«المشفى الذي ابتكر علاج العقم».. الأقدم في مصر وأصل كلمة "مورستان" (صور)

أخبار مصر

بوابة الفجر


لا تزال الحضارة المصرية تحمل في طيات تاريخها ما يبهرنا دائمًا، ولا زالت آثار هذه الحاضرة شاخصة أمام أبصارنا، وشاهدة على الشعب المصري.
 
بيمارستان السلطان قلاوون أو "المارستان المنصوري"
البيمارستان هى كلمة مكونة من مقطعين الأولى هى "بيمار" وتعني المريض، والثانية "ستان" وتعني المكان أو المحل، فتعني "مكان المريض" أو "محل المريض"، واللفظة واردة إلينا من بلاد التركمان، والتي كانت الموطن الأساسي لمماليك الملك الصالح نجم الدين أيوب، والذي يعد السلطان المنصور قلاوون أحدهم.
 
يقول الدكتور محمد حمزة عميد كلية الآثار، إن المارستان المنصوري كان مفتوح للجميع، لا يفرق بين غني وفقير، ولا الأمراء أو العوام، لافتًا إلى أن إلغاء هذه الفروقات الطبقية بين مرضى المسلمين وتهيئة العلاج المجاني للجميع، دليل واضح على خيرية هذا العمل.
 
وكان المستشفى عبارة عن مستشفى عام لعلاج جميع الأمراض، وكان بيه قسمين واحد للذكور وآخر للإناث، وكان يتم صرف الطعام لكل مريض على حسب حالته الصحية، والآسرة ذات مراتب محشوة بالقطن، ومراوح للتهوية، وفراشين للنظافة.
 
وأـضاف "حمزة"، أن المؤرخين والرحالة أطنبوا في ذكر محاسن المارستان المنصوري، ومنهم الكركي الذي أبلغ أن المارستان كان يخدم ما يقرب من 4000 آلاف مريض يوميًا، وكان به مناوبات ليليه لضمان عمله على مدار الـ 24 ساعة.
 
ابن بطوطة التركي
ويضيف الدكتور محمد حمزة، أن الرحالة التركي "أوليا جلبي" والذي طاف بـ43 دولة بآسيا، وإفريقيا، وأوروبا، خلال 23 عامًا، والذي لقبه المؤرخون بـ "ابن بطوطة" التركي، وضع كتابًا عن رحلته تحت إسم "سياحت نامه سي"، وقد خصص الجزء العاشر منه لرحلته بمصر والسودان والحبشة في حوالي ألف صفحة، وقد ترجمه إلي العربية الدكتور الصفصفاني أحمد أستاذ اللغة التركية بجامعة عين شمس في خمسة أجزاء.
 
أطباء المارستان 
ويقول الدكتور حمزة الحداد إن كتاب "أوليا جلبي" من أهم الكتب التي تحدثت عن الآثار الإسلامية في مصر، وقد أورد فيه أن بيمارستان السلطان قلاوون أو "المارستان المنصوري" وكان فيه قسم كامل لعلاج مرض العقم عند الرجال، بخلاف الأقسام الأخرى، التي كانت تضم 60 جراحًا، و40 طبيبًا، 290 صيدلي، وأن الأطباء فيه قد إبتكروا له ترياق يسمي "الترياق الفاروقي".
 
الترياق الفاروقي
ويستكمل "حمزة"، أن "جلبي" نقل لنا وصفة وتركيبة هذا الترياق في 25 صفحة، حيث أنه هو نفسه –يقصد أوليا جلبي- قد تم علاجه من العقم بالترياق الفاروقي.
 
ويقول "حمزة"، إن "جلبي" نقل إلينا أن الترياق كان يتم إستخراجه من سم نوع معين من الثعابين، كان يتم إستيرادها مرة واحدة بالعام من السودان، ويضيف أنه عرض هذه الوصفة علي أحد عمداء كليات الطب بمصر إلا أن الموضوع لم يلق إهتمامًا.
    
صاحب المنشأة 
قال الدكتور حسني نويصر وكيل كلية الأثار جامعة القاهرة، إن مجموعة السلطان قلاوون بمنطقة بين القصرين، بشارع المعز لدين الله الفاطمي مجموعة ضخمة، تضم مدرسة وقبة وبيمارستان، وخانقاه وهي دار تعبد للصوفية، وقد أنشأها السلطان المنصور سيف الدين قلاوون الملقب أيضا بالألفي لأن الملك الصالح نجم الدين أيوب اشتراه بألف دينار.
 

ويضيف "نويصر" أن البيمارستانات كانت مستشفيات عامة تعالج أمراض الباطنة، والرمد، والأمراض العقلية، وتمارس فيها العمليات الجراحية، ويتم العلاج فيها عن طريق طاقم طبي متخصص، وكان يتم علاج المريض بالكامل، وكفالته ماليًا وصحيًا‫.



وأشار إلى أن الأطباء المسلمين هم أول من فرق بين "المستشفي العام"، و"دور العجزة"، و"المصحات" التي تعزل فيها المجانين، وأصحاب الأمراض الخطيرة مثل "الجذام"‫، وقاموا بعزل المرضي الخطرين عن الباقين، فهم أول من مارس العزل الطبي.


ويقول أحمد السيد مفتش آثار منطقة الجمالية، إن أعمال الترميم بالبيمارستان انتهت، ضمن مجموعة السلطان قلاوون منذ عدة سنوات، وما يتم فيها الأن أعمال صيانة فقط، وأضاف أن "البيمارستان" يعتبر مندثر والباقي فيه من المباني الأصلية قليل للغاية، والبيمارستان كان بنفس مساحة مستشفي الرمد الموجودة خلف مجموعة قلاوون الآن، والتابعة لوزارة الصحة حاليًا، ولا زالت تحمل نفس الإسم، مستشفي السلطان قلاوون.


المورستان 
ويقول "السيد" إن الغرب أخذ نظام المصحات عن مارستان قلاوون المنصوري، ويرجع له الفضل في تأسيس المصحات النفسية، والمستشفيات العامة، والمدارس، والجامعات الطبية، للأطباء المسلمين في العصور الوسطى‫، إلي أن تدهورت أحوالها وأهملت وهجرها المرضى حتي صارت لا تستخدم إلا لعزل المجانين، وصارت كلمة "مارستان" هي "مورستان" بعد تحريفها وصارت تعني "مأوى المجانين".