رحاب منيعم تكتب: أنا بقيت طنط

ركن القراء

رحاب منيعم
رحاب منيعم


لا أعلم متي بدأت تلك اللحظة المرعبة والتحول التاريخي في حياتي حين بدأت بنات عائلتي الشابات اللي طول الواحدة منهم مترين تقولي يا"طنط" طنط ايه يابت انتي وهي ده انا شابة !جدا شابة خالص وبحط روج أورانج ومانكير ازرق وربنا، وساعات بعمل تاتوه...طنط إيه ياللي تتشكي انتي وهي ..قال طنط قال
تمالكت شتات نفسي وأنا اتنحنح بالعة كلماتي التي لم تغادر شفتاي  ، وأنا اتدارك قول ابنة خالي وهي تقول وحشتيني ياطنط ..
دوت الكلمة مرة اخري في رأسي مع صوت "الطبلة" المدوية في الخلفية في انتظار قدوم العروس والعريس وقهقهات الأهل والأصدقاء وانا "إيه ذنبي لبسالي المنديل البمبي..حسرة عليها ياحسرة عليها " الدخان يتكاثف  وحسرة عليها ياحسرة عليها..رفة في عيني اليمني..اضغط بقوة علي المنديل في يدي..وحسرة عليها ياحسرة عليها.
طنط طنط...استفقت في اللحظة الاخيرة والحاسمة من تداعي ذكريات فيلم ريا وسكينة التي احيتها عندي تلك الفتاة اللزجة أو ربما "الفرح" ..لا أعلم
-مممممم طنط مين ياحبيبتي ؟
_حضرتك طنط
_كمان حضرتي..مممم حبيبتي الفرق بينا مش كبير اوي قوليلي ياروبي عادي يعني
_لاء ميصحش ياطنط
_اطنطوا العفاريت في وشك ياشيخة ،اكملت حواري الداخلي محاولة فهم إصرار تلك "البتاعة" في مناداتي بطنط في نفس ذات الوقت اللي بتنادي فيه عمتها "أمي" بطنط برضه..قصدها إيه ها !!!
سحبت موبايلي وفتحت الكاميرا التقط بعض الصور السيلفي مشيرة لها "انا بعرف اتصور سيلفي أهو " وعندي اكونت علي إنستجرام  ومازلت مواكبة لأحدث وسائل التواصل الاجتماعي و...
في الحقيقة أنا مكنتش بتصور علشان اوريها إني بعرف اخد صور سيلفي ،بصراحة وبيني وبينكم انا كنت بتصور علشان امسك الصور وافهم إيه اللي حصل لي علشان البت دي تقولي ياطنط
بصيت في الصور مرة واتنين والنبي مزة لا فيه شعر ابيض ولا تجاعيد وحاجة زي الفل اهو ،امال ايه اللي خلاني طنط طيب !!
طلي بالأبيض طلي يازهرة نيسان ..تتعالي الموسيقي واللولولي وصفارات الشباب في الخلف بعد وصول العريس والعروس الي القاعة ..تميل خالتي برأسها قليلا ناحيتي "هو ايه اللي العريس عامله في شعره ده ..هو متكهرب ولا إيه ؟! اضحك كثيرا علي تشبيه خالتي
طلي بالأبيض طلي يازهرة نيسان ..تغمزني أمي "هي ايه اللي العروسة لابساه في رجلها ده"
_ده كوتشي ياماما
_كوتشي ازاي يعني
_كوتشي عادي ماهي دي الموضة ...ممممم غريبة وانا ليه ملبستش كوتشي في فرحي ماأنا طول عمري بلبس علي الموضة !!

يبدأ الفرح كالعادة بأسماء الله الحسني التي لا أعرف سببا  منطقيا وحيدا لإفتتاح حفلات الزفاف بها سوي محاولتنا البائسة لإقناع انفسنا إننا شعب متدين بطبعه، وبعدها يفتتح العروسان الحفل برقصة رومانسية اذا كان دهسهم لأقدام بعضهم البعض يمكن تسميته بالرومانسية!!

يالا يابنات تعالوا علشان ترقصوا مع العروسة ..قالتها والدة العروس لبنت خالي وصديقاتها..لكنها لم تنظر لي ابدا ..ليه ؟؟

قامت الفتيات الواحدة تلو الأخري  تشد بعضهن البعض ..لكن أنا لاء ليه ؟؟ مفيش حد شدني ولا عرض عليا اقوم معاهم..اها  أكيد خايفة اقوم فاغطي علي بنتها العروسة المسلوعة دي ..اها اكيد قلتها لنفسي لرفع روحي المعنوية اللي اتبعترت علي بلاط القاعة وأنا اعلم يقينا اني أكذب .

راقبت مع أمي وخالاتي وجميع النسوة في عائلتي ممن كنت اناديهن بـ"طنط" رقصة البطة " وضحكنا كثيرا حتي كدنا أن "نتشقلب" بكراسينا وتغامزنا كثيرا حول العروس وأم العروس وأم العريس والقاعة والبوفيه وجبنا في سيرة العيلة وميتيين العيلة ، ضحكت كثيرا كما لم اضحك من قبل واستوقفتني ملاحظاتهم الثاقبة حول تفاصيل التفاصيل في الفرح ،سرحت قليلا عندما تذكرت إني يوما ما لم يكن مسموحا لي مشاركة هؤلاء النسوة الحديث ولامشاركتهن الطاولة  لإنه كلام كبار وعيب اقعد معاهم ،الأن أنا معهن واحدة منهن ولست أحد الطفلات المنبوذات .

حانت الرقصة الرومانسية الأخيرة والتي ينفرد بها العروسان،فتنزلن الفتيات واحدة تلو الاخري محملات بخيبات الامل بعد انتهاء دورهن لهذا اليوم لينتظرن فرح اخر تنتقل فيه احد الفتيات من عالم المراهقة  إلي عالم الكبار لتأخد مكانها علي طاولتنا .....انتهي الفرح وودعنا بعضنا البعض

_هتوحشينا ياروبي عايزين نشوفك قريب،  قالتها بنت خالي اللزجة
_طنط ..طنط ياروحي قلتها مصححة وأنا أربت علي خدها وبإبتسامة خبيثة ودعتها وأنا أغادر القاعة  متمتمة :"وماله.. انا بقيت طنط "