ما هو الفرق بين القضاء والقدر؟

إسلاميات

القضاء والقدر - أرشيفية
القضاء والقدر - أرشيفية


ننشر لكم رأي العلماء في الفرق بين القضاء والقدر، فقد اختلفت أقوال العلماء في الفرق بينهم، وقال بعضهم بأنّه لا يوجد فرق بين الاثنين؛ إنّما هما لفظتان لمُصطلحٍ واحد، وأنّ معنى القضاء موجودٌ في معنى القدر.

أما الرأي الآخر فكان له وجهة نظر أخر، فذهب فريقٌ من العلماء، منهم الرّاغب الأصفهانيّ، إلى أنَّ القضاء أخصُّ من القدر؛ لأنّ القضاء هو الفصل بين التّقدير، فالقدر هو التّقدير، والقضاء هو الفصل بأمرٍ مُعيّن ثم القطع فيه.

وقد ذكر بعض العلماء أنّ القدر بمنزلة الشّيء المُعَدِّ للوزن، أمّا القضاء فهو بمنزلة الوزن نفسه، ومن ذلك ما قاله أبو عبيدة عامر بن الجراح لعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- لمّا أراد عمر الفرار من الطّاعون بالشّام: (أتفرُّ من القضاء؟ قال: أفرّ من قضاء الله إلى قدر الله)؛ وفي ذلك إشارةٌ وتنبيهٌ إلى أنّ القدر ما لم يكن قضاءً فمن المرجوّ أن يدفعه الله، أمّا إذا قضى الله فلا دافع لقضائه، ودليل ذلك قوله تعالى: (وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا).

ذهب الفريق الثّاني إلى أنّ القضاء والقدر بمنزلةٍ واحدة، ويقول الخطابيّ في الفرق بينهما: (جماع القول في باب القضاء والقدر أنّهما مُتلاصقان لا انفكاك لأحدهما عن الآخر؛ لأن كل واحدٍ منهما بمنزلة الأساس وأحدهما بمنزلة البناء، فمن أراد الفصل بينهما فقد سعى إلى هدم البناء ونقضه)، ويرى الجرجانيّ أنّ القدر عبارةٌ عن خروج المُمكنات من العدم إلى الوجود واحداً بعد واحد مُطابقاً للقضاء، وأنّ القضاء يكون في الأزل، والقدر يكون فيما لا يزال، والفرق بين القدر والقضاء هو أنّ القضاء وجود جميع الأشياء والأعمال والأقوال في اللّوح المحفوظ مُجتمعةً، أمّا القدر فهو وجودها مُتفرّقةً في الوقائع والحوادث بعد حصول مُسبّباتها. 

ذكر فريقٌ من العلماء، كما ينقل ابن حجر العسقلانيّ، أنّ القضاء هو الحكم الكُليّ الإجماليّ في الأزل، وأنّ القدر هو جُزئيات ذلك الحكم وتفاصيله. 

يرى بعض العلماء أنّ القدر هو تقدير الشّيء قبل قضائه، وأنّ القضاء هو الفراغ من الشّيء وإتمامه وفق ما قُدِّر له وبه. 

وقد استشهد أصحاب هذا الرّأي للتّفريق بين القضاء والقدر بأنّ شبّهوا القدر بالثّوب؛ فالقدر يكون بمنزلة تقدير الخيّاط للثّوب، فهو قبل أن ينسجه ويُفصّله على مقاس صاحبه فإنّه يُقدّره، فإمّا أن يزيد أو أن ينقص، فإذا فصّله فقد قضاه وفرغ من تقديره وفاته وقت التّقدير، وبذلك يكون القدر أسبق من القضاء.