"الفجر" تخترق دهاليز مافيا تهريب أدوية الهيموفيليا

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


"الفاكتور المصرى" اختفى من الأسواق منذ شهور


يعانى 22 ألف مصرى من كابوس يدعى مرض «الهيموفيليا»، أو عدم تجلط الدم، وهو مرض وراثى يهدد حياة المريض طوال الوقت، مما يحتم التآلف مع آلام المرض، وأيضا التأقلم مع إهمال القطاع الطبى فى مصر.

مريض «الهيموفيليا» يحتاج لميزانية خاصة، حتى يتمكن من استكمال الحياة، وطبقا لآخر الاحصائيات فإن 60 % من مرضى «الهيموفيليا» لا تشملهم مظلة التأمين الصحى، كما لا تتوافر أماكن العلاج المتخصصة، وغالبا ما يعانى المريض من نقص العقاقير الطبية اللازمة للسيطرة على هذا المرض العضال.

أهم علاجات «الهيموفيليا» هو حقن «فاكتور»، ويصل سعر الأمبول الواحدة حاليا إلى 2100 جنيه، بعد قرار الحكومة الأخير برفع أسعار الأدوية عقب تعويم الجنيه، فضلا عن أن «الحقن» غير متوافرة فى الصيدليات من الأساس.

«فاكتور 8 ، 9 » هى حقنة تجنب مريض الهيموفيليا خطر الموت، وكانت تنتجها شركة «فاكسيرا» قبل إغلاق مصنعها منذ أشهر، بسبب عدم مطابقته للمعايير والمواصفات!

بدأت «فاكسيرا» فى العمل بالسوق المحلية عام 1881، بمعمل صغير أنتج لقاح الجدرى لأول مرة فى مصر عام 1893، ثم لقاح الكوليرا عام 1947، وفى عام 2002 صدر قرار جمهورى رقم 187 لسنة 2002 بتحويل الهيئة المصرية العامة للمستحضرات الحيوية واللقاحات «فاكسيرا»، إلى شركة قابضة يتبعها ثلاث شركات، وبدأت فى استيراد factor vill ، إلى أن تم إغلاق المصنع.

كان الحل المنطقى هو استيراد «فاكتور» لكن الحكومة ترفض الإفراج عن شحنة «فاكتور» موجودة بصالة البضائع بمطار القاهرة منذ أسابيع، ولم تعلن الجهات المسئولة عن أسباب الرفض. وأدى عدم توفير «الفاكتور» بالطرق الرسمية، إلى انتعاش السوق السوداء، ومافيا التهريب، التى جنت مكاسب باهظة على حساب نزيف المرضى المصريين.


1- معاناة على هامش المرض

«مش لاقى الحقنة بقالى شهرين».. بهذه الجملة أوجز هيثم شاهين، 20 عاما، معاناته مع «الهيموفيليا»، وأضاف أنه حاول العلاج بأدوية بديلة ولم ينجح، وطالب الحكومة بضرورة النظر بعين الرحمة لأصحاب هذا المرض الخطير، وتوفير أدنى حقوقهم، وهو جرعة الدواء التى يحتاجونها، خاصة أن المريض قد يحتاج إلى 4 أمبولات أثناء النزف، وقد تصل إلى أربعة.

وأضاف أن مرضى الهيموفيليا لا تقتصر أزمتهم على عدم توفر الدواء فقط، لكنهم يعانون أيضا من عدم الاهتمام بالمستشفيات، فضلا على إصابتهم بأمراض الدم والفيروسات الكبدية، كمضاعفات للمرض، وقد ينتقل إليهم فيروس سى، نتيجة نقل دم ملوث، لتعويض النزيف.

خلال 3 أيام فشلت «الفجر» فى العثور على أمبول «فاكتور» بصيدليات القاهرة والجيزة والقليوبية، وفى أحد أفرع سلسلسة صيدليات كبرى وُجد نوعان فقط، هما فاكتور9 «250 ملجم»، وفاكتور 8 «250 ملجم»، بسعر 1100 جنيه للأمبول، فى حين أن فاكتور 8 «500 ملجم» الأكثر طلبا غير موجود بالمرة، ويصل سعره إن وجد إلى 2100 جنيه حاليا، وفى العادة يأخذ معه المريض أدوية مضادة للالتهابات عن طريق الفم، حسب عمر المريض ووزنه. من جانبه قال أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء، إن نقص مثل تلك الأصناف الضرورية يفتح الباب أمام السوق السوداء، بأسعار مضاعفة، ولذلك تطالب الغرفة الأجهزة المعنية دائما بتوفير تلك الأدوية، وخاصة التى تتعلق بمشتقات الدم.


2- مغامرة فى سوق الإنترنت

تنتشر على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، مجموعات لبيع وشراء كل شىء، حتى الممنوع تداوله، وعلى صفحة إحدى تلك المجموعات كتبنا: «السلام عليكم، كنت محتاج 4 حقن فاكتور 8 «500 ملجم» هل موجود؟!.. بعد ذلك بساعة جاء الرد فى تعليق من رامى رفعت: يوجد حقنتان، الواحدة على 700 جنيه»، وبجوار التعليق ترك رقم هاتفه. السعر مغرٍ ويثير الاستغراب، فهو أقل كثيرا من السعر الرسمي، ويكذب تصريح نائب رئيس غرفة الأدوية، الذى يشير إلى أن أسعار السوق السوداء مضاعفة.

من خلال التواصل عبر الرسائل مع أعضاء المجموعة عرض عادل محمود، توفير 4 أمبولات «فاكتور 500 » أسبوعيا، بسعر 1000 للأمبول!.

وبالبحث عن تفسير لأسباب تلك الأسعار المنخفضة، تبين أنها أمبولات مهربة من الجمارك، وأسماؤها مختلفة لكنها تحمل نفس المادة الفعالة، ولذلك تباع بأسعار أقل من الأسعار الرسمية.

يقول الدكتور محمد فؤاد، رئيس مركز الحق فى الدواء، إن أدوية «الهيموفيليا» أدوية عالمية، ومتوافرة بالخارج، لكن مشاكل الاستيراد فى مصر بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، أدت لاختفائها بالسوق المحلية.


3- مافيا التهريب

أحد باعة «الفاكتور» على «فيس بوك» قال لـ«الفجر»: كل أنواع الفاكتور المتوافرة مهربة يا باشا»، وتباع بسلاسل صيدليات شهيرة،

وأضاف أن الدواء الفاكتور المهرب يحتوى على المادة الفعالة بأسماء مختلفة، مثل الـ «الفيرن وهيكوتين» وتتراوح أسعارهما بين 700 – 800 جنيه، وهناك الـ «q8 » الذى يعادل الـ 500 ملجم ويباع بـ 1000 جنيه، وهذه الأنواع تصنع فى ألمانيا، لكنها تأتى مهربة من كوريا والصين وتركيا، ويطلق عليها فى السوق «فاكتور تركى أو كوري» حسب البلد الواردة منها.