مي سمير تكتب: حكايات الحب والمال فى حياة الملياردير السعودى "عدنان خاشقجى"

مقالات الرأي



كان يؤمن أن من حق  الرجل  أن يرتبط بـ11 عشيقة وثلاث زوجات

■ أول صفقات أشهر تاجر سلاح كانت مع مصر.. وحصل على عمولة 150 ألف دولار من بيع شاحنات عسكرية

■ عاش سنواته الأخيرة يعانى من مرض باركنسون وفارق الحياة وحوله زوجاته وعشيقاته وأبناؤه 


اقترب من إسقاط الحكومة الأمريكية، خاض الكثير من المغامرات الاستخباراتية، ووقع فى غرام العشرات من النساء، قبل أن يرحل عن عالمنا منذ شهر تاركا خلفه الكثير من القصص والحكايات المثيرة التى تصلح لصناعة فيلم سينمائى يجمع بين الإثارة والتشويق، ولا تنقصه الدراما والكوميدى على الرغم من النهاية التراجيدية.  

رحل الملياردير السعودى عدنان خاشقجى رجل الأعمال السعودى وأشهر تاجر سلاح فى العصر الحديث فى بداية الشهر الماضى عن عمر ناهز 82 عاما فى العاصمة البريطانية لندن، وبحسب الـBBC ذكرت عائلته فى بيان إن خاشقجى توفى فى سلام بينما كان يتلقى العلاج من مرض باركنسون أو شلل الرعاش.  ونشرت عائلة الملياردير السعودى بيانا أشارت فيه إلى أن خاشقجى عاش أيامه الأخيرة بنفس الفخامة والقوة والكرامة التى ميزت حياته المذهلة (كان رائدا حقق شهرة عالمية فى عصر ذهبى من خلال إنجازاته المذهلة فى مجال الأعمال وسخائه المعروف،  لقد أدرك والدنا فن صناعة علاقات قريبة مع الناس أكثر من أى شخص آخر).

واهتمت الصحافة الغربية بقصة حياة الملياردير السعودى، وأفردت الصحف العالمية صفحتها للكشف عن تفاصيل حياة تاجر السلاح الشهير، وفى هذا الإطار نشرت جريدة الميرور البريطانية تحقيقا صحفيا عن قصص الحب فى حياته وكشفت الكثير من ملامح حياته الفخمة حيث يقال إنه كان ينفق ما يقرب من 150 ألف يورو يوميا.

«عاشقا استثنائيا»، هكذا وصفت «جيل دود»، عارضة الأزياء الشهيرة فى الثمانينيات والتى ارتبطت بقصة حب عابرة مع خاشقجى على الرغم من أنها تصغره بأكثر من عشرين عاما، وقالت الصحيفة إن خاشقجى الذى توفى فى لندن  عن عمر يناهز 81 عاما، كان يؤمن أن من حق  الرجل  أن يرتبط بـ11 عشيقة وثلاث زوجات.

كانت جيل لاتزال شابة صغيرة تبلغ من العمر 21 عاما عندما دخلت فى علاقة مع خاشقجى فى عام 1980 بعد أن التقيا فى إحدى الحفلات الساهرة فى مدينة كان الفرنسية، ووقعت جيل فى غرام الملياردير القصير والأصلع، وكان يذكرها بصديق لوالدها، ولكى يعبر عن إعجابه الشديد بها، أنهى خاشقجى السهرة بكتابة (أنا أحبك) بدمائه على أحد ذراعيها، وفى الليلة التالية دعا خاشقجى جيل لتناول العشاء على اليخت الخاص به وعندما ذهبت جيل لتناول العشاء فوجئت بغرفة ممتلئة بمجموعة من أفخم الفساتين لكى تختار من ضمنها فستان مناسبا لتناول العشاء.

وعلى الرغم من أنه كان متزوجا من زوجته الثانية فى ذلك الوقت إلا أن خاشقجى حافظ على علاقته مع جيل بل قام بدعوتها من أجل حضور حفل عيد ميلاد ابنه «على»، والمثير للدهشة أن زوجته الإيطالية لورا والتى تحولت للدين الإسلامى وأصبح اسمها لمياء تعاملت ببرود شديد مع حقيقة ارتباط زوجها بعشيقة بشكل علنى.

كانت ساندرا دالى أو «ثريا» الزوجة الأولى لخاشقجى تصغره هى الأخرى بعشرين عاما وقد تزوجها فى عام 1961، ولدت ساندرا فى إنجلترا وأخذت اسم ثريا عندما اعتنقت الإسلام  للزواج  من الملياردير السعودى، وأنجبت خمسة أطفال بينهم ابنته «نبيلة» التى أطلق اسمها على يخته الشهير.

وبحسب جريدة الميرور قضت «جيل» أسبوعا كاملا فى فيللا خاشقجى فى ماربيلا قبل أن يقدم لها عرضا استثنائيا بأن تكون زوجته للمتعة وبالتالى التمتع بالقدرة على السفر إلى ممتلكاته فى جميع أنحاء العالم، ووافقت جيل على العرض المثير وانضمت إلى حريم تاجر الأسلحة الأشهر فى العالم الذى كان يتصرف مثل الأب الافتراضى لها فى بعض النواحى، فعلى سبيل المثال قام  بدفع ثمن التحاقها فى معهد الأزياء لوس أنجلوس لدراسة التصميم والتسويق.

علاقة جيل دود مع تاجر الأسلحة الشهير لم تستمر بعد عام 1982، لأنها شعرت بتراجع وضعها المميز بين عشيقات رجل الأعمال الذى كان لا يتوقف عن إبداء إعجابه بالفتيات الأكثر جمالا والأصغر سنا، وفى مذكراتها التى حملت عنوان (عملة الحب: رحلة شجاعة من أجل العثور على الحب) قدمت جيل التى تبلغ اليوم من العمر 57 عاما شهادة شديدة الإيجابية عن الملياردير السعودى.  

وكتبت جيل فى مذكراتها أنها لم تحرم من استقلاليتها، طموحها أو قدرتها على التعبير بحرية عندما كانت فى هذه العلاقة التى لا تشعر تجاهها بأى ندم. وأضافت أنها تعلمت درسا قيما ألا وهو أنها لا يجب أن تتخلى عن إحساسها بنزاهتها أو السلام الداخلى أو ثقتها فى نفسها من أجل الحب أو المال.

الإنفاق على تعليم عشيقته جيل هو نموذج مصغر لكيفية إنفاق تاجر السلاح الشهير ثروته الضخمة، وفى منتصف الثمانينيات كان خاشقجى يمتلك 12 منزلا فى مختلف أنحاء العالم وفى مناطق شهيرة مثل مدينة كان، باريس، مدريد، ولندن، أما منزله فى نيويورك فكان فى الأصل 16 شقة تم ضمها من أجل تأسيس شقة واحدة ضخمة، كما كان يمتلك مجمعا سكنيا ضخما فى ماربيلا وهناك اشتهر بإقامة أفخم وأضخم الحفلات التى حضرها المشاهير من مختلف أنحاء العالم.

امتلك خاشقجى 100 سيارة ليموزين، ثلاث طائرات خاصة وتولى عملية تأمينه حارس شخصى من كوريا الجنوبية كان يطلق عليه اسم (سيد القتل)، أما يخت خاشقجى الشهير (نبيلة) فقد وصلت قيمته إلى 80 مليون دولار وكان يضم صالة ديسكو بألعاب ليزر تقوم برسم صورة خاشقجى، 11 غرفة للضيوف، مستشفى، ومشرحة مع التوابيت وزجاجا مضادا للرصاص، واكتسب هذا اليخت شهرة عالمية عندما استعان به صناع فيلم جيمس بوند (أبدا لا تقول أبدا).

 لم تقترب نساء خاشقجى من عالم أعمال هذا الرجال، ولم تنجح أى منهن فى تخطى حواجز العالم المخملى والدخول فى الجانب الآخر لحياة هذا الرجل الذى يعد أشهر تاجر سلاح بالعالم حيث امتلأت حياته بصفقات خطرة  وعلاقات سرية مع أنظمة وحكومات جعلت منه واحدا من أهم الشخصيات التى تحرك الأحداث الدولية من وراء الستار.

فى مقابل الحفلات الساهرة التى ضمت مشاهير العالم واشتهرت بأغلى أنواع الشمبانيا والكافيار والطائرات الخاصة التى تنقل الضيوف، كان هناك عالم آخر من السرية والغموض.  حرصت دائرة العمل المحيطة به على إبقاء تفاصيل هذا العالم سرية، ولد خاشقجى فى مكة عام 1935 وسط عائلة مكونة من ستة أبناء، تلقى تعليمه فى مدرسة فيكتوريا كولدج فى الإسكندرية قبل أن ينتقل إلى كاليفورنيا بالولايات المتحدة لاستكمال تعليمه الجامعى.   

وبحسب الميرور البريطانية أجرى أول صفقاته فى عالم تجارة الأسلحة فى عمر 21 سنة عندما نجح فى بيع مجموعة من الشاحنات العسكرية إلى مصر فى صفقة بلغت قيمتها 3 ملايين دولار ووصلت عمولته فيها إلى 150 ألف دولار.  

بعد إتمام هذه الصفقة اختار خاشقجى عدم استكمال تعليمه الجامعى وفى المقابل بدأ مشواره فى عالم تجارة الأسلحة ونجح فى التحول إلى الوسيط الأشهر فى عالم الأسلحة، عمل مع جميع تجار الأسلحة الرئيسيين مثل نورثروب، لوكهيد، جرومان، كرايسلر، فيات، وشركة هليكوبتر وستلاند، رولز رويس ورايثيون، أدار العلاقات بين هذه الشركات وبين مختلف الزبائن وبشكل رئيسى الحكومات المختلفة.

أدى الانتقال فى هذه الدوائر القوية والخطيرة إلى فضيحة كادت أن تكلف خاشقجى مكانته فى النخبة العالمية، ففى عام 1987، تورط خاشقجى فى قضية إيران كونترا، أكبر فضيحة سياسية فى الثمانينيات. باعت إدارة ريجان أسلحة لإيران فى مقابل الإفراج عن الرهائن الأمريكيين فى إيران ثم حولت عائداتها إلى متمردى نيكاراجوا، كانت المؤامرة الدولية تمتد إلى حد ما فى لبنان، وشملت التعامل مع حزب الله، واعتبر عدنان خاشقجى كوسيط رئيسى فى هذه المؤامرة واتهم بدفع الرشاوى.

وفى عام 1988، ألقى القبض عليه فى سويسرا وواجه اتهامات بإخفاء الأموال، وتم تسليمه إلى الولايات المتحدة بعد قضاء ثلاثة أشهر فى سجن سويسرى، تناول خلالها وجباته من مطعم قريب، قبل محاكمته وتبرئته.

وواصلت الفضائح ملاحقة الملياردير السعودى، فبعد عام واحد اتهم خاشقجى فى نيويورك بتأمين أصول لميلدا ماركوس أرملة فرديناند ماركوس الرئيس العاشرة للفلبين، وقد تمت تبرئة الطرفين فى نهاية المطاف من تهمة الاحتيال والابتزاز، وبدأت علاقات خاشقجى الحكومية تتلاشى فى التسعينيات وخسر اتصالاته فى واشنطن بعد ترك ريجان منصبه، وعندما تمت الإطاحة بعملائه الآخرين المهمين مثل شاه إيران ورئيس السودان من السلطة.

 بعد شرائه ليخت خاشقجى «نبيلة» وإطلاق اسم (أميرة ترامب) عليه، قال دونالد ترامب الرئيس الأمريكى الحالى عن تاجر السلاح الشهير فى تصريحات عام 1989 لمجلة «فانيتى فير» أن خاشقجى كان وسيطا كبيرا ولكنه كان رجل أعمال سيئ، كان يجيد فن جمع الناس معا، وإتمام الصفقات أفضل من أى شخص ولكنه لم يعرف كيف يستثمر أمواله، وإذا اكتفى خاشقجى بوضع أمواله فى بنك فى سويسرا كان من الممكن أن يحافظ على ثروته لكنه استثمر أمواله فى خيارات رديئة».

فى نهاية المطاف اضطر خاشقجى  لدفع ثمن حياته المترفة بشدة فى الثمانينيات، وعلى سبيل المثال، أجبر  عام 1998 على تسوية ديون قمار بقيمة 10 ملايين جنيه استرلينى من زيارة عام 1986 إلى كازينو لندن ريتز .

وأمضى تاجر السلاح الشهير السنوات الأخيرة من حياته بين لندن وموناكو، ويقال إنه كان يعيش على آخر 400 مليون دولار  من ثروته الضخمة، وفى السنوات الأخيرة، تبخر خاشقجى من وسائل الإعلام العالمية وكان يقاتل مرض باركنسون عندما توفى فى مستشفى سانت توماس فى لندن فى 6 يونيو 2017.

وكان حوله فى اللحظات الأخيرة من حياته زوجته الثانية لميا وزوجته الثالثة شهبارى وأطفاله الثمانية وعدد لا يحصى من عشيقاته السابقات.