مدير التفتيش الديني السابق بالأوقاف: الفتيات يتأثرن بما تقدمه الفضائيات.. والإلحاد يحتاج لوقفة

تقارير وحوارات

الدكتور سامي العسالة
الدكتور سامي العسالة


قال الدكتور سامي العسالة مدير التفتيش الديني السابق بالأوقاف، أحد كبار علماء الأزهر، إن اعتماد الآباء على أساليبَ تربوية خاطئة تعتبر سبب بعد الكثير منهم عن الصلاة، مضيفا أن الكثير من الشباب تأثر بما تنقله إليهم القنوات الفضائية من صورٍ وأفلام تؤثر تأثيرًا مُباشرا على سلوك الإنسان وأخلاقه.


وأضاف "العسالة" خلال حواره إلى "الفجر"، أن إتاحة السوشيال في أي وقت وبدون تكلفة تذكر، يجعل الكثير من الشباب يتجهون إليها بنهم قد يصل إلى حد الإدمان، مشيرا إلى أن الإلحاد واللادينية واللاأدرية والشك موجودة في بلادنا، ولكن ليس بالشكل الذى تصوره وسائل الإعلام.

 
بداية .. حدثني عن  أسباب بعد الكثير من الشباب عن الصلاة هذه الفترة تحديدًا خاصة من المراهقين ؟


ترجع الأسباب في ذلك إلى سبب رئيسي هو النشأة الأسرية، حيث تعتبر الأسرة اللبنة الأولى في بناء شخصية الإنسان المتدين، ولا يخفى الدور الكبير الذي ينبغي أن يقوم به الأبوان في تربية الأبناء، انطلاقاً من قول الرسول -عليه الصلاة والسلام : "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالأب راع ومسؤول عن رعيته والمرأة راعيه في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها".

مسؤولية الأب أكبر ودوره أعظم، فلو أخذ الآباء وصية لقمان لابنه مثلاً في حياتهم، لأدركوا عظم هذه المسؤولية، ومن تلك الوصايا ما جاء في قوله تعالى: "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ".

س: لماذا ازداد عدد الفتيات التي خلعت الحجاب مؤخرا ؟


ما يحدث حاليًا بين أوساط الفتيات ما هو إلا رد فعل لما يتم تداوله من أفلام وبرامج ومسلسلات تجعل المرأة غير المحجبة هي الأساس، بالإضافة إلى إظهارها على أنها الأجمل والأكثر عقلًا وتحررًا.

بالإضافة إلى غياب التوعية الأسرية، ونقص إرشاد الأولياء لأبنائهم حول أهمية الالتزام بالزي المحتشم، وكذلك تأثر الشباب بما تنقله إليهم القنوات الفضائية من برامج تتناول قضية الحجاب على أنه ليس من الدين ، أو هو إغلاق للعقل، بالإضافة إلى الدعوات التي تنادي بخلع الحجاب ، وخلع بعض المذيعات أو الممثلات للحجاب حيث يعتبرونهم البعض قدوة، أضف إلى ذلك خروج بعض من ينتسبون إلى الأزهر ولا علاقة لهم بالدين من قريب أو بعيد بالحديث عن الحجاب بأنه ليس فريضة أو من الدين .

س: جيل كثير بعيد عن الدين خاصة ممن هم في أعمار الـ17 عاما ؟ كيف نجذبه ونعلمه ؟


نضع أيدينا أولاً على الأسباب ثم نتحدث عن العلاج، والأسباب في رأيي ترجع إلى غياب التوعية الأسرية،  غياب الرقابة الأسرية، عدم متابعة وتقويم سلوك الأبناء، فجلُّ الأولياء ينصب اهتمامُهم حول توفير لقمة العيش لأُسَرِهم، فهم غير مكترثين لطباع أبنائهم وتصرفاتهم.

اعتماد الآباء على أساليبَ تربوية خاطئة، كمن يَمنح لأبنائه حقَّ التصرف المطلق، ولا يدري ما انعكاساتُ هذه الممارسات التربوية الخاطئة عاجلاً أو آجلاً، أيضًا تأثر الشباب بما تنقله إليهم القنوات الفضائية من صورٍ وأفلام، والدِّراسة أثبتت أنَّ هذه الوسائل تؤثر تأثيرًا مُباشرًا على سلوك الإنسان وأخلاقه، والعلاج يكون في اهتمام مؤسسات التنشئة بالأطفال والشباب .


 س: ما أضرار السوشيال ميديا على المراهقين ؟


إتاحة السوشيال في أي وقت وبدون تكلفة تذكر، يجعل الكثير من الشباب يتجهون إليها بنهم قد يصل إلى حد الإدمان، فإن للسوشيال ميديا مخاطر متعددة منها مخاطر صحية كلما زادت فترة تواجدهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مع زيادة  توتر أعصابهم، بالإضافة إلى المشكلات الاجتماعية، فهناك  تأثيرات سلبية علي حياة المراهقين والشباب الاجتماعية لا حصر لها، أولها المشاكل مع الوالدين والشجار الدائم بين أشقائهم وأصدقائهم .

وكثرة الشائعات، فليس كل ما يكتب في مواقع التواصل الاجتماعي حقيقة، فقلة هي التي تتميز بالأمانة، البعض يكتب الأكاذيب، والبعض الآخر يروجها من دون تمحيص، الكثير من المعلومات الخاطئة تجعل هذه المواقع سيئة للغاية.

ومن الأسباب الدافعة لشبابنا إلى الدخول على مواقع الانترنت والإدمان عليها، الإعراض عن القراءة والمطالعة، حيث أن هذا الإعراض شكَّل فراغاً خطيراً لدى الشباب، دفعهم إلى أن يملؤوه بالدخول على مواقع "الإنترنت" للتسلية وإضاعة الوقت.

كما أن عدم ممارسة الشباب للرياضة، يعد سبباً رئيساً لا يمكن إغفاله ونحن بصدد بحث هذه المشكلة، حيث إن كثيراً من الشباب وجد الجلوس وراء شاشة الحاسوب "الكومبيوتر"، وتصفح مواقع الانترنت أمراً أيسر من ممارسة أي نوع من الرياضة التي تفيده جسمياً وعقلياً.


س: ما مقترحاتكم للعلاج ؟


لا بد من الاعتراف أن "الإنترنت" أصبح واقعاً مفروضاً، ليس من الصواب تجاهله أو التغافل عنه، وإلا كنا خارجين عن سياق العصر، وعاجزين عن متابعة حركة التاريخ، ومع هذا لا بد من مواجهة الحقائق، والاعتراف بأن هذه الوسيلة - على الرغم مما فيها من خير - فإنها تحمل من المخاطر الشيء غير القليل، وبالتالي يكون من الأهمية بمكان دفع هذه المخاطر قدر المستطاع.

ولا شك أن تجاوز هذه المخاطر لا بد فيه من تضافر كافة الجهود الفردية والجماعية لإصلاح أوضاع الشباب المسلم للخروج به من الحال التي آل إليها، والأخذ بيده إلى جادة الرشد والصواب.

 
س: لماذا لانرى أى تقدم في قضية تجديد الخطاب الديني ؟


أستطيع أن أقول إن فكرة تجديد الخطاب الديني قد نجحت بالنسبة كبيرة في تحقيق الغرض منها، وهي تسير بخطوات سريعة نحو الهدف، وأستطيع أن أذكر لك الأدلة المقنعة على ذلك :

أولاً: قانون ممارسة الخطابة والذي يمنع غير الأزهريين من اعتلاء المنابر، وتحقيق ذلك على أرض الواقع .
ثانياً: الخطبة الموحدة، وأستطيع أن أقول: "إن منابر المساجد تتفاعل الآن بصورة جيدة مع قضايا المجتمع". 

وذلك فى إطار الجهود الواضحة التى يقوم بها وزير الأوقاف فلأول مرة يصدر كتاب عن وزارة الأوقاف تحت عنوان "الخطب العصرية" يتضمن موضوعات لم تطرح في الخطاب الدعوي، وذلك استمرارًا فى خطتها لتعليم الإمام كيفية التجديد فى الخطاب الديني، حيث كانت الوزارة أعدّت فى السنوات السابقة بعض المؤلفات فى ذلك الشأن منها: دليل الإمام لتجديد الخطاب الديني الذي يوضح دور الإمام والخطيب والصفات التي يجب أن يتحلى بها، فضلا عن المواضيع التي يجب أن يبتعد عنها في خطبة الجمعة مثل نقاط الخلاف التي قد تؤدي إلى حدوث فتنة في المجتمع.

س: مسلمي الروهينجا..  كيف نساندهم على مستوى الفرد ثم المجتمع؟


معلوم أن رابطة الدين هي أعظم وأقوى الروابط على الإطلاق، فهي أقوى من رابطة النسب، ومِن حقوق هذه الرابطة الإيمانية أن يهتم المسلم بشأن إخوانه المسلمين، وإنِ اختلفت الأوطان، وتعدَّدت اللغات، وتباعدت الأجساد، هذا الاهتمام الذي يدفع العبد للعمل من أجلهم، لنفعهم، لنصرتهم، لمساعدتهم.

وكما قال السلف الصالح من "لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" مع العلم أن المطلوب الآن - وبصورة عاجلة - المساعدات الإنسانية للذين يموتون على الحدود بدون أدوية أو مياه، أو غذاء.

س: هل ظاهرت الإلحاد تشكل خطورة على المجتمع؟


 الإلحاد وصف لأي موقف فكري لا يؤمن بوجود إله واعِ للوجود، أو بوجود كائنات مطلقة القدرة (الآلهة)، والإلحاد بالمعنى الواسع هو عدم التصديق بل وإنكار وجود الله، وأرى أنه من الصعب أن نحكم حكمًا دقيقًا لعدم وجود إحصائية يمكن من خلالها أن نعرف النسبة، وربما يكون عمل مثل هذه الإحصائية صعبا؛ لأن غالبية مَن يلحد أو يترك الدين يكتم هذا ولا يعلنه، خصوصا في مجتمعنا المتدين، ولكن كثيرا من المؤشرات تؤكد أن الإلحاد واللادينية واللاأدرية والشك موجودة في بلادنا، ولكن ليس بالشكل الذى تصوره وسائل الإعلام.

ولكن هذه الظاهرة لا تمثل خطورة على المجتمع فهى ليست مستحدثة، وإنما قديمة ربما بقدم البشرية وإن كانت تحتاج منا إلى يقظة وإلى وقفة وإلى جهد خاص لمحاربة تلك الظاهرة حتى لا تنتشر.