حوار مع أول علماني يتولى مهام الوكيل العام بالبطريركية اللاتينية

أقباط وكنائس

سامي اليوسف
سامي اليوسف


عيّن رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا، في ١٤ يونيه ٢٠١٧، السيد سامي اليوسف كأول علماني يشغل منصب وكيل عام لبطريركية القدس للاتين. خلال مقابلة معه، تكلّم السيد سامي عن هذا التغيير الجديد في داخل الأبرشية بالإضافة إلى العمل الذي سيتم تنفيذه في المستقبل.

في ١ مايو ٢٠١٧، لقد أصبحت أول علماني يتسلّم مهام الوكيل العام في بطريركية القدس للاتين. ماذا تأمل أن يحقق هذا التغيير في داخل الأبرشية؟

إنه لشرف عظيم لي أن أكون أول علماني يتسلّم مهام الوكيل العام في بطريركية القدس للاتين. ورغم أن هناك توجّهًا سائدًا لدى الكنيسة العالمية بتسليم هذه المسؤوليات إلى قيادة علمانية، إلا أن هذا الأمر يشكّل تغييرًا كبيرًا وتاريخيًا على الساحة المحلية التي يثقل التاريخ والتقاليد كاهلها. كلّي أمل أن يحمل هذا التغيير ثمارًا، وأن تقود الشراكة الناشئة والمسؤولية المشتركة التي تجمع بين القادة الدينيين والعلمانيين البطريركية اللاتينية إلى مستويات جديدة ووضع يتيح لها خدمة مجتمعنا المحلي. لذا فإن العمل الجماعي سيكون عاملًا أساسيًا في الفترة المقبلة؛ حيث لا يمكن لأحد أن ينجح وحده دون الجهود الجماعية المبذولة لجميع موظفينا الملتزمين وكل من يعاوننا.

خلال حياتك المهنية، كنت قد شغلت العديد من المناصب لدى مؤسسات الكنيسة الكاثوليكية في الأرض المقدسة، هل يمكنك التحدث عن نفسك وخبرات عملك؟

أما على المستوى الشخصي، فأنا من أبناء البلدة القديمة في القدس، وقد عملت خلال حياتي المهنية في لدى المؤسسات الكاثوليكية في الأرض المقدسة. أتى ذلك بعد انهائي لدراستي الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية وعودتي إلى فلسطين عام ١٩٨٠، حيث بدأت العمل في جامعة بيت لحم في مناصب مختلفة خلال ٢٤ عامًا، فعملت معلّمًا مساعدًا ومحاضرًا وعميد كلية إدارة الأعمال ومساعد نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية، وأخيرًا كنت العلماني الأول لاستلام مهام نائب الرئيس للميزانيات والتخطيط من عام ٢٠٠٠ ولغاية عام ٢٠٠٩.

نتيجة العبء الثقيل للمسؤولية والعمل الروتيني، قمت بالتغيير الى مجال عمل جديد. في عام ٢٠٠٩ التحقت بالرابطة الكاثوليكية للرعاية في الشرق الأدنى (CNEWA) وبدأت العمل في مكتب البعثة البابوية في القدس كمدير إقليمي ثاني في فلسطين وإسرائيل، إذ انخرطت في مجال العمل الإنساني والإنمائي وشاركت في تقديم الدعم لعشرات المؤسسات ذات الغالبية المسيحية، فيها قمنا بتوفير خدمات عالية الجودة للمجتمعات المهمشة في قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية.

كيف ستدمج خبرات عملك السابقة في مهامك الجديدة كوكيل عام البطريركية؟

بعد مضي ٨ أعوام على عملي في البعثة البابوية، رأيت مجددًا أن وقت التغيير قد حان، فقد رغبت بالجمع ما بين خبرتي الإدارية والمالية التي كنت قد اكتسبتها خلال عملي في جامعة بيت لحم وخبرتي في العمل الإنساني والإنمائي التي اكتسبتها من البعثة البابوية والرابطة الكاثوليكية للرعاية في الشرق الأدنى وذلك بهدف مواجهة التحديات واغتنام الفرص في البطريركية اللاتينية؛ نظرًا لطبيعة الخدمات التي تقدمها، فلا يقتصر عمل البطريركية على ٤ بلدان في الأرض المقدسة فحسب، ولكنها تقدم خدمات غنية من خلال مؤسساتها المختلفة، لاسيما في مجال التعليم عبر شبكة تتكون من ٤٥ مدرسة موزعة في الأردن وفلسطين وإسرائيل. بجانب ذلك، يجب ألا ننسى المساعدات الإنسانية والطبية والرعوية والمنح الدراسية التي تقدمها البطريركية سنويًا للآلاف، وأيضًا المراكز المنوعة التي بدورها تقدم خدمات ذات جودة عالية، ابتداءً من كبار السن في الطيبة إلى الأطفال ذوي الإعاقة في الأردن.

عندما نتطلع إلى المستقبل، بالتأكيد نرى مستقبلًا واعدًا ونأمل تقديم دعم أفضل للجماعات المسيحية حيث نعمل بصورة خاصة مع الفئات المهمشة والضعيفة والفقيرة.

ما هو الدور الذي يلعبه العلمانيون في المؤسسات الكنسية؟

لطالما كنت أقول أن العلمانيين هم بمثابة ضيوف في المؤسسات التي يعملون بها؛ حيث تتباين فترات بقاء الموظفين في المؤسسة. ولكن البعض يترك أثرًا كبيرًا على مؤسساتهم بينما البعض الآخر لا يُحدث أي تأثير يذكر. ففي نهاية المطاف، جميعنا راحلون لكن ما تبقى وتنمو هي المؤسسة وخدماتها. وعليه، فإن واجبنا هو الالتزام بالمهنية والأمانة استنادًا إلى الأسس التي بناها من عملوا قبلنا بجد وجهد والعمل على تمهيد الطريق لمن سيخلفنا لمواصلة عملية البناء والتطوير. وبذلك سنحافظ على معايير أخلاقية ومهنية استنادًا إلى القيم التي علّمنا إياها السيد المسيح، وهذا بالتأكيد سيكون مفتاح نجاحنا ونجاح مؤسساتنا.