الرئيس الفلسطينى يتحدث إلى عادل حمودة: أوباما عرض علينا ثلاثة مبادرات وإغراءات بلا حدود لكننى رفضت

مقالات الرأي



أبو مازن: لن نقبل بمؤتمر دولى إلا بعد إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام الشامل ولن نقبل بتدخل أحد فى المفاوضات مع إسرائيل إلا مصر والأردن والسعودية

■ فى آخر لقاء مع مرسى قال لنا: إن الإخوان مستعدون للتوسط بيننا وبين إسرائيل أو أمريكا علنًا أو سرًا

■ حل القضية الفلسطينية ليس سهلًا لكننا سنبنى دولتنا طوبة طوبة كما يقول المصريون

■ لن نقبل مساعدات من أحد إلا عبر السلطة الفلسطينية

■ الشهر القادم سيشهد لقاءين فى القاهرة الأول بين فتح وحماس لتنفيذ إجراءات المصالحة والثانى مع كل الفصائل الفلسطينية التى تؤيد المصالحة

■ مصر دفعت ثمنًا غاليًا بسبب فلسطين ولولا جهودها الأخيرة ما تمت المصالحة بين فتح وحماس

■ أوباما عرض علينا ثلاثة مبادرات لعقد مؤتمر دولى مقابل إغراءات لا حد لها لكننى رفضت


فى مكتبه بمقر «المقاطعة» المطل على إحدى مرتفعات مدينة رام الله كشف لى الرئيس الفلسطينى محمود عباس عن سر لم يبح به من قبل.

فى يوم 16 مايو عام 2013 التقى أبو مازن للمرة الأخيرة بمحمد مرسى فى قصر الاتحادية وسأله مرسى:

أخباركم إيه مع إسرائيل وأمريكا؟

وقبل أن يجيب أبو مازن استطرد مرسى:

نحن جاهزون للتوسط بينكم وبين إسرائيل أو أمريكا سواء كان ذلك بطريقة علنية أو بطريقة سرية.

وتكشف هذه الواقعة عن مدى التناقض الصارخ بين ما ينطق به الإخوان علنا وبين ما هم مستعدون للقيام به ولو سرا.

وبعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الحكم لم ييأس الرئيس الأمريكى باراك أوباما من إعادة الإخوان إلى السلطة أو على الأقل مشاركتهم فيها وعبر عن ذلك فى لقاء مع أبو مازن قائلا:

ما يحدث فى مصر خطأ ويجب مشاركة الإخوان فى الحكم.

فقال أبو مازن:

والله لو وافق السيسى على مشاركة الإخوان كنا وقفنا ضده.

فسأل أوباما: لم؟

قال أبو مازن: أسمح لى أن أشرح لك تاريخ الإخوان الذين تعتقد أنهم تيار معتدل لقد تكونت تلك الجماعة فى عام 1928 كجماعة دعوية ولكن فى باطنها كانت حركة سياسية وبدأت فى القتل والاغتيالات وأنا أعرف الإخوان أكثر منك وعانيت منهم كثيرا.

وأضاف أبو مازن موجها حديثه ناحيتى: ما حدث فى 30 يونيو معجزة.. ولو كانت فرحة المصريين بالتخلص منهم فى «كومة» فإن فرحتى فى كوم آخر فمصر هى عمود الخيمة لو سقطت انتهينا جميعا.

كان اللقاء مع أبو مازن بمناسبة المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس بعد 10 سنوات من الإنقسام الحاد فقدت فيه القضية الفلسطينية الكثير من أهميتها على كافة المستويات الإقليمية والدولية.

نفذت حماس ما طلب منها فألغت اللجنة الإدارية التى كانت حكومة بديلة فى غزة واعترفت بحكومة الوفاق الوطنى التى تشكلت فى عام 2014 ويرأسها رامى الحمد الله ليمتد نفوذها من الضفة الغربية إلى غزة التى دخلتها يوم الاثنين الماضى وسط ترحيب شعبى هائل واجتمعت فى اليوم التالى.

أما الشرط الثالث الذى قبلته حماس فهو الموافقة على انتخابات تشريعية ورئاسية بعد سنوات طويلة من الجمود السياسى.

ولعبت مصر دورا مؤثرا ومباشرا فى إقرار المصالحة واستخدمت أوراقا وصفت بأنها أوراق قوية وهو ما جعل أبو مازن يقول:

الجهد المصرى كان كبيرا جدا وبلا شك حماس أبدت رغبة واضحة ولا أحد يقول أن جهود المصالحة جاءت غصب عنهم وستكمل مصر هذا الجهد إلى النهاية.

وأضاف حاسما: إنه لن يقبل سوى بالدور المصرى فى التدخل لمتابعة المصالحة وضمان استمرارها

وعندما سألته: لماذا؟

أجاب: إن مصر هى الدولة الوحيدة التى تساعدنا دون أن يكون لها هدف من وراء ذلك.. كما أنها تحملت الكثير فى سبيل القضية الفلسطينية دون مطامع خبيثة أو سعيا للتدخل فى شئوننا أما غيرها فهم يتدخلون مثل «حصان أعرج».

وأضاف: إن مصر تتابع التفاصيل خطوة بخطوة لتضمن نجاح المصالحة وسوف تستضيف القاهرة خلال الشهر القادم لقاءين حاسمين.. اللقاء الأول بين فتح وحماس لمراجعة الاتفاق الذى وقع بينهما يوم 4 مايو عام 2011 فى القاهرة وهو اتفاق يشمل كل ما يدعم التوافق بين الطرفين.. أما اللقاء الثانى فستحضره كل الفصائل الفلسطينية لتبارك المصالحة وتعلن موافقتها عليها.

لقد استجابت حماس للجهود المصرية التى قويت قبل عشرة أيام دون تهديد من إسرائيل ــ لأول مرة ــ كما فعلت من قبل عندما شكلت حكومة الوفاق الوطنى.

ويدرك أبو مازن أن تنفيذ المصالحة على الأرض يحتاج إلى بعض الوقت كما يحتاج إلى التغاضى عن الصغائر التى يفجرها البعض ــ من أصحاب المصالح الخاصة ــ للعودة إلى التشتت والانقسام.

ولا شك أن المصالحة أعادت اللحمة الفلسطينية وجسدت مرة أخرى هويتها وهو ما يوحد بين الفلسطينيين إذا ما عادوا إلى مائدة المفاوضات مع إسرائيل مرة أخرى.

وسألت أبو مازن عمَّا يتردد فى أروقة واشنطن وتتحدث عنه صحافتها من عقد مؤتمر إقليمى للسلام تحضره غالبية الدول العربية وروسيا والولايات المتحدة وبالطبع السلطة الفلسطينية وإسرائيل فقال:

أى حل إقليمى لا نقبله لأن هذا قلب للصورة وما نطالب به تنفيذ المبادرة العربية من الألف إلى الياء حيث تنسحب إسرائيل من أراضينا وأراضى سوريا ولبنان ثم ليس هناك مانع بعد ذلك من حل إقليمى لكن لو كان هناك حديث عن السلام فهناك دولتان هما مصر والأردن ومعهما السعودية لا أمانع أن يكونوا شركاء لنا فى هذه الحالة.

وطلب أبو مازن نسخة من تلك المبادرة لنقرأ فيها: « ضرورة إنهاء الإحتلال (الإسرائيلى) وتحقيق السلام الشامل مقابل التطبيع الدبلوماسى والطبيعى والإسلامى مع إسرائيل».

وأضاف أبو مازن: لو حدث ذلك فإن هناك 57 دولة عربية وإسلامية ستعترف بإسرائيل.

على أن أبو مازن يرى أن الوصول إلى حل سلمى ليس أمرا سهلاً لكنه استطرد: « سنبنى دولة فلسطين طوبة طوبة كما تقولون فى مصر».

وأضاف: لقد عرضت علينا إدارة أوباما ــ عبر وزير خارجيته جون كيرى ثلاث مبادرات لعقد مثل هذه المؤتمرات مع مغريات لا حدود لها لكننى رفضت.

وقال: لن نسمح ــ عند بدء مفاوضات جديدة للسلام ــ بتدخل أى دولة سوى مصر والسعودية والأردن ولن نسمح بمساعدات من أحد إلا عبر السلطة الفلسطينية.. لن نطبق سوى قانون السلطة.. وليس هناك سلاح سوى سلاح السلطة.

لكن.. ذلك لا ينفى كما أضاف: « إن الإخوان جزء من الشعب الفلسطينى لا أستطيع نفيهم وإنما لا بد من أن يكونوا جزءا من السلطة الفلسطينية ويلتزموا بها.. فلو كان هناك شخص له فكر الإخوان هو حر.. لكن.. إذا ما أصبح وزيرا فعليه الالتزام بسياسة السلطة الفلسطينية بما فى ذلك قبول التفاوض مع إسرائيل».

وتحدثت كثيراً من الصحافة الغربية عن أن حماس يمكن أن تكون فى غزة صورة أخرى من حزب الله فى لبنان لكن أبو مازن رفض ذلك تماما.