طارق الشناوي يكتب:أم كلثوم "كلمة السر"!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


أم كلثوم هى شعاع النور الذى لا يخبو أبدا وميضه، عندما قررت المملكة العربية السعودية إعادة بث الغناء على موجاتها، بدأت بأم كلثوم وتحديدا «ولد الهدى»، بينما- وللمفارقة- إسرائيل قررت فى نفس التوقيت إطلاق اسم «أم كلثوم» على أحد شوارع «القدس»، وغنت مطربة إسرائيلية رائعتها «أنت عمرى».

من الواضح أن اختيار السعودية كبداية لـ«ولد الهدى» رسالة للمتشددين بأن أم كلثوم تغنى للرسول عليه الصلاة والسلام، وطبعا عودة بث الغناء يعنى كل الغناء وليس الدينى فقط.

لم أكن أعرف أن القنوات السعودية لا تبث أغانى منذ أكثر من ثلاثة عقود، التغيير الاجتماعى الذى أطلقه الملك سلمان بقرارات، مثل منح المرأة حق قيادة السيارة، يواكبه أيضا وبالضرورة تفاصيل أخرى مثل إعادة السماح بفتح دور السينما، وأتصور أن «الرياض» و«جدة» فى القريب ستصبح لكل منهما مهرجانات فنية تحمل اسميهما للعالم.

الغريب أن الأمير عبدالله، الابن البكر للملك فيصل، كان شاعرا من الحجم الثقيل، وارتبطت أشعاره بسيدة الغناء العربى، وأوصى لها أن تأخذ ما تشاء من قصائده بعد رحيله، الوصية لم تنفذ لأنها رحلت عام 75 بينما عاش هو بعدها 32 عاما، غنت له أم كلثوم قصيدتى «ثورة الشك» و«من أجل عينيك عشقت الهوى»، وغنى له عبدالحليم حافظ «سمراء يا حُلم الطفولة»، وموشح «يا مالكا قلبى».

من الممكن رصد حراك اجتماعى سابق على هذا القرار، مثل مسلسلات الفنان ناصر القصيبى «طاش ما طاش» و«سيلفى»، وأيضا فيلم مثل «بركة يقابل بركة» للمخرج محمود الصباغ الذى عرض فى مهرجان (برلين) قبل نحو عامين، تحمل هذه الأعمال وغيرها جرأة فى انتقاد أوضاع اجتماعية، كما أن المخرجة هيفاء المنصور ناقشت حق المرأة فى القيادة، وبدأتها بالدراجة فى فيلم «وجدة»، أول فيلم سعودى يرشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبى.

تحركت السعودية خطوة وسوف تعقبها خطوات.. وكانت أم كلثوم هى «كلمة سر».

ومصادفة، نجد إسرائيل تُطلق على أحد شوارع القدس اسم «أم كلثوم»، فى العالم عشرات من المقاهى والشوارع تحمل اسمها، حيث يحج إليها ليس فقط العرب، ولكن عشاق الست أيضا ممن لا يعرفون العربية، لأن إحساس أم كلثوم يقفز فوق حاجز اللغة.

هل تغازل إسرائيل العرب باسم شارع أم كلثوم؟ أتصور أن أم كلثوم تفرض نفسها وأغانيها تُبث دائما فى «الميديا» الإسرائيلية، و«أنت عمرى» التى جمعت لأول مرة بين صوت كوكب الشرق وموسيقى عبدالوهاب عام 64 لها مكانة خاصة.

تريد إسرائيل ومنذ زمن أن تحصل بأسلوب قانونى على حق طرح هذه الأغنيات على «سى دى»، وكانت لهم محاولة مباشرة مع الشاعر الكبير الراحل أحمد شفيق كامل قبل نحو 10 أعوام، وقدموا له شيكا على بياض مؤلف «أنت عمرى»، ليحدد الرقم الذى يطلبه، وكان وقتها الشاعر والإذاعى الكبير عمر بطيشة رئيسا لجمعية المؤلفين والملحنين المصرية، فقال شفيق لبطيشة، قل لهم «يغوروا هما وفلوسهم».

مرحباً بأم كلثوم وهى تدشن بصوتها عودة الغناء فى السعودية، أما إسرائيل فعليها أن تُطلق على كل شوارعها أسماء عربية، البداية كالعادة «أم كلثوم»، وأنتظر أن أقرأ قريبا أسماء «نزار قبانى» و«بدر شاكر السياب» و«فيروز» وغيرهم، شوارعنا رُدَّت إلينا!!