صابر الرباعي.. راهب عشق الموسيقى وصلى لمجدها بصومعة الأوبرا

الفجر الفني

صابر الرباعي
صابر الرباعي


"الوداع لايقع إلا لمن يعشق بعينيه، أما ذاك الذي يحب بروحه وقلبه فلا ثمة انفصال أبدًا"، هذا هو حال صابر الرباعي الذي لا يقول وداعا، ففي كل مرة يتجدد فيها اللقاء يغوي جمهوره ويدخله في مهب الحنين و يقرع طبول الذكريات، بصوته يصل بهم إلى منطقة غائرة العمق لا يستطيع أحد التسلل إليها، يثبت أن الموسيقى تُحدث التوازن بين الطبيعة وضروريات الحياة لكل إنسان، يلمس خيطًا رفيعًا في قلوبهم فتتحرر أرواحهم وتخف أوزانهم ويصعدون معه إلى السماء التي يأتي منها صوت الموسيقى بفعل العازفين على الأرض.

 

استطاع صابر الرباعي في حفله بالأمس، في ختام مهرجان الموسيقى العربية، تقديم جرعة موسيقية ينهل منها جمهوره دون شبع، بدأها "ببساطة" وسط تصفيق حار وتفاعل من الجماهير الذين هتفوا باسمه طوال الحفل ليعبروا عن مدى اشتياقهم لنجمهم المحبوب ابن تونس الخضراء الذي يبرهن في كل مرة على عشقه لمصر وشعبها.

 

 

صابر الذي بدأ الحفل مبكرًا، ليحتضن جمهوره لأطول فترة ممكنة وهي ثلاث ساعات لم يشعر أحد بمرورهم وكأنهم ثواني معدودة، قدم فيها وصلة غنائية مكتملة الأركان، فتارة يطرب الجمهور بمواويل مثل "آه على الفؤاد اللي رماني" قبل أغنية "غلطان أنا وآسف"، وتارة يلعب على وتر العشق في أغانيه الرومانسية مثل "اتحدى العالم" الذي قدمها باللغتين العربية والفرنسية وجعل الجمهور يحلق معه في عوالم أخرى بعيدة عن الأرض وأوجاعها.

 

وكعادته يخص الرباعي جمهوره في "أم الدنيا" بأغانيه الجديدة حيث قدم تحية للجيوش العربية في "سلام يادفعة" والتي يقول فيها" سلام يادفعة من ابوك وامك واخوك واختك وخالك.. سلام يادفعة جايلك خصوصي من عمامك من صحابك من حبايبك من جيرانك.. بيقولك شد حيلك ربنا دايما يعينك"، رافعًا يديه بتعظيم سلام بعد انتهائها لتكون لمسة وفاء لكل من يدافع عن وطننا العربي الحبيب، كما قدم "متخافيش مني" من كلمات الراحل مأمون الشناوي وألحان طلال، و "جرحي ماشفي" والتي طرحها منذ فترة وجيزة.

 

 ولم ينسى الرباعي أن يقدم مزيجًا من الأغاني التونسية مثل "ياساتر" و "بزيادة"، ليكون مسك الختام مع أغنيتي "سيدي منصور" و "برشا" والذي أشعل بهم المسرح وكأن زلزالًا أصابه، حيث نهض الجميع من أماكنهم وظلوا يرقصون ويرددون معه هذه الأغاني التي يحفظها الصغار قبل الكبار عن ظهر قلب.

 

هذه الساعات السحرية مرت على جمهور الرباعي وكأنها ثوانِ، لم يشبعون منه، ولكنه أثبت أنه يعشقهم بروحه وقلبه لذا لايقول وداعًا أبدًا.