طارق الشناوي يكتب: مالمو.. باريس.. القاهرة

الفجر الفني

بوابة الفجر


أُعلنت قبل ساعات نتائج مهرجان (مالمو) للسينما العربية، كان لمصر نصيب معتبر من الجوائز، بينما فى (القاهرة) عشنا تناقض المشاعر بين البهجة والانكسار، الفرحة للفريق القومى وتأهله لكأس العالم، والهزيمة فى (باريس) للدكتورة مشيرة خطاب فى جولتها الأولى لمقعد اليونسكو، انهزمنا بفارق كبير وننتظر الحسم الجمعة القادم.

فى (مالمو) أفلام عربية تتسابق مع أخرى عربية، شاهدت فى مهرجانات سابقة القسط الأكبر من الأفلام، باستثناءات قليلة جدا، بينها الفيلم المصرى القصير (صورة سيلفى) للمخرج محب وديع، وبطولة طارق عبدالعزيز، الذى يؤدى بحرفية ومصداقية دور رجل فى خريف العمر، يقدم لنا كشف حساب للسنين التى تسربت من بين يديه، عندما يجد أنه ورفيقى الصبا أمسكا فى النهاية بأيديهما الهواء، كان أمله أن يحقق أموالا فوجد الشركة تستغنى عن خدماته ومكافأة نهاية الخدمة تنتظره، يعيش بلا أطفال أو زوجة، يبحث عن صديقيه فى الصورة القديمة، عندما كانا فى ميعة الصبا، من تمنت أن تعيش طويلا وتصل لعمر جدتها ماتت فى عمر الزهور، ومن كان يحلم أن يطوف العالم بحثا عن السعادة يجد نفسه يسافر إلى كل الدنيا، لعلاج مستحيل لابنه (المنغولى).

بكائية على الحياة تنحى للميلودراما، كان الأمر يبدو فيها متوازنا على المستويين الفكرى والفنى، لولا أن المخرج مع كاتب السيناريو جوزيف فوزى أرادا أن ينهيا الموقف بدرس مباشر فى الأخلاق الحميدة، فتحول الأمر إلى خطبة فى جامع أو عظة فى كنيسة.

لانزال فى (مالمو) سنعود بأكثر من فرحة، ولأننى عضو بلجنة التحكيم فلن أبوح بالأسرار قبل أن تعلن رسميا.

ننتقل إلى (باريس)، يوم الجمعة القادم تحسم معركة اليونسكو، وفى الأغلب ستفوز بها المرشحة الفرنسية، وليس المرشح القطرى، الذى سيحل ثانيا بفارق ضئيل، بينما حظوظ د. مشيرة خطاب تتضاءل كثيرا، المعركة ليست بين أشخاص، ولكن دول كل منها يسعى لكسب أصوات، ومن الممكن فى الجولة الأولى أن نكتفى بأن نعلق هزيمتنا على شماعة أموال قطر، هناك قدر من الحقيقة، إلا أنه ليس كل الحقيقة، علينا مراجعة خطتنا دبلوماسيا.. هل كنا مدركين أبعاد الموقف وظلاله؟ المفروض أن النتيجة ليست مفاجأة، أن نحل ثالثا وبفارق واضح عن قطر يفرض علينا إعادة الحساب وتغيير الاستراتيجية، نحن لا نلعب مباراة كرة قدم والساحرة المستديرة تعاندنا فى إحراز الهدف، معركة اليونسكو لا مجال فيها لضربة الحظ، كل شىء محسوب بدقة، مفروض البحث عن خطة بديلة فى الساعات القليلة القادمة.

د. مشيرة وجه مشرف وهى تدرك أن لديها فى اليونسكو مهمة عالمية، خطابها للعالم ناضج ومقنع إلا أن كل ذلك لا يكفى.

يقولون إن خسارة مقعد اليونسكو فى الجولة الأولى أفسدت الفرحة على المصريين؟ أشك كثيرا.. هل المصرى (اللى خرم التعريفة) المغرم صبابة والعاشق الولهان بالكرة، لو سألته أن يختار بين مقاعد الأمم المتحدة برمتها وكل المنظمات العالمية اليونسكو وجينيف وكوالالمبور بل وجائزة نوبل فى الآداب والعلوم وبين أن يدخل فريقنا القومى كأس العالم فى روسيا لاختار فورا وبلا تردد الكأس.

الفرحة لم تُسرق من المصريين، رغم أن ضحكاتنا باتت شحيحة جدا جدا، ولو جاءت د. مشيرة من باريس بمقعد اليونسكو خير وبركة، ولو لم تأت يكفينا هدفا محمد صلاح، أما جوائزنا فى (مالمو) فربما لن يلحظها أحد إلا كاتب هذه السطور!!.