نسمة إمام تكتب: الكرتون الواقعي.. السم في العسل

ركن القراء

نسمة إمام
نسمة إمام


قد يعتقد الأبوين أن ترك طفلهما يشاهد الكرتون أمام جهاز التليفزيون أو من خلال موقع اليوتيوب عن طريق الهاتف المحمول، هو أمر غاية في الروعة حيث يعتقد كلاهما بأن مشاهدة الطفل لتلك المادة المتخصصة، تفتح أمامه بابًا جديدًا للتعلم والنطق الصحيح للكلمات، والحصول على مخزون لُغوي، وسلوكي، ومعرفي، وأخلاقي سليم.

 

وفي حقيقة الأمر، قد يُصدم هؤلاء عندما يعلمون أن هذا المحتوى الذي يبث للطفل صورًا ملونة وجذابة، ماهو إلا وسيلة لقتل مهاراته لاسيما الاجتماعية منها والأخلاقية، فالحقيقة أن كثرة تعرّض الطفل لمادة الكرتون تحديدًا، تزيد من انعزاله عمن حوله، فهكذا التكنولوجيا بوجه عام، تجذب إليها بشدة من يتعامل معها، ولنا في شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك، وتويتر، واليوتيوب خير أمثلة.

 

ولكن إذا كنا نتعامل نحن بنضج مع التكنولوجيا الحديثة، والتي تجذبنا بهذا الشكل وتوقعنا في براثنها كالمدمنين، فلابد لنا من نظرة أكثر تعمقًا تجاه الطفل، الذي قد لايعي الصالح من الطالح عندما يستخدمها.

 

لاشك أننا جميعًا قد اطلعنا على الشكل الحديث من الكرتون، على شبكة اليوتيوب والذي تقع تحت مُسمى كرتون الأطفال الواقعي، وفي الحقيقة عندما تذهب لتشاهد المحتوى قد تتفاجأ بما يحويه هذا العمل من مشاهد مُخلة للغاية! حيث قامت إحدى شركات الإنتاج الأجنبية بتطوير الشخصيات الكرتونية التي يعشقها الأطفال، وقامت بتحويلها إلى حلقات واقعية يرتدي بها أشخاص عاديون ملابس تلك الشخصيات، مثل أميرات ديزني، وسوبرمان وغيرهم، ويبدأون في تصوير حلقات تحكي قصصًا غريبة، سواء على عاداتنا أو تقاليدنا أو حتى أعرافنا كمجتمع عربي، يمنح للنسق الأخلاقي مساحة واسعة، فعلى سبيل المثال؛ نجد إحدى الحلقات تساعد على تأصيل فكرة الشذوذ الجنسي، وأخرى تحلل زواج المحارم بين الآباء والأبناء، وثالثة تعزز من إمكانية إيقاع الآخرين في مشاكل دون علمهم، لمجرد المزاح معهم.

 

كل تلك السلبيات قد لايستطيع الآباء ملاحظتها أوالعلم بشأنها، سوى بمشاهدتها إما مصادفة أو عن طريق بعض الأصدقاء، الأمر الذي قد يشكّل تشويهًا لفطرة الطفل، وأفكاره ومعتقداته أيضًا إذا لم يقم الآباء بما يُعرف "بالتوسط الأبوي"، عند مشاهدة الطفل لأى محتوى إعلامي يدعي القائمين عليه، أنه موجه لتربية الطفل أو حتى تسليته.


ولعل هذا يدفعنا إلى التوجه للجهات المسؤلة عن الإنتاج، بوطننا العربي ككل بأن يستثمروا أموالهم في إنتاج ما يُشبع غاية أطفالنا، حتى لا يتعرضوا لما يشوّه فطرتهم، ويقع بنا جميعًا في مستنقع الجهل، والشذوذ الفكري والأخلاقي، خاصة أن هذا النوع من الكرتون الواقعي الحديث، يحظى بنسب مشاهدة مرتفعة للغاية، وفقًا لتصريح عدد ضخم من الآباء، عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة.