عبد السلام عبد الدايم يكتب : ما السعادة

ركن القراء

عبد السلام عبد الدايم
عبد السلام عبد الدايم


عزيزتي..
سيحدثونكِ في كلِّ مرة عن السعادة، وستقرأين عنها كثيرًا..
سيخبرك أحدهم أنها في المال، سيصف لك سطوته، وما يفعله من تغيير في النفوس، وإزالة العقبات، وفتح ما غُلِق من أبواب، ويحدِّثك عن هيبة الناس للشخص الغني.
سيخبرك آخر أنها في المنصب والجاه وما يفعله من تحكم في أقدار الرجال وإذلالهم، والاستمتاع بانصياعهم لنظرة عينيك.
ستحدثك إحداهنَّ أنَّ السعادة في المسكن الواسع ذي الشرفة البرَّاقة، والبهو الجليل.
لكن يا عزيزتي من ستصدقين؟ لكل منهم رأيه وحجته! هل عليك التجريب واختيار واحدًا واحدًا مما سبق ومعرفته عن كثب؟
إذن يضيع عمرك بين التجريب والاختيار.. وفي النهاية ستأوين إلى فراشك كلَّ ليلةٍ بأحلام فتاة ووجه عجوز يمجُّه الجميع (الغني، وصاحب المنصب... حتى الشخص العادي).
فكم من غني تعيس يتردد على عيادات الأطباء النفسيين يمتلئ يومه بالجلسات النفسية ومعدته بالأدوية المهدئة وربما يحتاج إلى جلسات كهربائية تعيد توازنه الكيميائي، أقصى ما يطمح إليه هو النوم ساعة والسكينة برهة.
وكم من صاحب منصب تعيس يمتلئ يومه باللعنات ودعوات المقهورين أقصى ما يسعى له هو الأمان من مظلوميه والسعي في الطرقات دون حراسات مشددة أو إرشادات أمنية، لا يغفل عقله عن تخيل حاله لو عاش مزارعا في بستان والده يزرع ويحصد وينام.
وكم من صاحب قصر يعيش وحيدا تحيط به أصوات الأشباح وخيالات البصر أقصى ما يسعى له ألا يحصل عمال قصره على إجازة أو حتى لا ينصرفوا نهاية اليوم فيتركوه وحيدا بين جدران صماء.
إذن أين السعادة؟ ولم نحصل عليها خلال واحدة من تلك النعم السابقة.
أعرف منطقك الطماع وأسمع صوتك الآن: "السعادة هي الجمع بين كل ما سبق" ولكن لم يحصل واحد من البشر على كل تلك النعم؛ إلا ونقص منه شيء طالما تمنى زوال ما يملك وحصول ما يتمنى.
السعادة يا عزيزتي في الرضى بما قسمه الله لكِ والشعور بها ينبع من سعيك لتحقيق تلك النعم...
السعادة تفتح من الداخل، السعادة هي السلام بين الظاهر والباطن بين الإنسان والناس، بين الإنسان وربه.
في النهاية كل عام أنتِ كما أنتِ.. ميلادك بطعم أمنيات