د. رشا سمير تكتب: كمل جميلك يا سيادة الوزير!

مقالات الرأي



تلقيت عدة مكالمات من أولياء أمور كل ما اقترفوه من إثم أنهم أولياء أمور!.. هؤلاء الناس لجأوا إلى الصحافة بعدما توجهوا إلى الله بالشكوى المريرة.. وهم يعلمون أن الشكوى لغير الله مذلة!

إنهم أولياء أمور طلبة ماراثون الثانوية العامة الذين وصلوا إلى خط النهاية بأنفاس مقطوعة لاهثين بعد دروس خصوصية أعضلتهم وشدة أعصاب وصراع نفسى أدى فى بعض الأحيان إلى انتحار بعض الطلبة.

تلقيت مكالمة من سيدة فاضلة وهى منهارة من معركة مع إدارة النزهة التعليمية، وهى معركة أنا على يقين من أنها تكررت بنفس الشكل فى مختلف الإدارات التعليمية، لأننى أنا شخصيا قد مررت بها منذ أعوام.

توجهت السيدة لتستخرج بيان نجاح وختم شهادة الثانوية العامة.. فطلبوا منها أن تذهب للبريد لعمل حوالة وبعدما انتهت من عمل الحوالة وسط زحام قاتل وحر خانق، عادت للإدارة ليخبروها أن شهادة البيانات لم يتم تجليدها وأنها يجب أن تنتظر أسبوعا آخر لأنها غلطة المدرسة فى عدم ختم الشهادة!.. بالإضافة لأن الموظف المسئول كل ما قدره الله على قوله هو: «وسعوا شوية أنتوا سادين الهوا»!..

انتهت حكاية السيدة إلى هنا..وانتهى نقلى لها بكل دقة، إنها للأسف ليست شكوى فردية.. فأولياء الأمور فى حالة ضغط نفسى لا يطيقه بشر بسبب ما يكابدونه من اليوم الأول لدخولهم دوامة الثانوية العامة.. بالإضافة إلى الضغوط الحياتية من غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وغيره.

أعرف تمام المعرفة أن الموظف الذى يجلس خلف الشباك، هو أيضا يتعرض لضغوط وفى حالة يأس، إنه يجلس فى مكان غير آدمى وحرارة جو خانقة ومرتب لا يكاد يسد رمقها وبالتالى فهو كاره دون أن يقصد لطلبة المدارس الأجنبية وخريجى النظامين الأمريكى والبريطانى لمجرد شعوره بعدم المساواة والظلم.. هو أيضا بين فكى الرُحى وبالتالى فمعاملته للبشر تنبع من معاناته، ولكن هل هذا عدل؟

إذا كان من الصعب أن يتم تحسين الحالة الاجتماعية والمالية لموظفى التربية والتعليم وبالمثل موظفى الشهر العقارى والمرور والمصالح الحكومية..فلماذا لا يكون للميكنة دور فى حل أزمة التعامل المباشر بين المواطن وهؤلاء الموظفين..لماذا لا يتم تيسيرا على المواطن عمل بعض خطوات التقديم على الإنترنت أسوة بأى دولة عربية مجاورة ولن أقول أجنبية؟!..أو الاستغناء عن الطلبات العقيمة؟

لماذا يُطلب حوالة بريدية من مكاتب البريد قيمتها 22 جنيها ونصف الجنيه (وليه مش 25 وخصوصا أن الاتنين جنيه ونص مابيرجعوش أصلا!) والتى تُحتم على أولياء الأمور القيام بمشوار آخر فى قيظ الشمس والوقوف فى طابور للحصول على الحوالة ثم العودة مرة أخرى إلى الإدارة التعليمية..ألم يكن من الأسهل عمل فرع لمكتب البريد بموظف واحد داخل الإدارة التعليمية؟..

ألم يكن من الأسهل أن يكون هناك رسوم لا علاقة لها بالطوابع البريدية تُدفع فى الوزارة ولا الحوجة لكل هذه اللفة!..

ما كل هذه الإجراءات العقيمة وما كل هذا الهرى الذى يتكبده أولياء الأمور وكأن ذنبهم الوحيد أنهم قرروا أن ينجبوا أطفالًا ويعلمونهم؟ ثم تأتى مرحلة مكتب التنسيق وبهدلته وهو ما يتجنبه القادرون بالجرى وراء الجامعات الخاصة..

إنها رسالة أقوم بتوصيلها دون تزويق للرجل الفاضل وزير التربية والتعليم د.طارق شوقى.. الرجل الذى سبق وكتبت هنا فى نفس المكان أننى متفائلة به خيرا وكانت ومازالت سعادتى به كبيرة، الحقيقة أنه وزير محترم وواع، يجب أن نوجه له الشكر على ما قدمه هذا العام فى امتحانات الثانوية العامة من دعم للطلبة وتغيير شكل الامتحان والقضاء على تسريب الامتحانات.. فقد سقط شاومنج وانتصر سيادة الوزير فى حربه على تدنى الأخلاق والظلم.

سيادة الوزير..لقد بدأت حربا شرسة أعانك الله عليها فى وزارة تعج بالفساد مثلها مثل الكثير من الوزارات التى لم تجد على رأسها رجالا مثلك..لقد قررت أن تُحدث تغييرا، وقد استشعرنا هذا منذ قررت سيادتكم بعد زيارة للمدارس فى المحافظات الفقيرة وقف توريد البسكويت الفاسد للطلبة ضمن الوجبة المدرسية، وأنت تعلم أنها مافيا وكم من عصابات مختبئة فى الوزارات!.. والحقيقة لم نسمع من يومها عن حالة تسمم واحدة..

يقينى سيدى أنك قادر على إحداث المزيد من التغيير.. كمل جميلك يا سيادة الوزير..