رامي رشدي يكتب: حرب الأئمة

مقالات الرأي



وزير الأوقاف قرر عقد اختبارات تحديد مستوى للمشايخ فسربوا فيديو بأخطائه فى تلاوة القرآن

■ شكاوى ضد الوزير لـ"الرئاسة والحكومة والبرلمان".. وأنصار "جمعة": إخوان وسلفيون


بعدما انتهى الدكتور محمد مختار، وزير الأوقاف، من خطبة الجمعة المذاعة على الهواء مباشرة وتنقلها القنوات الرسمية وبعض الفضائيات، نزل من على المنبر ليؤم الناس فى الصلاة، وبعد قراءة الفاتحة، بدأ يتلوا آيات من القرآن، لكنه تلعثم وأخطأ فى التلاوة، فقام المصلون خلفه، بالتصحيح له، عدة مرات ومنهم الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية.

هذا الفيديو تداوله أئمة ودعاة الوزارة، على الصفحات التى تجمعهم بموقع «فيس بوك»، مطالبين بخضوع الوزير للاختبار لأنه يخطئ فى تلاوة القرآن الكريم، وغير حافظ لآيات الله، وأنه يجب عليه مراجعة مستواه والاهتمام بنفسه، بدلاً من تنظيم دورات تدريبية واختبارات للأئمة.

الوزير كان قد أصدر قرارًا ينص على أن «يخضع جميع الأئمة والمشايخ العاملين فى وزارة الأوقاف لعملية اختبارات علمية وفقهية فى تلاوة القرآن الكريم وحفظ الأحاديث النبوية وتفسير كتاب الله عز وجل، على أن تشهد تلك الاختبارات، استثناء لأساتذة جامعة الأزهر، وأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، وجميع الحاصلين على الماجستير أو الدكتوراه أو الليسانس بمرتبة الشرف، والأئمة الجدد المعينين فى المسابقات الأخيرة فى عهد الدكتور محمد مختار جمعة، وأئمة المساجد الكبرى والجامعة، وكل من شغل وظيفة مدير عام فصاعداً تعييناً أو ندباً، وشيوخ المعاهد الأزهرية ووكلائهم، وكل من نجح فى اختبار الإيفاد للخارج أو للحج أو القراءة الحرة، والأئمة المتميزون، وإمام المسجد الجامع أو القيادات الوسطى أو أى امتحان أجرته الوزارة خلال آخر 3 سنوات ونجح فيه، ويعقد امتحان تحديد مستوى على مسارين الأول مستوى الأئمة، والثانى مستوى خطباء المكافأة».

وقام الوزير بتعميم القرار، مشيرا ًفى منشور للمديريات، بأن بدء الاختبارات سيكون بمحافظات: القاهرة وجنوب سيناء والبحر الأحمر فى النصف الثانى من نوفمبر الجارى، وكلف جميع المديريات ببيان تفصيلى عن جميع الأئمة وخطباء المكافأة ومن عليهم دخول امتحان تحديد المستوى سواء من الأئمة أو خطباء المكافأة، على أن تجرى تباعاً إجراء هذه الامتحانات على مستوى الجمهورية.

هذا المنشور نزل كالصاعقة على الأئمة واعتبروه تجاوزاً كبيراً من بحقهم، وإهانة للعلماء على كافة المستويات، خصوصاً مع الاستثناءات الواسعة التى تضمنها القرار لأساتذة جامعة الأزهر ووكلاء الوزراء، والمعينين فى المسابقات التى جرت فى عهد جمعة.

الأمر لم ينته عند هذا الحد، حيث اعتبر الأئمة أن تصرف جمعة تجاوزا كبيرا لأنهم أصحاب البيت، أما الوزير فمجرد ضيف، سيرحل فى أى تغيير وزارى.

المشايخ بدأوا الهجوم على الوزير، ونشروا ما اعتبروها تجاوزات منه منها مطالبته لهم بالتقشف وإلغاء كثير من الامتيازات الخاصة بالأئمة، رغم أنه قام بتجهيز وتجديد مكتبه بالكامل بأفخم الإمكانيات الحديثة بالإضافة لتزويد مكتبه بشاشات «إل دى سى»، بالإضافة لتعيين ابنته فى إحدى شركات وزارة البترول.

حرب الأئمة دفعت الوزير للتمسك بقراره حيث أكد فى البداية أنه لن يتراجع عنه وأنه لن يسمح لقلة متخوفة من الاختبارات، أن تعبث بعقول باقى الأئمة، وكشف فى مؤتمر صحفى عقده مساء الخميس الماضى، بديوان عام الوزارة، أنه رغم وجود أئمة متميزين إلا أن معظم أئمة الوزارة لا يحفظون 5 أجزاء متتالية من القرآن الكريم.

فى المقابل فتح الأئمة عدة جبهات ضد الوزير لم تقف عند حد التشهير به حيث قدموا شكاوى ضده لرئاسة الجمهورية، ومشيخة الأزهر، ومجلس النواب، ومجلس الوزراء، للمطالبة برحيله عن المنصب، كما طالبوا بعقد لقاء مفتوح فى 4 نوفمبر المقبل بالجامع الأزهر، لمناقشة كيفية الرد على جمعة، كما اقترحوا تأسيس نقابة للأئمة والدعاة، وكادر خاص لهم، والمساواة بينهم وبين الدعاة الأزهريين فى المكافآت والدورات التدريبية مع تحسين أحوالهم المعيشية.

تلك التحركات دفعت الوزير الذى أقسم على أنه لن يتراجع عن قراره بإجراء الاختبارات للأئمة والمشايخ، إلى إصدر قرار مطلع الأسبوع الجارى بالتراجع خطوة للخلف، بعقد دورات تدريبية للأئمة والمشايخ كل فى محافظته قبل إجراء الاختبارات، موضحاً أن الاختبارات لن يكون فيها نجاح ورسوب، ولن تمس رواتب الأئمة، ولكن فى حالة النجاح فى الدورة والاختبار بتقدير امتياز يحصل الإمام على مكافأة قدرها ألفى جنيه، ومن يحصل على تقدير جيد جداً، يحصل على مكافأة 1500 جنيه، ومن يحصل على تقدير جيد يحصل على مكافأة ألف جنيه، ومن يرسب، يتم إلحاقه بدورة تدريبية جديدة واختباره مجدداً، دون المساس بالراتب أو المكافآت الخاصة، باستثناء المرتبطة بالتقارير السرية.

الأئمة من جانبهم ردوا على الوزير، بأن التقارير السرية الصادرة عن مفتش الوزارة واﻹدارة ولجان المتابعة المستمرة من تفتيش الوزارة طوال العام تغنى عن هذا كله ﻷنها المقياس الحقيقى العملى والعلمى اﻷمثل، الذى يعبر عن إمكانيات اﻷئمة وقدراتهم، ولو لم تكن هذه التقارير كافية لكان من الأفضل إلغاء التفتيش والمتابعة، لأن عملهم سيكون مجرد حبر على ورق، ولا قيمة له.

المعركة الدائرة بين الطرفين دفعت عدداً كبيراً من المشايخ المحسوبين على الوزير بالهجوم على الأئمة، والتشنيع عليهم، حيث اتهموهم بأنهم محسوبون على جماعة الإخوان والسلفيين، خصوصا مع المطالبة بتطبيق كادر الأئمة وإنشاء نقابة الدعاة.

وقام عدد كبير من قيادات ومديرى المديريات فى المحافظات بالثناء على قرارات الوزير وتأييدها باعتبارها نقلة نوعية وارتقاء بمستوى الأئمة على كافة المستويات، ونوعاً من «فلترة» مستويات المشايخ على كافة المستويات العلمية والفقهية والوقوف على قدرة الأئمة على القراءة والترتيل وتفسير آيات الذكر الحكيم وشرح الفتاوى والأحكام الفقيهة.

وأشاد عدد كبير من قيادات الوزارة بالقرارات الخاصة بالتدريب والاختبارات خصوصاً أنه لا يترتب عليها أى خصومات من الرواتب أو أى من الحقوق المكفلة للأئمة بموجب القانون، حيث سيستفيد الأئمة الناجحون دون أن يضار الراسبون.

ولم تنته الحرب الكلامية بين الطرفين حيث رد الأئمة على وكلاء ومديرى المديريات فى الوزارة المدافعين عن قرارات الوزير والذين شملهم قرار الاستثناء من الاختبارات والدورات التدريبية، بالمطالبة بعقد اختبارات لجميع الأئمة وكل من له علاقة بالعمل الدعوى من داخل الوزارة أو من خارجها أو المنسوبين إليها، مطالبين بتشكيل لجان الاختبارات من بين أساتذة الجامعة المشهود لهم بالنزاهة والأمانة ليتحقق العدل والنزاهة وتختفى المجاملات والتعنت وتسود الشفافية».