حكاية فرح.. من المدرسة إلى عربة الفول (صور)

تقارير وحوارات

فرح ووالدتها
فرح ووالدتها


تقف على جانبي الشارع بعربتها بوجه بشوش وابتسامة رضا، يملؤها تفاؤل صباح كل يوم جديد داعية من الله أن يرزقها برزق وفير، تستقبل زبائنها بدعابة فأكثرهم أطفال من المدارس المجاورة.

 

تحكي الطفلة فرح البالغة من العُمر 12 عام في المرحلة الإبتدائية، عن يومها المعتاد حيث تستيقظ من الصباح الباكر لتهيئة أخيها الصغير "عبد الله" بالصف الثاني الإبتدائي لذهابه إلى المدرسة، ثم تعود لتبدأ عمل شاق على عربة الفول وتجهيز الفطار للمارين من المنطقة، فإنها تبدأ بطهي الفول في "القِدرة" داخل مخزن صغير بالعمارة التي تسكنها وتنتهي بتعبئة الفول والبذنجان للزبائن.

 

وفي تمام الساعة الثانية عشر ظهرًا تتجه فرح إلى منزلها لترتدي زي المدرسة وتذهب لتقوم بدورها الآخر "طالبة" بمدرسة "الخلفاء الراشدين" بمنطقة الخصوص، وتتلقى جميع الحصص حاملة على عاتقها شقاء عربة الفول والتفكير في أبيها المريض الذي يعاني بـ"ورم بالقولون" لحين عودتها مرة أخرى إلى العمل.



تقول فرح لـ"الفجر"، إنها  تأخذ مصروفها الذي لا يتعدى الثلاث جنيهات ولكنها توفر بضع الجنيهات لمساعدة أبيها في مصاريف العلاج من خلال دفع جنيهان يوميًا في جمعية مع زميلاتها وصرف جنيه واحد لشراء حلوى داخل مدرستها.

 

وأعربت فرح عن أمنيتها في تغيير مهنة أبيها ليصبح موظف بدلًا من بائع فول لأن هذا العمل شاق عليه، مؤكدة علي أن المدرسة هي صاحبة الدور الأقوي في حياتها، وان هدفها الأول من استكمال دراستها هو رغبتها في عيش حياة مختلفة تجد بها عمل يسير عليها علي عكس عمل والدتها علي عربة الفول الشاق.

 

وبعد انتهاء اليوم الدراسي تعود فرح التي لم تلقى من اسمها نصيب الى حياة المشقة واستكمال العمل مرة أخرى لحين إنتهاء الطعام، ثم تتجه نحو منزلها لتستذكر دروسها والعناية بإخواتها الأصغر سنًا.

 



واختلف حلم هذه الطفلة الصغيرة عن كافة أحلام الأطفال الذين في عمرها، يتمنون عرائس، لعب وفساتين متمنية أن تملك مطعم لعمل الفول والطعمية لها ولأهلها ثم أنفجرت بالبكاء قائلة: "أنا نفسي أريح أهلي ويكون عندنا محل لأن البلدية بهدلتنا كل يوم ومع دخول الشتاء الوقوف علي عربية الفول بيبقي صعب جدا لأننا بنبدأ يومنا من الثالثة فجرا ونفسي نجيب قلاية لعمل الطعمية والبيض والبطاطس، عشان نبيع أكتر ونقدر نكفي حاجاتنا من غير ما نحتاج لحد، ثم حمدت الله كثيرا هي وامها علي حياتهم"، واختتمت كلماتها قائلة: "الحمدلله احنا احسن من غيرنا بكتير".. وكانت هذه أحلام الطفلة فرح.

 

وأما عن "أم فرح" استكملت على أحلام ابنتها قائلة: "أنا نفسي ربنا يجبر بخاطر فرح عشان هي اللي شيلاني أنا وأبوها، وأعلم عيالي تعليم كويس، وبطلب من ربنا الستر والصحة".