رجال الأعمال يستعدون لمعركة تخفيض أسعار غاز المصانع

العدد الأسبوعي

مجلس النواب - أرشيفية
مجلس النواب - أرشيفية


فى بداية دور الانعقاد الجديد للبرلمان

■ الحكومة تربط القرار بتحقيق الاكتفاء الذاتى من حقل «ظهر» قبل نهاية العام


لم يدخل قرار الحكومة بتخفيض سعر الغاز لمصانع الحديد والصلب، لمدة عام، من 7 إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، حيز التنفيذ رغم مرور 54 يوما على صدوره.

خلال هذه الفترة تحركت أسعار الحديد مرات عديدة، وحققت قفزات تاريخية بعد قرار تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى، حيث تخطى سعر طن الحديد الـ10 آلاف جنيه للمرة الأولى فى تاريخه، بارتفاع يقترب من الضعف تقريبا.

قرار التخفيض صدر فى مارس 2016، ولم تستطع الحكومة تنفيذه رغم وعودها المتكررة للصناع، لكن الكواليس تشير إلى أسباب أخرى منعت تنفيذ القرار، أبرزها رفض الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس".

وكان المهندس طارق قابيل - وزير التجارة والصناعة- قد صرح بسبب آخر خلال السحور السنوى للوزارة فى يونيو الماضى، إذ ربط تنفيذ القرار بتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى، مشيرا إلى أن الحكومة تتجه لوقف الدعم الزائد من أجل ترشيد الاستهلاك.

سبق تلك الكلمات الدقيقة، استعراض لخطة وزارة البترول أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى 20 إبريل الماضى، وهى الخطة التى أشارت إلى أنه سيتم تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى خلال عام 2018، وأن بدء الانتاج من حقل ظهر سيكون قبل نهاية العام الحالى.

وتتحمل الدولة فروق أسعار الغاز الطبيعى التى سيتم تخفيضها للمصانع، بالإضافة إلى الدعم الذى تقدمه فى الطاقة، وهى أمور لا يستفيد منها إلا المنتجون كثيفو الاستهلاك للطاقة، والذين يحمّلون ارتفاع الأسعار على المستهلك النهائى، بغرض الضغط على الحكومة لتنفيذ القرار الذى يخدم مصالحهم.

وتقول تقديرات الخبراء إن قرار تخفيض سعر الغاز لمصانع الحديد، يكلف الدولة أكثر من مليار دولار سنويا، حيث تقدر تكلفة استيراد الحكومة للغاز من الخارج 12 دولارا للمليون وحدة حرارية، ويتم بيعه لقطاع الصناعة بـ 7 دولارات.

وتشمل التكلفة قيمة الشحنات التى تستوردها شركة إيجاس، بالإضافة إلى تكلفة استئجار وحدتين للتغييز بغرض إعادة الغاز المسال إلى طبيعته الغازية، وأيضا استئجار رصيف على الموانئ المصرية.

ووفقا لوزارة البترول، تبلغ فاتورة استيراد مصر من الغاز خلال العام المالى 2016/2017 حوالى 3 مليارات دولار، لكن الأكثر إثارة للجدل هو أن قرار فرض رسوم الإغراق على الحديد المستورد كان سببا آخر فى رفع أسعار الحديد بشكل مبالغ فيه، مع ترك السوق مفتوحة أمام المنتجين المحليين.

ويستغل رجال الأعمال "منتجو الحديد" فكرة أن أقصى سعر للغاز عالميا هو 3 دولارات، وأن الدول المصدرة لمصر وهى الصين وتركيا وأوكرانيا، تعتمد على الفحم مما يزيد حدة المنافسة فى السوق العالمية، وأنه إذا تم تخفيض سعر الغاز فستنخفض التكاليف، ويتراجع سعر الحديد وتزداد الصادرات.

خلال الأيام القليلة الماضية جددت تنظيمات رجال الأعمال مطالبها لعقد اجتماع مع رئيس الوزراء لمناقشة ملف تسعير الغاز الطبيعى، الموجه للصناعة ككل، وليس مصانع الحديد والصلب فقط، وذلك مع ارتفاع أسعار الخامات ومدخلات الإنتاج، وتراجع المبيعات.

وتختلف أسعار الغاز الطبيعى الموجهة للقطاع الصناعى، بحسب التعاقد المبرم مع شركة إيجاس مابين منخفضة، ومتوسطة، وكثيفة استهلاك الطاقة، وتتراوح بين 3 إلى 7 دولارات أو أكثر للفئة الأخيرة.

وتستهلك الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، وهى الحديد والأسمنت والسيراميك والأسمدة، حوالى ثلث انتاج مصر من الغاز الطبيعى، وحسب التقرير السنوى لشركة إيجاس بلغ إجمالى استهلاك الصناعة من الغاز خلال العام المالى 2015/2016، نحو 379 مليار قدم مكعب سنويا، نصيب الحديد والصلب منها 45 مليار قدم مكعب، والأسمدة 104 مليارات قدم مكعب، والأسمنت 31 مليار قدم مكعب.

من ناحية أخرى، أعلن نواب لجنة الصناعة بالبرلمان، أن ملف تخفيض أسعار الغاز الطبيعى الموجه للصناعة سيكون فى بداية الاجتماعات خلال دور الانعقاد الجديد فى أكتوبر المقبل، ولجميع المصانع وليس الحديد والصلب فقط، وكان النائب محمد السويدى - رئيس ائتلاف دعم مصر، ورئيس اتحاد الصناعات- قد حصل على وعود من وزراء الصناعة والبترول ببدء التخفيض.

من ناحية أخرى فإن نواب لجنة الطاقة والبيئة، يرون أن مطالب رجال الأعمال بخفض أسعار الغاز الطبيعى صعبة التنفيذ، حيث إن سعر المحروقات فى مصر أقل من السعر العالمى، وأن مصر ما زالت تعتمد على الغاز المستورد، كما تشترى الغاز من الشركات الأجنبية المنتجة له فى مصر بسعر مرتفع، ما يعنى أن تقليل السعر يحمل الموازنة العامة للدولة مزيداً من الأعباء.

وطالب أصحاب مصانع الطوب والسيراميك والزجاج والأسمدة، بتخفيض سعر الغاز لها أسوة بمصانع الحديد، وعدم تمييز قطاع على آخر، الأمر الذى يؤدى إلى خسارة شركة إيجاس حوالى 2 مليار دولار سنويا، تمثل الفارق بين السعرين.

وحسب النائب عزت المحلاوى - عضو لجنة الصناعة- فإن تخفيض سعر الغاز هو أمر مهم جدا، ويشجع الصناعة، ويساهم فى فتح مشروعات جديدة، وهو ما طالبت به اللجنة منذ ستة أشهر.

ووفقا للنائب السيد حجازى - عضو لجنة الطاقة والبيئة- فإن رجال الأعمال والمستثمرين يمكنهم شراء الغاز من أى شركة، أو جهة أو استيراده بشكل شخصى بعد إقرار قانون تنظيم أنشطة سوق الغاز، وهو ما يضمن أقل سعر للغاز، وسوق حرة تنافسية، دون تحميل الدولة أى دعم.