إرتباط مضادات "الاكتئاب" بزيادة محاولات الإنتحار

الفجر الطبي

الإنتحار
الإنتحار


أفادت دراسة طبية أن مرضى الاكتئاب من ذوي التوجه الانتحاري لديهم نزوع نحو مخاطر محاولات انتحار إضافية.

أجرى الدراسة فريق بحث فنلندي من جامعة كوبيو ومستشفى نيوفانيمي ونشرت نتائجها بمجلة "أرشيف الطب النفسي العام"، الصادرة عن الجمعية الطبية الأميركية، التي أصدرت خلاصة أتاحتها نيوزوايز.

ويعتبر الاكتئاب أحد أهم العوامل وراء مخاطر السلوك الانتحاري، بيد أن الأدوية المستخدمة في علاج الاكتئاب قد ثبت ارتباطها أيضا بالسلوك والمحاولات الانتحارية، خاصة بين الأطفال والمراهقين الذين يتعاطون نوعا من العلاجات تعرف بمثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI)، كعقار فلوكسيتين (بروزاك).

نطاق الدراسة
تتبدى صعوبة دراسة هذه المسألة بسبب انخفاض عدد الانتحارات الفعلية نسبيا، مما يتطلب من أي دراسة فعالة أن تشمل عشرات آلاف المرضى وتمتد لعدة سنوات.

ويقول الباحثون إنه نظرا لأن محاولات الانتحار السابقة هي العامل الأهم في احتمال التنبؤ بالانتحار مستقبلا، سيكون الاختيار الأوضح للدراسة هو متابعة مجموعة كبيرة من المرضى "الانتحاريين" لاستقصاء الارتباط بين علاجات الاكتئاب ومخاطر الانتحار.

قام الباحثون بتحليل بيانات ومعطيات من الأفراد الذين عولجوا في مستشفيات فنلندا من محاولات انتحار بين عامي 1997 و2003، وهم يزيدون عن 15 ألف مريض.

وتضم بياناتهم العمر والنوع والمكان وتواريخ الدخول إلى المستشفى والخروج منه، وعدد مرات المعالجة من محاولات الانتحار، ووصفات العلاج المضاد للاكتئاب.

وجمعت هذه البيانات من السجلات الرسمية الفنلندية وقواعد البيانات الوطنية. وتمت متابعة المرضى على مدى 3.4 سنوات للنظر في أي تكرار لمحاولة الانتحار، أو حدوث انتحار فعلي، أو وفاة ناجمة عن سبب آخر.

مخاطر متباينة
ومن بين 15390 مريضا تابعتهم الدراسة حدث بالفعل 602 انتحار، و7136 محاولة انتحار أدت إلى علاج بالمستشفيات، و1583 وفاة تم تسجيلها خلال سنوات المتابعة.

وكانت مخاطر حدوث انتحار فعلي لدى الذين يتعاطون مضادات الاكتئاب -من أي نوع- أقل بنسبة 9% مقارنة بمرضى لا يتعاطون تلك المضادات. لكن هذا الارتباط يتفاوت.

فالأفراد الذين يتعاطون مثبطات امتصاص السيروتونين (SSRI) مثل عقار فلوكسيتين، تقل مخاطر انتحارهم الفعلي بنسبة 48% مقارنة بمن لا يتعاطون أي علاج.

أما الذين يتعاطون فينلافاكسين هيدروكلوريد -وهو نوع آخر من مثبطات السيروتونين- فتزداد مخاطر انتحارهم الفعلي بنسبة 61% مقارنة بمن لا يتعاطون أي علاج.

أما احتمالات وفاة مرضى الاكتئاب لأسباب غير الانتحار فقد كانت أقل بنسبة تراوحت بين 31 و41% من الذين يتعاطون مضادات الاكتئاب عموما، بينما تقل مخاطر وفاة من يتعاطون مضادات الاكتئاب (المعروفة بمثبطات السيروتونين) بنسبة 61% مقارنة بمن لا يتعاطون مضادات اكتئاب.

وهذه النتيجة الأخيرة تعزى إلى انخفاض في الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والشرايين والسكتات.

ارتباطات متضادة
وقد وجدت الدراسة أن المرضى الذين يتعاطون أي نوع من مضادات الاكتئاب تزداد لديهم مخاطر محاولات الانتحار -اللاحقة المؤدية لعلاج بالمستشفيات- بنسبة 36% مقارنة بمن لا يتعاطون مضادات الاكتئاب.

كما أن زيادة أخرى طفيفة -في محاولات الانتحار- قد لوحظت لدى المرضى المتعاطين لمضادات الاكتئاب من أطفال ومراهقين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاما مقارنة بنظرائهم الذين لا يتعاطون المضادات.

وبخصوص تعاطي مضادات الاكتئاب في أي وقت، كان الاستخدام الراهن لمضادات الاكتئاب مرتبطا بزيادة 39% في مخاطر محاولات الانتحار، وبانخفاض في مخاطر الانتحار الفعلي بنسبة 32%، وانخفاض في مخاطر الوفاة لأي سبب آخر بنسبة 49%.

ويعزو الباحثون هذا التضاد في ارتباط مضادات الاكتئاب -بكل من محاولات الانتحار والانتحار الفعلي- إلى زيادة احتمالات التسمم الناجمة عن توافر وسهولة الحصول على الأدوية المضادة للاكتئاب، مما يزيد بدوره السلوك الانتحاري غير القاتل، وإلى انخفاض معدلات حدوث العنف وأساليب الانتحار الأكثر إهلاكا كالموت شنقا أو بإطلاق النار.