الدكتور محمد المرسي يكتب: هل يحق لي الفتوي .. ولم لا ؟

مقالات الرأي

الدكتور محمد المرسي
الدكتور محمد المرسي


لا مجال للذهول.. ولا مجال للتعجب.. ولا مجال لأن تضرب كفا بكف علي ما آل اليه حال الفتوي في مصر.. وأن فعلت فلا إثم عليك وهذه فتوى مني؟!! ، ولم لا فأنا - ولله الحمد - استطيع الآن وهنا أن اكتب مجموعة من الفتاوى في أمور غريبة وشاذة تتلقفها مواقع التواصل الاجتماعي يتبعها الفضائيات لينشغل بها عموم الناس وتصبح مائدة لحواراتهم، ولأصبح خلال ساعات نجما على الفضائيات ولأحقق شهرة تفوق شهرة المطربين والممثلين؟!.. ولا ضير بعد ذلك - أن اشتد الهجوم علي - أن أقدم اعتذارا بدعوى أن الفتوى لم تجد قبولا لدى الكثيرين؟! .. ما هذا الهراء وما هذا العبث! ..

ما يتم تداوله على الساحة من فتاوى غريبة وشاذة تتعلق بأمور الدين تثير العديد من الاشكاليات: أولها مدى تأهيل من يتصدى للفتوى وهل أي دارس لأمور الدين في الأزهر أو غيره مؤهل للفتوى! وإذا كان الأمر كذلك لماذا إذن وجود دار الإفتاء المصرية ولجان الفتوى بالأزهر الشريف؟! .. من يتصدى للفتوى يجب أن يحصل على إجازة رسمية وتصريح رسمي من الأزهر الشريف يؤهله لممارسة الفتوى ولا يترك الباب مفتوحًا لكل من يستشعر في نفسه - وهما - هذه القدرة! .

ثانيها أن الفضائيات وبرامج التوك شو تحديدًا يجب أن تتدارك رغبتها المحمومة في كثافة المشاهدة بعرض وفرد مساحات كبيرة لكل ماهو شاذ وغريب، فهي من حيث لا تدري تساهم في نشر مثل هذه الأفكار المريضة وتداولها على أوسع نطاق وشغل المجتمع بأفكار ما كان لها أن تطرق أو يتم التعرض لها أصلا في حين أن القضايا الأساسية الحيوية لتطوير المجتمع والتي يجب التركيز عليها نسيا منسيا.. وأن كانت هناك أهمية لتناول الفتوى فيجب أن تكون لها مرجعية موثوق بها.

ثالثها أن ما يتم على مواقع التواصل الاجتماعي من انتشار واسع لهذه الفتاوى هو مؤشر لأهمية البحث عن وسائل لزيادة الوعي بأهمية عدم الالتفات لمثل هذه الفتاوى والأفكار الشاذة وتجاهلها، وألا يتم نشر الفتوى إلا من مصادرها الموثوق بها، ولنعلم جميعا وباقتناع أن الفتوى أيًا ما كان شذوذها قد تؤثر على الأقل تعليما والأقل خبرة بأمور الدين والأقل وعيا بشكل عام.

رابعها أن مثل هذه الفتاوى الشاذة تؤثر على الصورة الذهنية للإسلام والمسلمين خاصة في المجتمعات الغربية وتمنح الفرصة - على طبق من ذهب - للمتربصين بالإسلام لنشر أفكارهم وتحقيق ما يرمون إليه.. مطلوب مزيد من الوعي والإدراك لخطورة انتشار مثل هذا الهزل.. ومطلوب أيضًا آلية لعدم ترك الساحة لكل من هب ودب ليتصدى للفتوى.

الوعي ثم الوعي وهذه هي الفتوى الأخيرة التي اكتبها هنا!! ..

كاتب هذه المقالة: أستاذ ورئيس قسم بكلية إعلام جامعة القاهرة