د. ربيع بعد العزيز يكتب: أزمة البحث في الدراسات الأدبية والنقدية (1)‎

ركن القراء

د. ربيع بعد العزيز
د. ربيع بعد العزيز


يبدو بوضوح أن انحسار الأمل في الحصول على وظيفة ترك آثاره السلبية على البحث العلمي ، وأصبحنا نرى- على الأقل في حقل الدراسات الأدبية والنقدية- غالبية الباحثين يتواكلون على أساتذتهم في اختيار موضوع للدراسة، فإذا أكرم الأستاذ تلميذه واقترح عليه موضوعا للدراسة ، وطلب منه أن يقرأ حول الموضوع المقترح، فلا يكلف الباحث نفسه مؤونة القراءة المتأنية التي تهيئ له أن يستقصي موضوع بحثه، بل يرضى بأيسر ما يقع بين يديه من مراجع، ولا يخجل أن يقول لأستاذه: لا توجد مراجع لهذا الموضوع ، وإن تلطف قال: لم أجد في كليتي مراجع.

وإن نصحته بالسفر إلى العاصمة - احتكرت العاصمة المطابع ودور النشر وأسواق الكتب بحيث لم يعد ثمة مفر من الحج إليها- تململ واختلق آلاف الحجج، ويظل يضيع الوقت وتمضي الأسابيع والشهور والسنون، دون أن يتقدم للأمام خطوة.

وفي ظل الرسائل التي تجرى بنظام الساعات المعتمدة يقطع الباحث شوطا في اجتيازالمقررات التي يؤدي فيها امتحانا تحريريا ينتهي غالبا بحصوله على تقدير ممتاز، وبذلك يكون قد حصل على نصف الدرجة العلمية ( الماجستير/ الدكتوراه) وأصبح عليه أن يكمل النصف الباقي.

ولأن النصف الباقي يحتاج منه أن يتخير موضوعا، وأن يحرر خطة، وأن يعرض موضوعه على أستاذ يقبل الإشراف عليه ، ثم يعرضه بعد ذلك في حلقة علمية( السيمينار) يعقدها القسم العلمي المختص، ولأن الباحث - وهو في الغالب حاصل على ممتاز في المقررات الدراسية- لم يتمرس بعد على البحث، لذلك يتشفع له بعض الأساتذة ، والحجة المتواترة في هذا المقام أنه جيل مظلوم ومن يدرينا فربما يصلح الله أحواله في قادم الأيام...
هكذا يتم إحراج بعض الأساتذة بأساليب شيطانية تنتهك شرف العلم وتمرغ كرامته في الوحل.

وهكذا يسجل الباحث درجة الماجستير أو الدكتوراه، وتمضي الشهور ولا يحرر فصلا من رسالته ، ثم تنذره ولا يحرك الإنذار منه ساكنا، ثم يأتيك قبيل انتهاء المدة القانونية للقيد حتى تمدد له عاما ، ويمضي العام الممدد ولا ينجز الباحث من رسالته بابا، ثم تضطر أن تفصله في النهاية.

وللحديث بقية.