مصر تشترط عودة السياحة الروسية مقابل عقد الضبعة.. وفرنسا جاهزة بـ"عرض جاد"

العدد الأسبوعي

قاعدة محمد نجيب العسكرية
قاعدة محمد نجيب العسكرية


■ روسيا نشرت فى وسائل إعلامها خلال الـ6 شهور الماضية جاهزية عقود الضبعة للتوقيع ولم تتطرق لعودة السياحة

■ قاعدة محمد نجيب العسكرية رسالة قوية تؤكد أن السيادة المصرية غير قابلة للتفاوض.. وموسكو تلقت الرسالة


المتابع الجيد للرئيس عبد الفتاح السيسى يعرف أنه لا ينظر إلى الخلف أبدا، يحدد هدفه الذى يراه مناسبا إلى الوطن ويبحث عن طرق تحقيقه، ولا يخشى من أحد، بداخله تركيبة المقاتل الفدائى الذى يريد الفوز فى المعركة حتى لو دفع ثمنها من شعبيته أو حتى حياته، لقد قرر عبد الفتاح السيسى أن يطور القوات المسلحة، ويعيد بناء الجيش تقريبا، يجعله قادرًا على مواجهة أى تحد خارجى، اتخذ هذا القرار منذ أن كان وزيرا للدفاع، وبعدما أصبح رئيسا للجمهورية، فى وقت منعت فيه الولايات المتحدة الأمريكية السلاح عن مصر، وأوقفت المعونات وضغطت سياسيا علينا حتى تجبرنا على الركوع للمعزول مرسى، فى هذا الوقت قاطعتها معظم دول الاتحاد الأوروبى، لقد قرر السيسى والمؤسسة العسكرية أن يحدث التطوير، وليس لديهم أى داعم سوى الشعب المصرى العظيم، ذهب إلى روسيا والصين  وفتح آفاقا جديدة فى فرنسا، ولم يوقفه أحد، قبل أن يتولى الحكم كان ترتيب الجيش المصرى عالميا لـ١٨ الآن أصبح العاشر، كلما حاول أحد الضغط عليه يلجأ دائما إلى التنوع والبحث عن بديل، إن أكثر ما يحكيه السيسى منذ توليه الحكم هو إدارة سياسة مصر الخارجية، ونجاحه فى تحويل مصر إلى قوة إقليمية مؤثرة خلال شهور قليلة، بعدما كانت ورقة يلعب بها القطريون والأتراك فى ترابيزات التفاوض مع الأمريكان. 

كلمة السر تستطيع أن تقرأها فى تصريحات نائب وزير الخارجية الروسى ميخائيل بوجدانوف فى جلسة عامة لمجلس النواب الروسى، حينما قال إن سياسة الدول العربية اكتسبت خلال السنوات الماضية طابعا مستقلا بقدر أكبر، معربا عن أمله فى  تعزيز العلاقات الروسية - العربية، ليس هذا المهم الأكثر أهمية ما قاله عن جامعة الدول العربية وقراءته للمشهد بعد الربيع العربى، فقد قال إنه سمع فى أروقة جامعة الدول العربية تهكمات مفادها أن الشئون العربية يتم حسمها من قبل ٣ دول غير عربية وهى تركيا وإيران وإسرائيل. 

ثم قال.. اليوم تتجه الأمور فى المسار الصحيح وقبل كل شىء، تغير الوضع فى مصر بعد وصول عبدالفتاح السيسى إلى السلطة بدلا من الإخوان، وأصبحت السياسة المصرية مستقلة بقدر أكبر. 

هذه التصريحات توضح لك لماذا يجب أن تدفع مصر ثمن استقلالها..

مثلما بدأت أمريكا اللعبة فى أفغانستان فانقلبت عليها فى أحداث ١١ سبتمبر، لقد صنعت الولايات المتحدة نموذج طالبان كى تكسر به عظام الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان، وساعدتها كل الدول العربية والإسلامية وأرسلت آلاف المقاتلين تحت راية الجهاد المقدس ضد الروس الكفرة، وحينما انتهت الحرب انقلبوا على الأمريكان والعرب وفجروا وقتلوا آلاف الأبرياء. 

لقد قرر السيسى وحده أن يقوم بعمل دفاع متقدم ناحية الحدود الغربية حتى لا تنفجر الأزمة الليبية فى وجه مصر، وأصر على قراره وأصبحت مصر تمتلك مفاتيح القضية الليبية ولا يستطيع أحد تغيير أو تعديل الوضع هناك دون إذن من القاهرة. 

حينما قررت مصر عمل العاصمة الإدارية الجديدة، وأصر بعض رجال الأعمال الكبار على أخذ قروض بنسبة كبيرة من البنوك المصرية رفض السيسى ولجأ إلى الصين والهيئة الهندسية للقوات المسلحة وقريبا ستحتفل مصر بإنجاز جزء كبير من مبانى ومعالم العاصمة الإدارية الجديدة ودون ضغوط من أحد. 

الآن لا يجيد الجانب الروسى التعلم من الدروس السابقة، لقد استجابت مصر فى كل الطلبات بشأن عودة السياحة، ورفضت أى طلبات أخرى استثنائية تؤثر على استقلال القاهرة، وليس من المنطقى أن توقع القاهرة على عقد الضبعة الذى تصل قيمته إلى ٢٥ مليار دولار، وفى نفس الوقت تتعنت روسيا فى ملف عودة السياحة. 

طوال الأشهر الماضية لم تتوقف وسائل الإعلام الروسية عن تأكيدها بأن عقود الضبعة جاهزة من الجانب الروسى وتنتظر التوقيع من مصر، لكن لم تتطرق هذه الوسائل لعودة السياحة، والقضيتان مرتبطتان ببعضهما، فليس من المنطقى أن ترسل روسيا رجالها للمساعدة فى بناء مفاعلات الضبعة النووية، ويرفضون إرسال السائحين! 

افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية كان يحمل الكثير من الرسائل إحداها إلى الجانب الروسى، وهى أن مصر دولة مستقلة قادرة على حماية أراضيها دون الاستعانة بأحد. 

السيسى يواصل فى هذه القضية سياسة عدم النظر إلى الخلف، فالهيئة الهندسية للقوات المسلحة تعمل على الإنشاءات التى يحتاجها المفاعل مع الحكومة، ووزارة التعليم تعمل على مدرسة الضبعة الفنية النووية  لتخريج عمالة قادرة على العمل فى المفاعل النووى. 


■ فرنسا جاهزة بعرض جاد لإنشاء المفاعلات وهناك دول أخرى

قريبا سيضع رئيس الجمهورية حجر الأساس للحلم النووى المصرى أيا كانت الدولة الذى ستساعد مصر فى تنفيذه، قريبا سترى موجة من التشكيك والهرى على مواقع التواصل الاجتماعى، ستجد كلاما عن أن العالم يتخلص الآن من المفاعلات النووية، ستجد جدلًا لا يتوقف حولا أمان المفاعلات النووية وقدرة مصر على الأمان، ستجد استغلال حوادث الاهمال للسخرية من مفاعلات الضبعة الأربعة، لن يتوقفوا عن إثارة الجدل حول سعر المفاعلات وثمن الصفقة مع روسيا، إذا وجدوا أمامهم معلومات موضوعية سينتقلون إلى السخرية بدون توقف، فحينما تفشل عن المواجهة بالمعلومة فالحل الأسهل هو السخرية وتحويل الامر إلى نكتة، فى المقابل ستجد مجاذيب يهولون من الامر يوزعون اتهامات الخيانة على من حولهم، يطالبون بالتخلص من نصف الشعب.

حينما تم الإعلان عن مشروع الضبعة النووى، اول من اتصلت به هو الدكتور على مرتضى رئيس قسم مراقبة الجودة فى هيئة الطاقة الذرية الكندية سابقا، قال "الموضوع شكله بجد المرة دى" وبكى فى التليفون فهو لم يصدق أن الحلم الذى عاش من اجله سنوات سيراه، قال لى "نفسى أشوف المفاعلات قبل ما أموت" على مرتضى هو واحد من أبناء الدفعة ٦٧ نووى التى تخرجت فى هندسة الاسكندرية لتبنى الحلم النووى المصرى وتفرقت فى الشتات بسبب ضياع الحلم النووى قصدا وإهمالا طوال السنوات الماضية.

ليس حقيقيا أن العالم يتخلص من الطاقة النووية بالعكس المفاعلات النووية تزداد فى العالم، أمريكا لديها ١٠٤ مفاعلات وروسيا لديها ٣٣ بالإضافة إلى ٢٧ مفاعلا فى طور البناء، الصين تمتلك الآن ١٧ مفاعلا وأعلنت عن بناء ٧٧ مفاعلا خلال السنوات القادمة، فرنسا لديها ٥٨ مفاعلا و٨٠٪ من الطاقة نووية، أمريكا تمتلك ٣٠٪ من الطاقة النووية فى العالم، اليابان لديها ٥١ مفاعلا نوويا وبعد كارثة فوكوشيما أعلنت أنها ستبنى ١٢ مفاعلا نوويا جديدا.

إذا قالوا لك إن مصر لا تستطيع الحفاظ على أمان المفاعلات النووية قل لهم إن رئيس قسم أمان المفاعلات فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو العالم المصرى د أمجد شكر، إذا قالوا لك إنه يعيش فى الخارج ولا علاقة له بمصر قل لهم إنه تعلم فى مصر وكان أصغر مدير مفاعل نووى فى العالم، فقد كان مدير المفاعل البحثى الأرجنتينى الثانى فى مصر وهو لم يتجاوز ٢٦ عاما.

العالم الآن يقسم مصادر الطاقة إلى ثلاثة أقسام الاول طاقة نووية والثانى طاقة متجددة من شمس ورياح والثالث الطاقة التقليدية من محطات الغاز، هذا التقسيم لدواعى الأمن القومى لأى دولة حتى لا تعتمد على مصدر طاقة واحد.


■ أربعة مفاعلات نووية تساوى خلق ٣٦ صناعة غير موجودة من الأساس

لا تستطيع أن تبنى مفاعلا نوويا دون أن تؤسس مصنعا للكابلات المتخصصة، والدولة التى تستطيع تصنيع كابل متخصص للمفاعل النووى تستطيع تصنيع كابلات السيارات.

هناك صناعات أخرى مثل السبائك المتخصصة التى تستخدم فى المفاعلات، وهى نفسها التى تصنع منها السيارات والصواريخ، ومفاعلات الضبعة ستجعل المصانع المصرية تعمل فى السبائك المتخصصة وهى نفسها المصانع التى تستطيع عمل السيارات والقطارات.

أى نحن نتحدث عن نقلة صناعية إلى المستقبل، الموضوع ليس فقط طاقة بل يتجاوز إلى الحلم.