منال لاشين تكتب: فى بيتنا فالكون للحراسة

مقالات الرأي



اشتهرت شركة فالكون للحراسة والتأمين بعد الانتخابات الرئاسية الماضية، وزادت شهرتها عندما أسندت لها وزارة التعليم العالى تأمين جامعة القاهرة وجامعات أخرى، وتتولى الشركة تأمين العديد من المؤتمرات والفعاليات.

ولكن الأسبوع الماضى دخلت شركة فالكون مجالاً جديدًا يمس كل بيت، فقد أسندت وزارة الكهرباء للشركة أو للموظفين بها قراءة عداد الكهرباء وتحصيل الفاتورة.

وقيلت الكثير من المعلومات غير المؤكدة التى لم تنفها أو تؤكدها وزارة الكهرباء، من هذه المعلومات أو بالأحرى أخطرها منح هؤلاء المحصلين الجدد الضبطية القضائية، وهو أمر مثير للجدل والرفض إذا ثبتت صحته، فما هى حاجة محصلى فالكون للضبطية القضائية، وهى ضبطية تمكنها من تفتيش منازلنا والقبض علينا.

وهل سيأتى محصل كهرباء فالكون ومعه سلاح أو مجرد جهاز؟

مرة ثانية وعاشرة ما هى حاجة محصل فالكون للضبطية القضائية، فوظيفة المحصل أن يقرأ العداد ثم يخبرنا بقيمة الفاتورة، ومن يمتنع عن الدفع تقوم الوزارة بالإجراءات العقابية بما فى ذلك قطع التيار الكهربائى عن المنزل أو المنشأة الممتنعة عن سداد الفاتورة، ولذلك لا أرى أى ضرورة لمنح محصلى فالكون الضبطية القضائية، وإلا كان على المواطنين تعلم طرق الدفاع عن النفس مثل الكاراتيه أو الجودو وأخواتهما، لأننا مقدمين على مرحلة جد خطرة، ولا يعلم مداها أو آثارها سوى الله تعالى، فقد تنتهى عملية تحصيل الفاتورة بضرب أو قضية أو ما لا يحمد عقباه.

الأمر الثانى اللافت للنظر أن محصلى الكهرباء يقومون بعملهم بخبرة تراكمية، والمشكلة ليست فى كفاءة المحصل بل فى عدد المحصلين أو بالأحرى قلة عدد المحصلين، ولذلك كان أولى بوزارة الكهرباء تعيين عدد كاف من المحصلين للقيام بالمهمة، وبالطبع منح المحصلين مرتب راتبا معقولا، وذلك بدلا من منح الأموال للقطاع الخاص أو عاملين مؤقتين، عمال لا يملكون الخبرة من ناحية أو الاستمرارية من ناحية أخرى، فعقد وزارة الكهرباء مع شركة فالكون عقد مؤقت وليس أبديا، ومن الممكن أن تستبدله الوزارة مع شركه أخرى.

ولذلك أجدى بوزارة الكهرباء العودة للأصل، والأصل هو تعيين محصلين جدد يتلقون تدريباً على عملية القراءة والتحصيل، وهى مهمة لا تحتاج إلى حملة الماجستير والدكتوراة، ولدينا ملايين العاطلين من حملة الدبلومات المتوسطة.

ولكن يبدو أن وزارة الكهرباء لا ترغب فى توريط نفسها فى تعيينات جديدة بتأمينات وحقوق ومعاشات ووجع دماغ،

وللأسف فإن هذه الفكرة تسيطر على فكر قيادات بعض المؤسسات، فبعض البنوك العامة والخاصة تلجأ لهذه الطريقة، فعند تحصيل القروض المتعثرة تلجأ لمحامين من خارج البنك، وتمنح المحامى عند تسوية كل قضية 15% من قيمه القرض، وقد قلت يوما لرئيس بنك: أليس من الأفضل ان تترك المهنة لمحامى البنك وتعطى لهم 5% من القيمة، فسكت وكأنه «يستخصر» فى أبناء البنك هذه الأموال، فالمنح حلال للغرباء وحرام على أبناء المؤسسة.

وهذا منطق يجب أن نتوقف عن العمل به فورا، فإذا كانت وزارة الكهرباء فى حاجة لمحصلين فتقوم بتعيين محصلين شباب قادرين على العمل، ولديهم خبرة للرد على استفسارات المواطنين والتعامل معهم، ويمكن لوزارة التنمية المحلية أن توفر للكهرباء موظفين فى قطاعات ووزارات أخرى ممن لديها فائض فى العمالة.

وأنا هنا أتحدث عن قضية عامة فلا اعتراض لدى على شركة فالكون أو وزارة الكهرباء، والاعتراض الأساسى فى إسناد عمل حكومى صرف لا يحتاج إلى عبقرية للقطاع الخاص فى وقت يزيد الجهاز الحكومى عن 5,5 مليون موظف من ناحية، وتشكو الحكومة من وجود ملايين الموظفين بلا عمل من ناحية أخرى، بصراحة وعلى بلاطه نحن أمام أحد أشكال إهدار المال العام.

والأخطر هو منح موظف قطاع خاص الضبطية القضائية، موظف يدخل منازلنا، ليس بغرض مطاردة اللصوص، بل لقراءة عداد النور وتحصيل الفاتورة، عملية سهلة وبسيطة ولا تحتاج للاستعانة بالقطاع الخاص ولا بخبراء.

عيب الحكاية مش ناقصة تفانين والموازنة بحاجة لكل مليم فما بالك بملايين الجنيهات.

وكل سنه وأنتم طيبون