرص المدمج المقدم من المدافع الثانى الحاضر مع المتهم فلم يحدد مصدره وقرر أنه مقدم من فاعل خير وبعرضه بجلسة المحاكمة تبين أنه يحوى تحليل بعيد كل البعد عن الواقع والحقيقة واجرى به تقطيع وتدخل لتشكيك المحكمة فيما قدمته النيابة العامة من مشاهد للحادث من مصادر إعلامية معلومة وشهد مصوروها بحلف اليمين بتحقيقات النيابة.


وثبت بتقرير لجنة وزارة الاتصالات عدم وجود أى تدخل فى تلك الأقراص واطمأنت المحكمة إليها وإلى ما حوت لمشاهد الحادث وتأيد ذلك بإقرار المتهم بالتحقيقات وأمام المحكمة بأنه الشخص الملثم الذى يحمل البندقية ويقف فى نهر الطريق ومن ثمة يكون ذلك القرص المدمج ما هو إلا وجه من وجوه الدفاع لايتطابق مع أى دليل من أدلة الدعوى القولية أو الفنية السالف بيانها الأمر الذى يتعين عدم التعويل عليه والالتفات عنه ورفضه.


وعن سبق الإصرار فمردودا عليه أنه من المقرر قانونا أن سبق الإصرار وفقا للمادة 231 عقوبات أن الإصرار سابق هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب الجريمة يكون غرض المصر فيها إيذاء شخص معين سواء كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمر أو وقوفا على شرط ولما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المتهم ضابط بالأمن المركزى وعلى علم ودراية بالأسلحة المسلمة إليه وطرق استخدامها وإعدادها لإطلاق أنواع الذخائر المختلفة وثبت من المشاهد المصورة المسجلة على الأقراص المدمجة المرفقة بالأوراق والتى تم عرضها بجلسة المحاكمة أن السلاح الذى ظهر بيدى المتهم ومصوبا تجاه المتظاهرين كان معبأ مسبقا بأعيرة نارية خرطوش قبل ملاحقته للمتظاهرين وما ان ظفر بهم فاطلق صوبهم عيارين ناريين خرطوش أصابت المجنى عليهم وأدت إحداها الى وفاه المجنى عليها دون القيام بالوسائل والمراحل المبينة بالماتين 12 و13 من القانون رقم 107 لسنه 2013 بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية المحدده على سبيل الحصر وفقا لتدرج محدد قانونا إضافة إلى تزامن إطلاق المتهم للعيارين الناريين مع إصابة المجنى عليهم حسبما ماشهد به شهود الإثبات والمؤيدة بتقارير الطب الشرعى والأدلة الجنائية الأمر الذى يتحقق معه ثبوت سبق الإصرار بحق المتهم وفقا لصحيح الواقع والقانون ويتعين رفض ما أبداه دفاعه فى هذا الشأن.


                                    


وأوضحت الحيثيات ردا على دفاع المتهمين بقصور تقرير الطب الشرعى والأدلة الجنائية وطلب التحقيق فيما ورد فى تقرير الطب الشرعى الاستشارى المقدم من دفاع المتهم فمردودا عليه أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ولما كان ما تقدم فقد اطمأنت المحكمة إلى تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليها وتقريرى الطب الشرعى للمجنى عليهما والأدلة الجنائية لابتناء تلك التقارير على أسس سليمة ومطابقة لباقى أدلة الدعوى ومن ثمة يتعين رفض ذلك الدفع.


واختتمت المحكمة حيثياتها قائلة إنها اطمأنت إلى أدلة الثبوت أنفة البيان ووثقت بها فإنها تعرض عن إنكار المتهم وتعتبره ضربا من ضروب الدفاع قصد به الإفلات من العقاب وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه لا تلقى سندا فى الأوراق ولاتعول عليه المحكمة.