الطلاب في المدارس.. أولياء الأمور في "جهنم".. (ملف)

محافظات

الطلاب في المدارس..
الطلاب في المدارس.. أولياء الأمور في جهنم


كتب: محمد رجب - إسلام أمين - سالى رضوان - أبو بكر عبد المعز - إسلام علي - أيمن يحيى - أحمد فتحي الدسوقي - سمر بسيوني

في ظل استعدادها لاستقبال الموسم الدراسي الجديد، تمر العائلة المصرية بفترة عصيبة حاليًا، والذي جاء في أعقاب موسم عيد الأضحى الذي انتهى منذ أيام، ما أثر سلبًا على حركة البيع والشراء في أغلب أسواق المحافظات.

لم تقف معاناة أولياء الأمور عند هذا الحد فقط، بل تخطتها إلى سوء حالة بعض مدارس المحافظات، ما يهدد بصورة كبيرة أرواح التلاميذ، ورغم تقديم الأهالي لأكثر من شكوى ونجاحهم في استصدار قرارات بإزالة تلك المدارس، إلا أن أحدًا لم يتحرك حتى الآن.

وجه آخر من أوجه المعاناة التي بدأت مباشرة بعد نهاية العيد، يتركز حول "مراكز الدروس الخصوصية"، التي تستنزف أقوات أولياء الأمور لصالح أساتذتها الذين بدأوا الاتصال بالطلاب لتحفيزهم على دفع مصاريف الاشتراك بهذه المراكز، وحاولت "الفجر" في هذه الجولة الميدانية ببعض المحافظات رصد أبرز تخوفات أولياء الأمور والطلاب على حد سواء.



الإسكندرية.. زيادة 100%

ففي محافظة الإسكندرية، يتوافد السكندريون إلى منطقة المنشية مع اقتراب العام الدراسي الجديد، لشراء ما يحتاجونه من مستلزمات لأبنائهم الطلاب، حيث اكتسب سوق «المنشية» شهرة كبيرة لاعتباره جامعا لمئات العارضين للمستلزمات والأدوات والملابس الدراسية، ولكن الوضع هذا العام اختلف كثيرًا؛ نتيجة حالة الركود الكبيرة التي تسبب فيها ارتفاع الأسعار المبالغ فيه مقارنة بالأعوام الماضية.

وقال إسماعيل السيد، بائع زي مدارس، إن الإقبال ضعيف؛ بسبب غلاء الأسعار، وهناك زيادة بنسبة 20% عن السنة الماضية والسنة التي قبلها، كل شيء أصبح غاليا بسب ارتفاع الدولار والخامات وكذلك المنتج.. والعام الماضي في ذلك الوقت حركة البيع والشراء كانت أفضل كثيرًا، وأولياء الأمور مضطرين يدخلون أبنائهم مدارس ويحضرون لهم زيهم، لذلك "كل أب بيعصر نفسه عشان خاطر ابنه".

وتابع: تضاعفت أسعار كافة المواد الخام، وهي عبارة عن ورق كبير يتم تحويله إلى ورق كراس صغير في مصنع قنا، والزيادة قدرت هذا العام بنسبة 100%، والشركة المسئولة تضع هامش ربح ضئيل جدا، حيث أنهم يقومون بالتوزيع على مستوى المحافظة بالكامل.


البحيرة.. زيادة 40%

كما تعاني أسواق مستلزمات المدارس بمحافظة البحيرة من الركود في حركة البيع والشراء هذا العام؛ بسبب مضاعفة أسعارها بمقارنة بما كانت عليه في الأعوام الماضية، نظرًا لعدم وجود رقابة حقيقية على تجار الجملة واحتكارهم لبعض المستلزمات، علاوة على تحرير سعر الصرف.

الموسم الدارسي هذا العام يأتي عقب عيد الأضحى المبارك، الأمر الذي يمثل حملا ثقيلا على كاهل الأسرة متوسطة الدخل، خاصة مع الزيادة الجنونية في كافة مستلزمات المدارس، من: شنط، كشاكيل، كتب خارجية وملابس، وساهم في ذلك عدم وجود معارض تابعة للمحافظة تكون مهمتها هي الوصول للمواطنين والبيع لهم بأسعار مخفضة.

وقال ناصر شعبان، صاحب محل بيع ملابس مدارس بالمحافظة، إن الزيادة هذا العام تجاوزت نسبة الـ40 %، ما تسبب في الركود التام لحركة البيع والشراء بالأسواق، بعد عزوف أولياء الأمور عن الشراء على عكس السنوات الماضية، التي شهدت حراكًا ملحوظا، وأرى أن سبب الزيادة يرجع إلى ارتفاع أسعار المواد الخام، نتيجة ارتفاع سعر الدولار، وأطالب المسئولين بتكثيف الرقابة على كافة أسواق المستلزمات الدراسية.

واتفق محمد إبراهيم، صاحب محل شنط مدرسية، مع ما قاله شعبان، مؤكدًا أن أسعار الشنط زادت للضعف عن العام الماضي، ما أصاب الأسواق بالشلل التام، الأمر الذي دفع الكثيرين من أولياء الأمور باستخدام شنط العام الماضي، وعدم الشراء هذا العام؛ بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار، والحقيقة.. أغلب أولياء الأمور يأتون إلى المحلات ليسألوا عن الأسعار ثم يغادرون دون شراء.

وقالت منى محمود، ولي أمر 3 أبناء في مراحل التعليم المختلفة، إن الزيادة في جميع مستلزمات المدارس هذا العام ملحوظة جدا، وخاصة أسعار الكتب الخارجية والملابس، والسبب في ذلك يرجع إلى جشع التجار، ولقد استغنيت عن بعض مستلزمات المدارس لأبنائي هذا العام، بسبب ارتفاع أسعارها، وأردفت: "بصراحة إحنا استوينا، من العيد للمدارس.. من الدار للنار".



الدقهلية.. زيادة 45%

ويعتبر شارع العباسى التابع لمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية واحدًا من أشهر وأقدم الأسواق التجارية بالمحافظة، ومقصدًا للتجار وأولياء الأمور قبل بداية العام الدراسى، لشراء كافة المستلزمات، من كتب، أدوات، ملابس وشنط.

العباسى هو السوق الأكثر جذبا للفقراء ومتوسطي الدخل، لما يقدمه من أسعار مناسبة لكل ما يباع به، إلا أن الوضع هذا العام اختلف عن ذي قبل، حيث أصبحت أسعاره في متناول الشريحة الأعلى من متوسطي الدخل.

وقال محمد صابر، أحد تجار المستلزمات الدراسية بشارع العباسى، إن الوضع أصبح سئ والأسعار ارتفعت بنسبة 45% والمستوردين استغلوا تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف، والحقيقة.. السوق يعانى حاليا من حالة ركود تامة في كافة البضائع.

وأضاف محمد عبد الله، أحد تجار الجملة بالسوق، اعتدنا شراء البضاعة بكميات كبيرة، تصل إلى 10 آلاف كشكول ومثلهم كراسات وأقلام، أما حاليا فلا تزيد البضاعة عن 2000 قطعة من كل نوع بسبب ركود السوق، ويكفي أن أقول أن سعر الكشكول فى العام الماضى كان 50 قرشا، وقفز العام الحالى ليصل سعره لـ3 جنيهات.


السويس.. زيادة 80%

كما تشهد مكتبات السويس، قبل حلول العام الدراسى الجديد، إقبالا ضعيفًا على شراء مسلتزمات المدارس؛ بسبب ارتفاع الأسعار، خاصة وأن الموسم الدراسي جاء في أعقاب عيد الأضحى المبارك، ما أضر بالمواطنين.

وقال محمود منسى صاحب مكتبة بحي الأربعين، إن الإقبال هذا العام ضعيف جدا وحركة البيع والشراء متوقفة، ونحن نراعي الظروف المادية للمواطنين بسبب ارتفاع الأسعار بنسبة 80%، علاوة على مصاريف المدارس و"كسوة الطلاب وكسوة العيد"، كل هذا عبء لا يطاق على المواطن، نحن لدينا أبناء ونمر بنفس الظروف.

وأضاف أن سعر الكراسة الواحدة يتراوح من 2 إلى 3 جنيهات، والكشكول يتراوح سعره من 4 إلى 6 جنيهات، أما الشنط فأسعارها لا تقل عن الـ250 جنيها، والكتب الخارجية 60% منها غير متوفر، وهذه ظاهرة نلاحظها لأول مرة، واتفق محمد سمير، صاحب مكتبة مع ما قاله منسي، مؤكدا أن الموسم الدراسي الحالي سيكون الأصعب على الجميع، طلاب وأولياء أمور وتجار.


الزقازيق.. زيادة 60%

ويُعد شارع «المكاتب» بمدينة الزقازيق التابعة لمحافظة الشرقية، أحد أهم مقاصد الأهالي والطلاب لشراء مستلزمات الدراسة، حيث يضاهي في شهرته وأسعاره شارع الفجالة الشهير بالقاهرة.

الغريب هذا العام، أن حال الشارع الشرقاوي الشهير تغير، كما تغير حال رواده وبائعيه، تأثرًا بارتفاع الأسعار، الأمر الذي بات يُهدد بقاء السوق من الأساس؛ بعدما ارتفعت معظم الأسعار بنسبة تخطت الـ60% عن العام الماضي.

وقال محسن أنور، ولي أمر طالبة بالمرحلة الثانوية العامة، مقيم بمدينة القنايات، إن الأسعار ارتفعت كثيرًا عن العام الماضي، وهو أمر لا يُمكن تحمله، خاصةً وأن معظم أولياء الأمور تحملوا مصاريف إضافية نظرًا لتزامن فترة بداية الدراسة مع إجازة عيد الأضحى المبارك، «بصراحة مش عارفين نلاقيها منين ولا منين».

وأوضح عبد الرحمن محمود، ولي أمر ثلاثة طلاب بالمراحل التعليمية المختلفة، أن كل بائعي التجزئة رفعوا أسعار الكتب والأدوات المدرسية بحجة ارتفاع الدولار وتحرير سعر الصرف، فضلًا عن جشع العديد من تجار الجملة والمستوردين، الذين لا يراعون ظروف محدودي الدخل، وأطالب بتدخل الدولة وتوفير أسواق ومعارض لمحدودي الدخل.

وأكد عبده السيد، أحد بائعي الأدوات المدرسية بالشارع، أن سعر الكشكول العادي تخطى الجنيهان هذا العام، بعدما كان يُباع العام الماضي بـ75 قرشًا فقط، لافتًا إلى أن ارتفاع السعر على حسب السلعة، فهناك أنواع كشاكيل ارتفعت أسعارها بنسبة 50%، وأخرى 57% أو 100%؛ نظرًا لارتفاع كافة الأسعار في مختلف المجالات وخاصة أسعار الوقود، والتي تسببت في زيادة تكلفة النقل على السيارات التي تحمل المستلزمات إلى المكتبات والأرصفة، فيلجأ التجار إلى تعويض الفرق برفع الأسعار على المشتري.


الغربية.. زيادة 150%

وتبدأ معاناة أولياء الأمور في هذا التوقيت من كل عام، بعد الخروج من موسم ملابس العيد ولحوم الأضحى إلى الاستعداد للموسم الدراسي الجديد.

وشهدت أسعار الأدوات المدرسية هذا العام ارتفاعا هائلا مقارنة بالعام الماضى والأعوام السابقة، وأكد أولياء الأمور في محافظة الغربية أنها تخطت الـ150%.

وقال محمد سويلم، 45 سنة، موظف مقيم بإحدى قرى مركز طنطا، ذهبت لشراء الأدوات المدرسية لأبنائي الثلاثة الذين يتعلمون بالمراحل الإعدادية والثانوية، وتوقعت زيادة الأسعار، ولكن ليس بهذا الشكل الجنوني.

وتابع: أسعار الأقلام والشنط والملابس المدرسية تضاعفت مرة ونصف بالمقارنة بالعام الماضى، حيث اعتدت فى كل عام أن أشترى مستلزمات أولادي الدراسية بما لا يزيد عن مبلغ 500 جنيها، وهذا العام ذهبت لشراء نفس المستلزمات أو أقل ودفعت 1250 جنيه.

وأوضح مرزوق السودانى، ولي أمر أحد الطلاب ومقيم بمدينة كفر الزيات، أن الادوات المدرسية أصبحت لا غنى عنها، مثل المأكل والمشرب، وجشع أصحاب محلات الجملة أدى إلى زيادة الأسعار بشكل كبير جدًا مقارنة بالعام الماضى، لعلمهم بعدم استطاعة أولياء الأمور الاستغناء عن تلك المستلزمات مهما بلغت أسعارها.

وأكد ممدوح مصطفى، صاحب إحدى المكتبات الدراسية أن أسعار كافة السلع والمستلزمات الطلابية تضاعفت هذا العام، خاصة المنتجات التي يتم استيرادها؛ بسبب ارتفاع سعر الدولار وتذبذبه وتحرير سعر الصرف، والحقيقة.. المكتبات كلها تشهد هذا العام تراجعا كبيرا في حركة البيع والشراء، رغم أنه لا يمكن الاستغاء عن الأدوات المدرسية.


بني سويف.. زيادة 50%

كما تعاني أسواق مستلزمات المدارس ببني سويف ركودًا تاما، قبل نحو أسبوعين من بدء الموسم الدراسي، ويعتبر سوق "الجبالي" أحد أشهر أسواق مستلزمات المدارس بالمحافظة، لأن أسعاره كانت في السابق تناسب كافة شرائح المجتمع.

وشهد ذلك السوق ازدحاما شديدا فى مثل هذا التوقيت من السنوات الماضية، إلا أن الحال تبدل كثيرا هذا العام، ويقول محمد محروس، صاحب متجر لبيع الشنط "السوق حاله نايم السنة دى على الآخر، وحركة البيع منعدمة تماما، فأسعار الزى وكافة المستلزمات ارتفعت هذا العام بنسبة من 20 إلى 50% مقارنة بأسعار العام الماضي".

على ناصية السوق الشرقية يجلس عم منصور بدوي، عجوز في نهاية العقد السادس من العمر، راثيا حال السوق الذى لم يشهد منذ الصباح إلا 4 زبائن فقط، وأكد أن "الشارع حاله ميسرش، ركود تام رغم أننا فى ذروة الموسم، معظم الزبائن يتفرجون فقط, إحنا بنصبر نفسنا إن الوضع على الجميع، والأهالى لسه خارجين من مصاريف العيد وكان الله فى العون، لكن بصراحة إحنا مش لاقيين ناكل".


كفر الشيخ.. زيادة 120%

يستعد أبناء محافظة كفر الشيخ لبداية كل عام دراسى برفع حالة الطوارئ فى منازلهم؛ لشراء الأدوات والمستلزمات المدرسية، التى لابد وأن ترتفع أسعارها كل عام، لكن هذا العام اختلف تماما، حيث ارتفعت الأسعار لأكثر من 120%.

علي فتح الله، ولي أمر طالبان في المرحلتين الإعدادية والثانوية، قال إنه سيلجأ لشراء الكراسات والأقلام بالقطعة، كما سيحاول إقناع نجليه بالذهاب للمدارس بشنطهما القديمة؛ بسبب ارتفاع الأسعار، كما سيرتدى نجليه نفس الزى المدرسى للعام الماضي.

وأكد أصحاب المحلات، أن ارتفاع الأسعار أدى إلى تراجع كبير في حركة الشراء هذا العام، واعترف هيثم أحمد، صاحب محل، "الناس بقت بتغسل ملابس ولادها القديمة وتكويها استعدادا للعام الدراسي، محدش معاه فلوس يشتري والأسعار نار، ربنا يكون في عون الجميع، الوضع صعب علينا كلنا".