في ذكرى ميلاده.. أفلام صنعت أسطورة السينما المصرية حسين كمال

الفجر الفني

حسين كمال
حسين كمال


مخرج ومبدع وموهبة فنية كبيرة، باعتباره في كثير من الأوقات واحد من أعظم وأكثر المخرجين تميزا في جيله.. درس في معهد باريس للسينما، ثم عاد إلى مصر فقدم سينما جديدة ومفهوما مغايرا للسينما التجارية.

 

انطلاقته في مجال الإخراج في فيلمه الأول لم تكن قوية لكنه لم ييأس وقرر استكمال مشواره ليتمكن من إثبات اسمه كواحد من المبدعين الحقيقيين مع ثاني أفلامه، وأتبعه بالكثير من النجاحات ليبرهن أنه لم يكن مجرد صدفة.

 

تمتع بقدرة تحويل الروايات إلى أفلام في مضمون السيناريو.. ليبشر بولادة مخرج عظيم، تجبرك أفلامه على أن تشاهدها أكثر من مرة لتحصيل عمق المغزى الذي تتضمنه، ولد حسين كمال في 17 أغسطس 1932، وتوفي في 24 مارس 2003.

 

البوسطجي عام 1968

واحد من أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، ويقف شاهدا على واقعية حسين كمال الذي رفض تغيير مشهد النهاية، حيث تموت زيزي مصطفى على يد والدها صلاح منصور، رغم محاولات المؤلف يحيي حقي بإثنائه عن ذلك، واستطاع "كمال" من خلال الفيلم أن يحطم بعض قيود السينما التقليدية ويقدم شكلاً فنياً سينمائياً جديداً.

 

شيء من الخوف عام 1969

فيلم اجتماعي ذو صبغة سياسية، بالسياسة، كاد يمنع من العرض، حيث رأت الرقابة أنه يحمل إسقاطاً سياسياً على الحكم، وهو ما نفاه حسين كمال وعرض الفيلم ليمثل أسلوب فني مبتكر يحاكي الحكايات الشعبية على الربابة ليقدم للمشاهد العربي “عتريس وفؤادة” أو محمود مرسي وشادية، في فيلم يتناول جميع أشكال القهر حتى في الحب.

الفيلم تم تصويره بالأبيض والأسود بالرغم من إمكانية تصويره بالألوان، ويرجع ذلك لذكاء استغلال المخرج الذي استغل ظلال الأبيض والأسود ببراعة حتى ينقل مفهوم الظلم والديكتاتورية، كما أنه استخدم الموسيقى التصويرية مع الأغاني والكورال، لتضفي على الفيلم طابعاً جميلاً ومؤثراً، ورشح الفيلم لجائزة مهرجان موسكو السنيمائي، هو مأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب الكبير ثروت أباظة.

 

السينما التجارية

استطاع حسين كمال بأفلامه الثلاثة الأولى “المستحيل”، “البوسطجي”، “شيء من الخوف”، تقديم سينما جديدة أثارت اهتمام النقاد، واعتبروها مرحلة من أهم مراحله السينمائية، وأطلقوا عليها “المرحلة التجريبية”.

تحول المخرج في نفس عام إنتاج “شيء من الخوف” إلى سينما صنفها النقاد في إطار “تيار السينما التجارية”، مخيباً آمال وتوقعات النقاد، لكن حسين كمال فعل ذلك بوعي تام وبرره في إحدى الحوارات قائلا: “شعرت بأنني وجدت طريقي إلى السينما، وأصبح لي أسلوب مميز في الإخراج، فكان لابد لي من أن أخوض الواقع السينمائي فأنا مقتنع بأن السينما مخاطبة لوجدان الناس.. كل الناس، وليست قاصرة على الخاصة أو على فئة بعينها دون الفئات الأخرى”، وهو ما حدث مع “أبي فوق الشجرة”.

 

أبي فوق الشجرة عام 1969

يبدو الفيلم تجارياً وبالفعل حطم الأرقام القياسية في شباك التذاكر في السينما المصرية والعربية، واستمر عرضه في دور سينما أكثر من 50 أسبوعاً، لكنه أشار وبقوة لوجود مخرج استعراضي يستطيع صنع سينما غنائية جذابة بغض النظر عن الحبكة الدرامية، وأثرى السينما العربية بمجموعة من التابلوهات الاستعراضية الخالدة في تاريخها مثل جانا الهوى، الهوى هوايا، وأحضان الحبايب، يا خلى القلب، قاضى البلاج، الفيلم قصة إحسان عبد القدوس وبطولة عبد الحليم حافظ ونادية لطفي وميرفت أمين.

 

مولد يا دنيا عام 1976

يعود حسين كمال ليؤكد من جديد أنه مخرج استعراضي من طراز فريد ويثبت أن للأغنية الفيلمية أهمية درامية، وليست مجرد إضافة جمالية للسينما، فقدم نموذجا ناجحا للبطولة الجماعية، لكن ذكاء حسين كمال يفاجئك دائماً، ليس فقط في تقديم عفاف راضي، في أول أدوارها السينمائية، وإنما أظهر الفنان القدير عبد المنعم مدبولي كما لم تراه من قبل في مشاهده التمثيلية التراجيدية، مثل مشهد أغنية “يا صبر طيب”، حيث كان واحداً من أجمل وأرق أدوار مدبولي، لاحتوائه على فلسفة ساخرة ومعاني ولمسات إنسانية عميقة.

 

فيلم إحنا بتوع الأتوبيس عام 1979

تمنى البعض أن يستمر حسين في تقديم الاستعراض لكنه يعيش ليبحث عن التغيير، فقدم فيلماً يحمل اسما كوميديا “إحنا بتوع الأتوبيس” مع أكبر نجوم الكوميديا عادل إمام وعبد المنعم مدبولي في فيلم سياسي قوي، ينتمي إلى السينما التي ألقت الضوء على حقبة الستينات في مصر والتعذيب داخل المعتقلات، والقصة حقيقية ومستوحاة من كتاب “حوار خلف الأسوار” للكاتب الصحفي جلال الدين الحمامصي.

 

حبيبي دائماً عام 1980

ماذا لم يقدم بعد حسين كمال؟ ربما هذا وقت الرومانسية ليُخلد فيلمه “حبيبي دائماً” ضمن أهم أفلام الحب والرومانسية المغلفة بالميلودراما التي تبدو مستهلكة لكنها بنكهة حسين كمال أبكت الجمهور ومازال “إبراهيم وفريدة” قصة تحرك مشاعر الكثيرين رغم مرور أكثر من ثلاثين عام، بطولة نور الشريف وبوسي وسعيد عبد الغني.

 

ريا وسكينة عام 1980

قدم واحدة من أنجح مسرحيات الكوميديا الاستعراضية التي مازالت تعيش في الوجدان العربي مع “إفيهات” نجومها مثل شادية، وسهير البابلي، مع عبد المنعم مدبولي، وأحمد بدير.

 

وهناك عشرات الأعمال الأخرى، وربما مازال النقاد يرون أنه مخرج تجاري لكنه قدم رؤيته في صناعة الفن لكل الجمهور ونجح في جميع قوالبه، وحقق ما قاله من قبل: "اخترت أن أصنع الفن الكبير.. لقد وضعت اسمي على باب سينما شبرا، بدلا من وضعه على باب نادي السينما أو مركز السينما".

 

ومن أفلامه "العذراء والشعر الأبيض، وإمبراطورية م، وثرثرة فوق النيل، ودمي ودموعي وابتسامتي، ونحن لا نزرع الشوك، وأرجوك أعطني هذا الدواء، والمساطيل"، بالإضافة إلى مسرحية "الواد سيد الشغال، ومسرحية حزمني يا، ومسرحية أنا والنظام وهواك، ومسرحية ريا وسكينة".