نصار عبدالله يكتب: القصيدة التى قتلت شاعرا

مقالات الرأي



قدر المبدعين الاستثنائيين أن يتعرضوا للقتل عندما يتوجهون بأعمالهم الساخرة الموجعة إلى شخصيات معينة لا تملك أن تواجههم إبداعا بإبداع، وعندئذ يقتص هؤلاء الأخيرون لأنفسهم بقتل المبدع ..وفى حياتنا المعاصرة كان فنان الكاريكاتير الفلسطينى ناجى العلى هو أبرز المبدعين الذى تعرضوا للاغتيال، بعد أن تعرض برسومه الساخرة إلى إحدى القيادات الفلسطينية، وفى تراثنا العربى دفع المتنبى حياته ثمنا لهجائية مقذعة كتبها عن ضبة بن يزيد الأسدى، فيما يأتى أقدم مختارات من أبياتها مع التنويه بأنى قد اضطررت إلى تغيير بعض الألفاظ الخارجة (التى لا أدرى كيف هبط المتنبى إلى استخدامها) ووضعت بدلا منها بين أقواس ألفاظا على نفس الوزن، لكنها أكثر تأدبا 

مـا أَنصَفَ القَومُ ضَبَّة،.وَأُمَّـــهُ الطُرطُبَّــةْ 

أتَــوا بِرَأسِ أبيه (وضـاجعوا) الأُمَّ غُلُبَّةْ 

فلا بِمَـن (نال) فَخـرٌ، وَلا بِمَـن (نيـل) رَغبَةْ

وَإِنَّمـا قُـلتُ مـا قُلــتُ رَحــمَةً لا مَحَـبَّةْ

فما عَلَــيكَ مِنَ القَتـلِ إِنَّـــما هِيَ ضَـربَةْ 

وَما عَلـــَيكَ مِنَ الغَــدر، إنَّما هُـوَ سُبَّةْ 

وَمـا عَلَيكَ مِنَ الــعارِ أنَّ أُمَّكَ قَحبَةْ 

وَمـا يَشُقُّ عَلى الكَلـبِ أَن يَكونَ ابنَ كَلبَةْ 

مـا ضَـرَّها مَــن أَتاها... ، وَإِنَّــما ضَرَّ صُلبَـــه 

وَلَـم (يَنِلها)، وَلَكِن ..عـجانُها (نال) صلبه  

يَلـومُ ضَبَّــــــةَ قَوم، وَلا يَلومــــونَ قَلبَه 

وَقَــلبُهُ يَتَشَهّى، وَيُلزِمُ الجِســمَ ذَنبَه 

يــا أَخـــبَثَ الناسِ أَصلًا فى أَخبَثِ الأَرضِ تُربَةْ 

وَأَرخَـصَ الناسِ أُمًّا، تَبيع أَلفًا بِحَبَّةْ 

كُـــلُّ (الفُعولِ) سِهام،ٌ لِمَريَمٍ وَهيَ جَــــــعبَةْ 

وَمـا عَلى مَنْ بِهِ الداِء مــــن لِقاءِ الأَطِبَّةْ 

كَــذا خُلِقتَّ، وَمَن ذا الـذى يُـغالِبُ رَبَّه 

وَمـــَن يُبـالي بِذَمٍّ، إِذا تَعَوَّدَ كَسبَه 

وَإِن يَخُنكَ لَعَمرى، لَطالَما خــانَ صَــــحبَهْ 

وَكَيفَ تَرغَبُ فيه، وَقَد تَبَيَّـــنتَ رُعبَهْ 

ما كُنتَ إِلّا ذُبابًا، ذبّتك عَنّــا مِذَبَّه 

وَكـــُنتَ تَفخَرُ تيهًا فَصِرتَ تَضــرِطُ رَهبَةْ 

وَإِن بَعُـــدنا قَليلا، حَمَلتَ رُمحــــًا وَحَربَةْ 

إِن أَوحَشـــَتكَ المَعالي، فَإِنَّـــها دارُ غُربَةْ 

أَو آنَسَتكَ المَــخازى فَإِنَّــــــها لَكَ نِسبَةْ 

وَإِن عَــرَفـــتَ مُرادي تَكَشَّفَت عَنكَ كُربَةْ 

وَإِن جَهِــلتَ مُـرادي فَإِنَّهُ بِكَ أَشبَه