أبناء وقتلة.. هانى قتل والدته لتفريقها فى المعاملة بينه وبين أشقائه

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


■ هانى قتل والدته لتفريقها فى المعاملة بينه وبين أشقائه.. وأمل تزوجت مرتين وانفصلت.. فتزوجت عرفيا من خمسة رجال ثم قتلت عمتها


لم يجد العقل حتى الآن سبباً منطقياً يدفع ابناً لمد يده بالقتل إلى أحد أبويه، إذ إن أفدح جريمة عرفتها البشرية كانت قتل الأخ، أما الأب والأم فكان وضع حد لنهاية حياة أحدهما من المستحيلات، حتى وقت قريب.

تختلف أسباب قتل الأبناء لآبائهم وتتعدد، لكن نتيجة هذه المأساة واحدة، خسائرها أكبر من الاحتمال، وآلام تفوق الحصر، ولكن البطل الحاضر فى جميع الوقائع هى المخدرات.

و«الفجر» تفتح هذا الملف الخطير، «الأبناء القتلة»، الذى يضرب استقرار الأسرة بعنف، خاصة فى القاهرة التى تتصدر ترتيب المحافظات من حيث عدد تلك النوعية من الجرائم.

يقول أطباء نفسيون إن إدمان المخدرات أحد أسباب هذه الجرائم، ورغم أنها لا تمحو عقل الإنسان، إلا أنها تضخم عيوبه، وسقطاته الأخلاقية، وإذا لم يتمكن المدمن من الهروب من ألم الضمير، تصبح السقطات واقعه اليومى، ومع تواليها قد يتحول إلى مجرم، مقابل جرعة تساعده على الهرب إلى عالمه الخيالى الخالى من الألم.

وتلعب الخلافات الأسرية، بين الوالدين دوراً حاسماً فى لجوء الشباب لتعاطى المخدرات ليهربوا من حبهم لآبائهم، فلا ينحازون لأحدهم، وتصبح مشاعرهم مع الوقت، وتوالى الجرعات حيادية تماماً تجاه الآخرين، أياً كانوا، وينصب اهتمام الشاب على إرضاء ذاته وليذهب أيا كان إلى الجحيم.

«هانى. ع».. طالب بالفرقة الثالثة فى كلية التجارة، بجامعة القاهرة، كان يرى أن والدته تفرق فى المعاملة بينه وبين أشقائه، ويظن أنها تحبهم بدرجة أكبر، وكان شخصاً انطوائياً، يعيش معظم الوقت وحيدا، ليس لديه أصدقاء، ولا تغريه أحاديث عائلته، كانت السيجارة صديقته الوحيدة، وشريك غرفته، حتى اقتحم عليه خلوته ابن خالته، الذى أنهى دراسته الجامعية منذ مدة ولا يعمل.

بعد كلمات سريعة ليس لها معنى، تعاطى هانى أول جرعة هيروين مع ابن خالته، ليعرف هانى عالماً آخر، خيالياً ألوانه مبهجة.. ومنحه المخدر القدرة على تبادل الحديث مع الآخرين، وتحول فى لحظات من شخص انطوائى مأزوم، إلى آخر مرح، يلقى النكات بكثرة، حماسه للهو لا يتوقف، ولكن بعد عدة جرعات، عاد هانى ليصبح أكثر انطوائية، همه الأول توفير ثمن الجرعة، والبحث عن «ديلر».

زادت مشكلات هانى النفسية، وتضخمت ظنونه حول تفضيل والدته لأشقائه عليه، أصبحت الظنون، يقيناً فى مخيلة الشاب المدمن، ورأى أنه يجب أن ينتقم من والدته التى أحبها وكرهته، كما صور له المخدر، وجاءت لحظة الانتقام عندما رفضت الأم مساعدته فى الزواج، فطعنها بالسكين فى «رقبتها»، ما أودى بحياتها فى الحال، وفر هانى هارباً، قبل أن تلقى الشرطة القبض عليه، ويعترف بجريمته كاملة، مبرراً ما حدث بأن الأم كانت تفضل أشقاءه عليه.

أما «أمل .س»، 35 سنة، فكانت تسكن مع عمتها فى شقة فاخرة مملوكة لوالديها الراحلين فى مدينة نصر، ودخلت إحدى المصحات النفسية بعد طلاقها مرتين، وزواجها عرفياً ما يقرب من 5 مرات، فأدمنت تعاطى المخدرات التى صورت لها أن عمتها ترغب فى السيطرة عليها، فقتلتها طعناً بسكين المطبخ من الخلف بعد أن تركها المخدر شبه مجنونة.

 وقتل «محمد .ع» 20 سنة، من مواليد محافظة أسوان، ويسكن فى الجيزة، شقيقته الكبرى، ووالدته، لإصرارهما على عدم الاستجابة لطلباته المتكررة بالحصول على ثمن المخدر، خصوصاً بعد تورطه فى عدة حوادث سرقة، ومحاولته الانتحار أكثر من مرة، وبعد استشارة طبيب نفسى، أفلت محمد من حبل المشنقة، لكن تم حجزه بمستشفى الخانكة للأمراض النفسية.

وتكشف القضية رقم 607 جنايات القاهرة، مأساة «جمال .م» 59 سنة، مهندس زراعي، الذى تم العثور عليه مقتولاً داخل شقته، حيث أظهرت التحقيقات أن خلافات نشبت بينه وبين نجله محمود، فى يوليو الماضى، عندما أراد الأخير الحصول على 4 آلاف جنيه تمثل تكاليف الدراسة طيلة عام دراسى كامل، وعندما رفض الأب، تطور الأمر إلى مشاجرة، تمكن المتهم أثناءها من شل حركة والده تماما، ثم هشم رأسه.

أما «مروان .م» 13 سنة، طالب بالمرحلة الإعدادية، بمدرسة خاصة بمنطقة المطرية، بالقاهرة، فعانى طوال حياته، حسب قوله فى التحقيقات، من معاملة والده السيئة، والتى أصابته بأمراض نفسية، دفعته لتسديد عدة طعنات لوالده، بعد مشاجرة نشبت بينهما، بسبب المصروف، كما أن المجنى عليه كان دائم توجيه السباب له ولوالدته.

كمال رشوان، محام، قال إنه ترافع فى القضية رقم 605 لعام 2017، المتهم فيها شخص يُدعى مصطفى ياسين، 38 سنة، والذى اعتدى على والده المتقاعد، 67 سنة، ما أدى إلى وفاته، لأنه كان كثير الشكوى، ودائم السباب، وفى إحدى المشاجرات بينه وبين المتهم، تطور الأمر لتبادل اللكمات، وخلال المشاجرة سقط الأب صريعاً، وعوقب الابن بالسجن المشدد 10 سنوات مع الشغل، لغياب ركن الإصرار والترصد، وعدم تعمده قتل والده.

الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، قال إن هناك العديد من الحالات التى تم عرضها عليه، بتكليف من النيابة العامة، موضحاً أن حدة العنف كانت فى تطور مستمر طوال حياته المهنية، وفى السنوات الأخيرة تحديداً، وأغلبها لأسباب مادية لها علاقة بتعاطى العقاقير التى تؤثر على الحالة النفسية، ومنها المخدرات، حيث حازت محافظة القاهرة على نصيب الأسد بين الحالات التى فحصها، حيث كان أغلب الحالات تُعانى من ضغط نفسى شديد، وآلام حادة فى الجسد، وهناك حالات ارتكبت جرائمها تحت وطأة «الاضطراب اللحظى».