طارق الشناوي يكتب: حظه معاكى يا دنيا كده

الفجر الفني

بوابة الفجر


أمس الأول كان عمرو دياب يغنى فى الساحل الشمالى، وسط آلاف من معجبيه، مؤكدا (بحب برج الدلو)، وكان محمد منير يغنى بعد غياب 15 عاما فى الحمامات بتونس (علّى صوتك بالغنا) وأحاطته قلوب العشاق بكل الحب، تذكرت مطربا من نفس الجيل غاب فى مثل هذه الأيام عن دنيانا، فهو يكبر عمرو بعام واحد ويصغر منير بنحو خمسة أعوام، إنه عماد على سليمان، الشهير بعماد عبد الحليم، كان لدى عماد نقطة انطلاق استثنائية من صنع القدر لم يحظ بها أحد من قبل، حيث بدأ طفلا فى مطلع السبعينيات، عندما وقع اختيار عبد الحليم حافظ عليه، لم تكن دوافع عبد الحليم فنية فقط، ولكنه أراد أن يضرب هانى شاكر، عملا بنصيحة للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، عندما وجد عبد الحليم بين الحين والآخر مضطرا للرد على تصريح أو اتهام يوجه له بمحاربة المواهب الجديدة، وكان مجرد حدوث ذلك لا يعنى سوى أن هناك حقيقة قادمة اسمها هانى شاكر تهدد عرش عبد الحليم، وبالطبع ثبت أن كل مخاوف عبد الحليم ليس لها أساس من الصحة، إلا أن من يرصد الزمن عليه أن يتحلى بالصدق الذى يؤكد أن عبد الحليم كانت لديه مخاوفه بعد أن وقف داعما لهانى أكثر من فنان كبير، مثل الشاعر مأمون الشناوى، والملحن محمد الموجى، بل كانت أم كلثوم أيضا داعمة له، كما أن الصحافة فى جزء منها وقفت مع هانى نكاية فى عبد الحليم، فقال له إحسان قولته الشهيرة (العيل يحارب بعيل).

فقرر حليم أن يتبنى عماد، والذى كان يغنى وقتها لمحمد عبد الوهاب قصيدة (حب الوطن فرض عليه)، وألحقه عبد الحليم بمعهد الموسيقى العربية وتولى رعايته ماديا وأدبيا وسط دعاية صاخبة.

واستمر على القمة بما يتمتع به من حضور وصوت يدخل القلب، إلا أننا وقبل نحو 22 عاما قرأنا هذا الخبر متصدرا الصفحات الأولى، (عثر على جثة المطرب عماد عبد الحليم ملقاة على الأرض ومعه سرنجة وليمونة)، المتعاطى لا يمكن أن يظل حتى النهاية متخفيا بدون أن تستشعر الدائرة القريبة منه بالخطر، كما أن الأخبار كانت تتناثر هنا وهناك، أنا على عكس أغلب القراء أشعر بقدر من التعاطف مع المتعاطى، فهو مريض يستحق العلاج وليس التشفى أو التهكم، مع الأسف كثيرون دخلوا إلى تلك الدائرة السوداء، ولم يستطيعوا الخروج منها، ولدينا عشرات من النماذج محليا وعالميا.

بعد رحيل حليم عام 77 كان عماد قد وصل للسابعة عشرة، وقدم بعدها للتليفزيون مسلسلى «الضباب» و«العندليب الأسمر» وعددا من الأفلام مثل «حياتى عذاب»، وكلها تروى بشكل أو بآخر حياة حليم.

يبدو أن النجاح السريع أدخله سريعا بؤرة الإدمان ولم يحط هذه الموهبة بسياج يحميها، وبدأت الأضواء تنسحب عنه وامتزج الإدمان بعلاقة نسائية مع راقصة شهيرة كادت أن تودى به إلى السجن، عندما أرادت الانتقام منه ودبرت له مكيدة لإلقاء القبض عليه أثناء تعاطى المخدرات فى بيت مطرب شاب آخر، ولكن الشرطة داهمت المكان قبل أن يصل عماد وألقت القبض على المطرب الشاب الذى قضى عاما فى السجن خرج من بعده وقد تاب عن التعاطى، متخصصا فى الغناء الدينى.

ظلمته الدنيا وظلمها وكان ينعى نفسه وينعيها عندما غنى لها «حظى معاكى يا دُنيا كده»!!.