الدكتور محمد المرسي يكتب.. لماذا لا نتقبل النقد؟!

مقالات الرأي

أستاذ ورئيس قسم بكلية
أستاذ ورئيس قسم بكلية الإعلام - جامعة القاهرة


إنها ثقافة مجتمع نشأ وتربى منذ الصغر في إطار أسرة لا تسمح بهامش من الاختلاف في الرأي، وتعتبر الاختلاف والتعبير عن رأي مخالف سوء أدب، خاصة مع من هو أكبر في السن أو المقام، وثقافة تعتبر إنك إذا اختلفت معي في الرأي فأنت ضدي أو عدوي أو تريد تدمير مكاني أو مكانتي أو تريد أن تحل محلي!

ثقافة أن تقول نعم دائمًا، فنحن من نتولى تربيتك والإنفاق عليك وتعليمك، فكيف تختلف معنا في قضية أو رأي أو سلوك أو قرار.. هذا حال ثقافة مجتمع في تربية أبنائه وهي ثقافة أخذه في التحول والتغير في إطار متغيرات عديدة في المجتمع أهمها الانفتاح المجتمعي وزيادة الوعي والإدراك.

هذه الثقافة ما زالت متحكمة ومسيطرة على شمول النظرة إلى النقد في المجتمع بكامله، فإذا انتقدت قرارًا أو رأيًا لمدير أو مسؤول في أي مؤسسة فقد حكمت على نفسك بالخسارة في الحوافز والمكافآت والترقيات، وربما ما هو أكثر من ذلك!

ثقافة التعامل مع النقد يجب أن تتغير تمامًا، والنقد والتعبير عن رأي مخالف لسياسة ما أو قرار ما هو في واقع الأمر حراك للأفكار وثراء ثقافي وسعي للأفضل وليس ضد مسؤول بل هو مساند له لتصحيح مسار، خاصة إذا ما قدم النقد بدائل أفضل، كما أنه قد يكون معينًا له للقيام بمسؤولياته على أكمل وجه، واتخاذ قرارات ملائمة.

فقط أشير هنا إلى أن النقد لا يعني التعرض للحياة الشخصية أو الخوض في الأعراض أو التشهير، فهذا أمر غير مقبول ويقع تحت طائلة القانون ويعاقب عليه من أقدم على فعله، فالنقد وحرية الرأي والاختلاف يكون لسياسات وقرارات وموضوعات وقضايا، نختلف في إطارها وصولًا للأفضل، ويهدف للبناء وليس للهدم.
والنقد لا يعني سبابًا وشتائم وخروجًا على نسق القيم والأخلاقيات، بل يعني نقاشًا وطرحًا مختلفًا، ويكون أكثر قوة ووصولا للعقل إذا ما كان مدعمًا بتحليل وبحجج وأسانيد قوية منطقية.

والنقد مباح، ومشروع، ومنطقي، فيه حراك وثراء، ويسعي للبناء والأفضل، أو هكذا يجب أن يكون دائمًا، فمتى نعي وندرك ذلك؟!

الدكتور محمد المرسي
أستاذ ورئيس قسم بكلية الإعلام - جامعة القاهرة