"العمدة" صلاح السعدنى فى حديث الذكريات: يوسف شاهين شتمنى فى الجرايد بعدما تهربت منه

العدد الأسبوعي

الفنان صلاح السعدني
الفنان صلاح السعدني


قال: أنا تاريخ يا ابنى

■ أحرجت محمود السعدنى أمام كامل الشناوى وأحمد بهاء الدين

■ اعتذار سعيد صالح عن «الحلمية» تسبب فى ميلاد سليمان غانم


صلاح السعدنى رجل موسوعى وممثل من العيار الثقيل لم يحب فى حياته سوى التمثيل، رجل قدرى جداً على حد تعبيره، صعد سلم التمثيل من أوله، وبدأ حياته ككومبارس حتى وصل للبطولة المطلقة، وقال السعدني: «بدأت مشوارى فى التمثيل عام 1960، وحينها تم افتتاح التليفزيون وكانت السنة الأولى لى بكلية الزراعة، ووقتها كان عادل إمام رئيساً لفريق التمثيل ووجدت منشوراً يبحث عن طلبة لدخول فرقة تمثيل الكلية فاشتركت فيها، وتعرفت على عادل إمام، وصرنا أصدقاء، وحينها تكونت 4 فرق فى التليفزيون من طلاب معهد الفنون المسرحية، كان مشرفاً عليهم الفنان والسيناريست الكبير السيد بدير، وبعد مرور عام حدثت مشادة كلامية بين «بدير»، وعدد من أعضاء إحدى الفرق، فقرر تكوين 10 فرق بدلا من 4 من خارج طلاب المعهد وكانت الفرصة سانحة أمامى أنا وعدد كبير من جيلى فدخلت أنا وعادل إمام ومديحة حمدى، وسعيد صالح».

وتابع السعدني: «أتذكر أول مسرحية اشتركت فيها كان اسمها «من أجل ولدي» ، كانت من تأليف الكاتب الكبير محمد عبدالحليم عبدالله، وبطولة حسين الشربينى وعزيزة حلمى، ولعبت دور الشقيق الأصغر لحسين الشربينى، وتم عرض المسرحية لمدة أسبوع واحد على مسرح التليفزيون، وكان تحديداً عام 1961، وأذكر أنه تم تصوير تلك المسرحية لعرضها تليفزيونيا، فاتصلت بشقيقى الكاتب الكبير محمود السعدنى الله يرحمه لأخبره بما فعلت فاتصل بعدد كبير من أصدقائه على رأسهم الشاعر الكبير كامل الشناوى، والكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، وسعيد أبو بكر ولويس جريس، والأديب عبدالرحمن الخميسى، وعباس الأسوانى والد الدكتور علاء الأسوانى، وقام بتجهيز عشاء خاص على شرفى، وحينما أعلنت المذيعة عن بدء عرض المسرحية، طلب السعدنى الكبير السكوت من أجل متابعتي».

وأضاف السعدني: «بعد انتهاء الفصل الأول لم يره شقيقه محمود السعدنى فاتصل به فرد عليه صلاح: «أنا مش فى الفصل ده» ، وانتهى الفصل الثانى ولم يره أيضاً، وحينها أصيب صلاح بخيبة أمل كبيرة لوجود هذا الكم من العقول والقامات لتدشين الممثل الذى لم ير النور».

وقال السعدني: «كنت كومبارسا قلت جملة وحيدة أذكرها جيداً، وظهرت على المسرح أرتدى «شورتا»، سألنى حسين الشربينى «عملت إيه فى الامتحان»، قلت «سقطت وخرجت من الكواليس ولم أظهر مرة أخرى».

وعندما سألناه كيف كان اللقاء بينك والمخرج الكبير الراحل نور الدمرداش، فقال السعدني: «قبل أن أذكر أول لقاء جمعنى بالأستاذ نور دعنى أخبرك أنه يستحق لقب الجواهرجى، فلم أر بحياتى شخصاً يمتلك العين التى كشفت كل هؤلاء النجوم، ومعه أيضاً المنتج سمير خفاجة، يتقاسمن تلك الصفة وهى اكتشاف المواهب والتقيت به صدفة على باب التليفزيون، فقال لى «فى دور فى مسرحية بعملها هو صغير شوية، فقلت له أنا خدامك يا أستاذ، وأصلا ماكانش دور، المهم عملته وخلاص، وبعدها رشحنى لمسرحية أخرى، ثم مسلسل «هارب من الأيام»، ولعب بطولته عبدالله غيث، وأتذكر أن الممثلين كانوا يغيرون ملابسهم خلف الديكورات، وفى إحدى المرات ذهبت لتغيير «الجلابية» التى كنت أرتديها طلبوا منى البطاقة، فقلت لهم أنا موظف هنا «قالوا لى بس يالا» كان خايفين أسرق الجلابية.

أما عن سر زيادة مساحة دور الراحل سعيد صالح، فى هذا المسلسل فيتذكر العمدة قائلاً: «الظروف خدمته، ففى هذا العام شاركت فى احتفالية دولة الجزائر بعيد تحريرها، وكان المشير عبدالحكيم عامر وقتها قائدا للبعثة المصرية فأمر بإرسال بعثة من المسرح، لتقديم عدد من المسرحيات هناك، وتم انسحاب كل من توفيق الدقن، ومحمد السبع، وأحمد الجزايرلى لوجودهم مع هذه البعثة فتم شطب أدوارهم، لذا تم تصعيد سعيد صالح ولو ركزت فى دور سعيد صالح ستجده بدون اسم فى المسلسل لدرجة مرة سألت «نور الدمرداش»، مين ده قال لى «إخرس يا نيلة»، وفى أحد المشاهد عبدالله غيث «نده»، عصابته بكل أسمائهم ما عدا سعيد صالح، ومن الكواليس كنت أضرب عبدالله غيث ضرباً مبرحاً كما يقولون «ويظل اليوم كله يضرب فى «بعد انتهاء التصوير، وكان صديقى ومن أخف الفنانين الذين عملت معهم طوال مشوارى دماً، والمناخ عموماً فى ذلك كان يشجع المواهب بعكس الآن، وكنت أخذ 8 جنيهات أجراً عن كل حلقة».

أما عن كواليس مسلسل «لا تطفئ الشمس» الذى لعب بطولته يقول السعدني: من أوائل المسلسلات التى لعبت بطولتها، وكانت الرواية شديدة الروعة لإحسان عبدالقدوس، وكان أول مسلسل تصل حلقاته لـ 30 حلقة، وكان العرف حينها سباعيات، والمسلسل حقق نجاحاً منقطع النظير وكتب السيناريو والحوار له دكتور فتحى زكى، وكانت البطولة لزوزو ماضى، وأول مسلسل لكرم مطاوع بعد عودته من إيطاليا، ولعب دور شقيقى الأصغر، نفس الدور الذى قدمه أحمد رمزى فى السينما بينما قدمت دور شكرى سرحان، ومديحة سالم لعبت نفس الدور الذى قدمته فاتن حمامة، أما مديحة حمدى فقدمت نفس الدور الذى قدمته ليلى طاهر، وكانت معنا أيضا ممثلة جميلة اسمها «شاهيناز طه»، «ما أعرفش راحت فين، وهذا المسلسل حقق نجاحاً كبيرا كما قلت لك لدرجة أن موتى فى الحلقة 27 كانت بمثابة جنازة شعبية فى كل أنحاء الجمهورية، كما أن العمل ككل كان بمثابة نقلة مختلفة عن الدراما التليفزيونية الموجودة فى ذلك الوقت».

ورد السعدنى على أن مسلسله «ليالى الحلمية» يظل هو النقطة المضيئة فى مشواره قائلاً: «طبيعة العمل نفسه كانت مختلفة، خاصة أن هذا المسلسل ظل لمدة 6 سنوات فى العرض، وقدم عدداً كبيراً من النجوم، فالعمل كان مختلفاً سواء فى التأليف أو الإخراج أو التصوير أو الديكور، ويعد من وجهة نظرى الكلاسيكية الأولى فى الدراما التليفزيونية المصرية والعربية، وأعترف أن الحظ خدمنى وأعطانى فرصة لم ولن تتعوض، حينما اعتذر سعيد صالح عن لعب دور العمدة فى «ليالى الحلمية»، فأنا رجل قدرى جداً، كما أن محمود ياسين تم ترشيحه للعب دور الباشا واعتذر أيضا ليحل محله يحيى الفخرانى، والأمر كان نصيباً.

وعن طريقة ترشيحه للعب دور العمدة بدلاً من سعيد صالح قال السعدني: «من خلال المؤلف أسامة أنور عكاشة رحمه الله، وأثنى على الترشيح المخرج الراحل اسماعيل عبدالحافظ، فقدمنا سويا من قبل ثنائية تحمل اسم «على أبواب المدينة»، وتم ترشيحى لبطولة مسلسلهما الشهير «الشهد والدموع»، لكنى اعتذرت بسبب ظروف ما لا أتذكرها حالياً، فجاء بدلاً منى محمود الجندي».

وتابع السعدني: «يظل لقب العمدة هو الأقرب لقلبى، وعموما كلمة «عمدة»، المقصود بها «ابن بلد»، وفى كل مجال تجد هناك من يطلقون عليه لقب عمدة، فمثلاً الخطيب يقولون عليه «عمدة الكرة المصرية».

أما عن مسلسل «أرابيسك»، فيقول السعدني: «يمثل لى عشقاً من نوع خاص، ولحظة من لحظات التجلى العظيمة للكاتب الرائع أسامة أنور عكاشة، فهو رحلة بحث عن أصل الشخصية المصرية، وما حدث لها بعد حرب أكتوبر عام 1973، وعمل شديد التميز والخصوصية فكرياً وحصل إنى تركت فيلم «المهاجر»، وتشاجرت مع يوسف شاهين بعد توقيع عقد بطولة هذا الفيلم عندمل قال لى «بلاش زفتيون»، وكان يطلق هذه الكلمة على التليفزيون، وظللت بجواره فترة أنتظر تصوير فيلم المهاجر، وكان من المفترض أن نبدأ تصويره فى شهر مارس، وتأخر التصوير لشهر نوفمبر على ما أذكر، وقبل التصوير اتصل بى المخرج جمال عبدالحميد، وأسامة أنور عكاشة وعرضا علىّ مسلسل «أرابيسك «، ووقعت فى غرام النص من الوهلة الأولى، فتهربت من الرد على شاهين، وشتمنى فى الصحف لفترة، ثم أعطى الدور لسيد عبدالكريم وكان من أروع أدواره.

أما عن أفضل الأعمال التى لعب بطولتها أو شارك فيها فيقول السعدنى: «يا ابنى أنا تاريخ شاركت فى بطولة أكثر من 150 مسلسلاَ من سنة 60 حتى عام 2013 وآخرها كان مسلسل القاصرات، لمجدى أبوعميرة، وأعتز بالثلاثية مع الفنان الكبير الراحل محمود مرسى، وكل أعمالى مع السيناريست الراحل محسن زايد، والمخرج سمير سيف، والمؤلف الكبير وحيد حامد، فقدمت أول سهرة تليفزيونية وكانت تحمل اسم «سفر الأحلام»، فأنا كنت بطلا لأول مسلسل لمحمد فاضل، وأول عمل لأنعام محمد على، وأول سهرة تليفزيونية لاسماعيل عبدالحافظ، وأول ظهور لفاروق الفيشاوى كان معى فى مسلسل لا أذكر اسمه حاليا ولعب دور والدى محمود المليجى».

وعن مسلسل «القاصرات»، آخر أعماله التليفزيونية قال: «كنت عقدت عدة جلسات عمل لتقديم مسلسل تليفزيونى مع المخرج عصام الشماع، لتناول ما جرى بعد ثورة 2011 لنختار رواية عبرت عن المجتمع المدنى وانكساره وظهور جحافل التيار الدينى ولم نجد أنسب من رواية الأديب العالمى نجيب محفوظ «السمان والخريف»، للتعبر عن تلك المرحلة وبالفعل شرع الشماع فى تحويلها لعمل تليفزيونى، وأثناء تلك الجلسات اتصلت بى السيناريست سماح الحريرى وعرضت عليّ «القاصرات»، وتحمست جداً له وأعجبت بشخصية عبدالقوى، الذى يتزوج قاصرات مقابل المال، وتلك العادة ريفية، ووالدتى تزوجت فى عمر 12 عاماً، وأكثر ما أعجبنى فى نص سماح التناول من خلال منظور طبى ونفسى واجتماعى وشرعى».