بكى من أجلها السائحون وأهملتها وزارة الآثار.. «المدينة المقدسة» موطن الآلهة الذى احتلته الحشرات وسرقه المنقبون

العدد الأسبوعي

منطقة الاشمونين الاثريه
منطقة الاشمونين الاثريه



آثار أى بلد جزء من تاريخه، ينبغى الحفاظ عليها والاهتمام بها، ولكن فى قرية الأشمونيين، التى تبعد حوالى 8 كيلومترات غرب مدينة ملوى التابعة لمحافظة المنيا، الأمر مختلف، فالإهمال يجتاح المكان ويغلف آثاره؛ ليطمس شاهدًا مهمًا على تاريخ تلك المنطقة الذى لا يتجزأ من تاريخ مصر.

استقللنا سيارة مخصوصة بجوار متحف ملوى - وسط المدينة - للذهاب إلى منطقة آثار الأشمونيين، لم يعرف السائق المكان، فاضطررنا للسؤال عن المنطقة الأثرية، ولكن كانت المفاجأة أن الأهالى دلونا إلى مخازن الآثار وليست المنطقة، رغم مرورهم بشكل يومى على هذه الآثار التى تميز القرية عن باقى القرى المجاورة، لكن لا أحد يعلم شيئا عنها، وجدنا صعوبة بالغة فى الوصول إليها فالطريق غير ممهدة لعبور السيارات وغير مرصوفة وذات طبيعة ترابية.

بمجرد الوصول وجدنا لافتة كبيرة «مخازن الأشمونيين»، وهى تابعة لوزارة الآثار، تحت حراسة عدد قليل من أفراد الأمن، بضعة أمتار تفصل بين المخازن والآثار المكشوفة فى العراء، ولكن شتان الفارق، حيث أمنت وزارة الآثار المخازن ولكن تركت الآثار الملقاة فى العراء دون حراسة، المكان عبارة عن أرض طينية، نما بها بعض النباتات؛ نتيجة المياه الجوفية التى طفحت فى بعض الأماكن، ما ساعد فى ظهور بعض الحشرات فى الأرض.

«الأشمونيين».. عاصمة الإقليم الخامس عشر فى مصر العليا القديمة، وكانت مقراً لعبادة تحوت، إله الحكمة الممثل على شكل القرد، وهى منطقة ذات طابع دينى، ويطلق عليها «المدينة المقدسة»، والاسم هو تحريف للاسم المصرى القديم «خمون» أو مدينة الثُمانية المقدسة.

يقول أحد الأثريين بمحافظة المنيا، المنطقة هنا مليئة بالآثار، حيث عثر على أطلال معبد من عهد الملك أمنمحات الثانى، وأطلال معبد شيده الملك أمنحتب الثالث، الإله دجحوتى، ولم يتبق منه سوى تمثال ضخم للإله دجحوتى على هيئة قرد، وأجزاء من تماثيل مماثلة، وهو أضخم تمثال قرد عثر عليه فى مصر، هناك أطلال معبد وبقايا تمثال من عهد الملك رعمسيس الثانى وابنه الملك مرنبتاح، وتحتفظ المنطقة بأطلال معبد من عهد الملك نخت نبف من الأسرة الثلاثين، وآخر شيده فيليب أريدايوس، الأخ غير الشقيق للإسكندر الأكبر، وضم المعبد بعض المناظر الخاصة بالإسكندر نفسه.

وأضاف: الآثار هنا موجودة فى متحف فى الهواء الطلق، يضم تمثالين ضخمين للإله تحوت، على شكل قرد بابون متضرعا للشمس، ومنحوتات حجرية أخرى ترجع إلى عهد الدولة الحديثة، وأيضاً بقايا معبد للإله تحوت من عهد رمسيس الثانى، وبقايا معبد من فيليب أرهيدى، السوق اليونانية المحاطة بمجموعة من الأعمدة من الجرانيت الأحمر ذات تيجان كورنثية، المكان تعرض للنهب والسرقة بالكامل، وسط غفلة من المسئولين فى الأمن بوزارة الآثار، حيث يمكن لأى شخص أن يدخل ويحمل العمدان الأثرية ويذهب بها إلى أى مكان يريده دون أن يستوقفه أحد.. فوجئت ببكاء السياح عندما شاهدوا الإهمال هنا.

تقول سالى سليمان، المرشدة السياحية، عند زيارة المنيا صدمت من مشهد آثار الأشمونيين، ولكن هذا هو الحال فى الكثير من المواقع الأثرية، فأغلب الآثار مهملة تمامًا، خاصة فى منطقة الصعيد، لأنها بعيدة عن العين ودائما ما تتعرض للنهب والسرقة، وفى آخر زيارة إلى آثار الأشمونيين طفت المياه الجوفية على السطح بشكل أضر بالعمدان الموجودة وتسبب فى تآكل بعضها، نتيجة الإهمال، كما يوجد بجوارها أيضًا مصب لمياه الصرف صحى.