ربما لم يكن ما يعرف بـ"تنظيم الدولة" أو داعش في حاجة الى مخرج يخفف به الضغوط من حوله بعد تدهور وضعه على الأرض مثل الآن، وقد لا تكون أمامه فرصة أفضل من مونديال روسيا 2018، ليعود ويفرض تواجده على الساحة الإعلامية من خلال حملات تهديد على أرض جديدة، يكاد لا ينازعه فيها أحد مثل وسائل التواصل الاجتماعي. 


ففي الوقت الذي يشير فيه كل شيء على الأرض إلى هزائم متتالية للتنظيم الإرهابي، يخسر فيها أراض ومسلحين في العراق وسوريا، يستعيد أنصاره حضورهم على مواقع التواصل بحملة إعلامية جديدة تهدد باستهداف المدن والملاعب والفرق المتأهلة والجماهير التي تستعد لحضور كأس العالم 2018 في روسيا، وربما تهدف الى البحث عن متعاطفين.

حملات تخويف
وبدأت حملة التخويف الجديدة منذ أيام بشكل متصاعد، بصور وعبارات تهديدية، بينما كانت وسائل إعلام وصحافيون ورياضيون ومشجعون من جميع أنحاء العالم يحصون الفرق المتأهلة ويلقون بالتوقعات حول المشاركات المحتملة في أهم حدث رياضي عالمي.

واكتفي التنظيم في البداية بنشر صور تلمح لاستهداف المدن والملاعب المضيفة، من بينها واحدة يظهر فيها أحد المسلحين وهو ينظر نحو ما يبدو وكأنه إحدى المدن الروسية وبجواره على الأرض كمية من المتفجرات، بينما كانت صورة أخرى تظهر رجلاً ملثماً يحمل سلاحاً بجانب شعار داعش، وفي الخلفية إستاد فولجوغراد، أحد الملاعب المضيفة لـ"روسيا 2018".

الوفاء ميديا فاونديشن
وتطور الأمر بنشر صورة وزعتها الأربعاء وسائل إعلام لما يسمى بمؤسسة "الوفاء ميديا فاونديشن" التابعة له، تظهر ليونيل ميسي وهو خلف قضبان وإحدى عينيه تقطر دماً، في إشارة إلى النية لإلحاق الضرر بصفوة لاعبي وفرق المونديال.

كما استخدم التنظيم عبارات بعضها باللغة الروسية وبعضها بالإنجليزية والعربية تتحدث عن ما وصفه بـ"الإرهاب العادل"، كمبرر لحملته الدعائية، و"إنكم تقاتلون دولة لا تعرف الخسارة في ميزانها"، أو "انتظرونا في روسيا".

السوشيال ميديا
ويرى مراقبون أن تطور لغة التنظيم التهديدية تشير إلى نيته الانتقال الى السوشيال ميديا، التي يصعب السيطرة عليها، خلال فترة الاستعداد للمونديال وحتى إقامته، وقد لا يقتصر الأمر على التخويف، بل ربما يمتد إلى مضاعفة الجهود لتصدير أفكار متشددة تثير المزيد من الكراهية ضد دول وشعوب بعينها.

انكسار الشوكة
وتأتي التهديدات الأخيرة متزامنة مع انكسار شوكة داعش في العراق وسوريا، فبعد مضي سنوات ثلاث على إعلان التنظيم سيطرته على نحو 40 % من أراضي الدولتين، أصبحت "خلافته" المزعومة بغير وجود تقريباً سوى في رقعة بسيطة قد يخسرها خلاف فترة وجيزة.

ولكن، ورغم الهزائم المتتالية، فان انحسار داعش على الأرض لا يعني بالضرورة اختفاءه بشكل نهائي من المناطق التي خسرها نظراً لوجود خلايا من المتعاطفين ممن نجوا من أيدي الجيش العراقي أو الميليشات الشيعية أو البشمركة الكردية.

كما أن الدلائل تشير إلى انتقال العشرات، وربما المئات، من مسلحي داعش إلى دول أخرى، وعودة بعضهم إلى بلدانهم الأصلية في الوقت الذي يبدو أن التنظيم ينتقل فيه، مجبراً، إلى دعم جهازه الإعلامي، من أجل لفت الأنظار بعيدا عن خسائره وكسب المزيد من المتعاطفين على مستوى العالم.

وطبقاً لبيانات حديثة لمراكز بحثية مثل (صوفان جروب) للاستشارات الأمنية في واشنطن، فإن عدداً كبيراً من مقاتلي داعش كانوا انضموا للتنظيم الإرهابي من عشرات الدول حول العالم، بينهم عدد لا بأس به من بلدان غير شرق أوسطية أو عربية، ما يشير إلى قدرة التنظيم لاستقطاب متعاطفين بغض النظر عن جنسياتهم، من خلال "السوشيال ميديا".

صوفان جروب
وتعتقد (صوفان جروب) في تقرير نشر الأربعاء أن نحو 40.000 شخص من 33 دولة حول العالم سافروا منذ 2011 للقتال مع التنظيم الإرهابي، عاد منهم نحو 5.600 إلى بلدانهم الأصلية، ربما بينهم نساء وأطفال بعضهم ولدوا اثناء "الخلافة" المزعومة للتنظيم، ليضعوا الجميع أمام سؤال صعب يتمحور حول كيفية إعادة تأهيلهم وانخراطهم من جديد في مجتمعاتهم.

كما يلفت التقرير، بحسب نيوزويك، إلى أن داعش قام بتدريب نحو 2.000 من الأطفال بين سن التاسعة والخامسة عشرة من 2012 إلى 2014 ، وأن من بين البلدان التي لديها أكبر عدد من الأطفال في صفوف التنظيم تأتي بلجيكا (118)، وفرنسا (460)، وقرغيزستان (130)، وروسيا (350) التي يشير التقرير إلى أن نحو 4.000 من مواطنيها كانوا قد سافروا للقتال مع التنظيم، عاد منهم ما يقرب من 400.