سامح المشد يكتب: للخيانة وجوه كثيرة

مقالات الرأي

سامح المشد
سامح المشد


"وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا"
للواقع ذخائره التي لم يخطها الشك فيسقط عنها الاستدلال، بل نجد البينة تعلن عن نفسها ونسجها بلا مدع، وليس من مصلحة للكيان العربي إلا أن يأتي بالشهداء حتى يثبت الوقيعة، ولقد كان له من شهود الإثبات الذين لا يأتيهم الباطل من بين يديهم ولا من خلفهم الكثير، حتى إذا ماصدر الحكم بإعدام الكيان القطري، حاز حجية الأمر المقضي وكان باتًا.

فالدول العربية والإسلامية لها سعيها الحثيث الدؤوب الذي لايفتر في ليل أو نهار، حتى تصل لغاياتها المرجوة من القوة والبأس وتحقيق أمل الوحدة التي أعيانا انتظارها، ثم ما بين الأيام وأحداثها وخطط للم الشمل، نجد معول هدم ينخر في كل عمد، يبخر كل أمل، ويعدم كل وجود ويقوض كل غاية.

نجد الجاسوس الخائن (ابن حمد) في بقعة يطلق عليها قطر، غره الترف وأصابه العطب، فلقد تعلمنا أن الحديد حين تطرق عليه يقوى ويشتد ويزداد صلابة، وإذا ما ترك في البرية والهواء تعبث به متغيرات المناخ فيصدأ، وهذه هي حال العدو القطري الميت الذي يجب إعدامه، وللأسف يرتدي ثياب الصدق والصداقة والبراءة، ويرسل في الأفق عبق الولاء وهو الكذاب الأشر، الحانث بكل قسم، العابث بأهداف يهدر لأجلها دم كل خائن.

فلقد تكالبت عليه كل تآمراته وهو غير عابئ، مما أثار حفيظة الدول العربية، والتي عمدت بعدما تراءى لها الوجه القبيح للثالوث (قطر إيران تركيا) وتكاتفت لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، ولاتزال تطلع على الأفئدة دول حاولت حل الأزمة، ثم رجحت لديها كفة بتر قطر، واليوم تضع دول الرباعي العربي "مصر والسعودية والإمارات والبحرين" شروطها وتمهل قطر القيادة مهلة لتصحيح المسار، وأن ترتد عن كل بغي وجرم قد ارتكبته من تعضيد الإرهاب وجماعاته المتطرفة، لمده بالمال والسلاح، ثم إيواء وخلق وطن خصيب رغد لديهم.

كما طالبتها بغلق قناة الجزيرة، وغلق القاعدة العسكرية التركية لديها، وتسليم العناصر الإرهابية لديها، وقطع علاقاتها مع إيران المصنفة أنها دولة إرهابية، والتوقف عن الاستعانة المستترة بالقوى الأمريكية نظرًا لاحتضان أراضيها لقواعدها العسكرية، فقطعت عليه النذر بالدفاع عنها وعن مصالحها، وكأن ما بين العمالة والجاسوسية وبين الدفاع عن قطر مقاصة اتفاقية عادلة، أو أنها ترمي إلى أن تدافع عنها القوى الإرهابية التي ناصرتها وأيدتها وقوي عودها واشتد على أرض قطر.

لكن على الجانب العربي والإقليمي انتفاض واستنفار، فقد أصبح الوجود القطري والتحامه بالكيان العربي أمرًا يؤجج نيران الفتنة، ويقضي على دعائم البقاء العربي، إذ إن جرم الخيانة المرتكبة في حق العروبة لا تفوقه جريمة، وتدريب خلايا إرهابية والعمل على تقوية التنظيمات الإرهابية والتي أصبح لا رادع لها من قانون دولي أو تفعيل لدور المنظمات الدولية، وبالأخص الأمم المتحدة في مجابهتها، وكأن قطر عهدت للإرهاب بالريعان، وأن تنسق فروعه بغرسها له بيدها في السماء قطر.

ولقد جاء الرد القطري بعد انقضاء أمد المهلة محبطًا ومخيبًا للآمال العربية فيها رد يحمل في طواياه الإثم والخيانة، ثم بالبحث وتقصي الحقائق، نجد أن قطر بالفعل متورطة في تمويل عناصر وتنظيمات إرهابية بتحويل الأموال لها، وبالتمويل المباشر والسلاح والتدريب داخل قطر، وتخلص تقارير كثيرة لوزارة الخارجية الأمريكية، ووزارة الخزانة، ومراكز ومعاهد مثل مركز العقوبات والتمويل السري، ومؤسسة دعم الديمقراطية، إلى أن قطر تعد أكبر دولة في المنطقة داعمة وممولة للجماعات المتطرفة والإرهابية.

ويأتي الرد الثاني من قطر، فيفصح الإرهاب عن وجه أكثر دناسة، ويتوجه بكل جرأة وهمجية مهاجمًا قرية ألبرث جنوب رفح، وهو الهجوم بـ ١٢ سيارة دفع رباعي، و موتوسيكلات، ونحو ١٥٠ تكفيريًا، وبعد تفجير سيارتين مفخختين في الكمين، ومحاولة حصاره والتعامل في الساعة ٤ صباحًا، حتى وصل الدعم الجوي (الأباتشي) في وقت مناسب، ومطاردة سيارات الدفع الرباعي، وتمكنت من تدمير عدد ٨ سيارات، وقتل جميع من كانوا مستقلين تلك السيارات، كما وصل الدعم الأرضي برغم أن هؤلاء الإرهابيين قاموا بتفخيخ الطرق التي تؤدي إلى الكمائن المستهدفة في تكتيكات حربية تم تدريبهم عليها تدريبًا عالي المستوى، بواسطة جيوش نظامية، وأجهزة مخابراتية، إلا أن جاهزية القوات المسلحة المصرية أجهضت قواهم وأجهزت عليهم، وأسفر الهجوم عن مقتل 54 إرهابيًا وتدمير ٨ سيارات من أصل ۱٢ سيارة، واستشهاد ٢٦ جنديًا مصريًا وطنيًا شريفًا، لا ذنب لهم إلا أنهم يدافعون عن وطنهم ووطنيتهم، كانوا صامدين حتى استقرت أرواحهم إلى جوار ربهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

كاتب المقال: 
مستشار بالسلك الدبلوماسي الأوروبي والمتحدث الرسمي باسم النادي الدبلوماسي الدولي