سارة إبراهيم تكتب: "بلهارسيا" شيرين عبدالوهاب

الفجر الفني

سارة إبراهيم
سارة إبراهيم


 من حي الحسين بالقاهرة انطلق الفنان محمد العزبي في سماء النجومية، ليتغزل في "عيون بهية" بأغنية عاشت في وجدان المصريين، وكتبت النجاح لصناعها بداية من مطربها والشاعر محمد حمزة والملحن بليغ حمدي وأصبحت كلماتها: "ردي البيبان يا بهية، لا ف يوم يظلموكي، داري العيون يا صبية، لا الناس يحسدوكي"، تتردد على لسان الكبير والصغير، في تظاهرة حب فريدة من نوعها، ولهذا السبب كان "العزبي" يحرص على غنائها في جميع حفلاته الغنائية.

 

كتب الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، قصيدته "مصر يا امّة يا بهية، يا أم طرحة وجلابية"، التي تغنى بها الشيخ إمام، ولمست قلوب المصريين، لتنتهي كلماتها بجملة "وترجع تاني تتغنى اللى بنى مصر كان فى الأصل حلواني"، التي بدأ بها الشاعر الكبير سيد حجاب، أغنية مسلسل "بوابة الحلواني"، بصوت الفنان علي الحجار، وجاء في مطلعها: "اللي بنى بنى مصر كان في الأصل حلواني، وعشان كدة مصر يا ولاد حلوة الحلوات".

 

"مصر هي أمي نيلها هو دمي، شمسها في سماري شكلها في ملامحي"، كلمات للشاعر عبدالوهاب محمد، غنتها عفاف راضي، ولحنها كمال الطويل، وتضمنت حب مصروالوفاء لنيلها وقمحها، في: "ماتلاقيش مثالها ست كل عصر، ضلة جنب نيلها تسوى ألف قصر"، وكذلك أغنية "كل بلاد الدنيا جميلة لكن أجمل من وطني لا"، و"احنا ولاد النيل بنحب الحياة حتى على القليل نشكر الإله"، بصوت محمد ثروت، وكلمات عبدالرحمن الأبنودي، وألحان عمار الشريعي.

 

لم يكن حب مصر، مقتصراً على أبنائها فقط، بل غنى لها بعض المطربين العرب، مثل الفنان الإماراتي حسين الجسمي، في أغنياته "بحبك وحشتيني، سيادة المواطن، وبشرة خير"، والفنانة اللبنانية صباح، في أغنية "سلمولي على مصر" عام 1970، ومواطنتها نانسي عجرم، في أغنية "أنت مصري"، والفنانة التونسية لطيفة في أغنية "المصري"، وعبر الفنان الكبير فريد الأطرش عن حبه لمصر، في أغنية "سنة وسنتين"، أما الفنانة الكبيرة فيروز، فغنت "مصر يا أم العجايب".

 

وفي عام 2010، تضمن فيلم "عسل أسود" للنجم أحمد حلمي، والمؤلف خالد دياب، والمخرج خالد مرعي، عرض بعض العادات السيئة التي يتبعها المصريون، في مقارنة مؤلمة بين مصر وغيرها من الدول المتقدمة، وذلك عن طريق مواطن مصري أمريكي يسافر إلى أمريكا في طفولته، ويعود بعد سنوات، ليصطدم بالواقع المرير، ثم تشهد النهاية استعراض لمميزات الشعب المصري، والتي لا يوجد مثلها في الدول الأخرى.

 

"فيها حاجة حلوة حاجة حلوة بينا حاجة كل مدى تزيد زيادة فيها إنَ"، رسالة في حب مصر من كلمات الشاعر أيمن بهجت قمر، وألحان عمر خيرت، بصوت الفنانة ريهام عبدالحكيم، ليشعر كل من يستمع إليها بالروح الطيبة، والدفئ الموجود في شوارعها وحاراتها، وكذلك ما تشتهر به من مأكولات، كما جاء في: "مصر هي الصبح بدري مصر ديك الفجر يدن، سوبيا فول طعمية كشري كوز بطاطا سخنة جدا".

 

لم يكن خطأ شيرين عبدالوهاب، مجرد زلة لسان، بل خيانة لكلماتها أغنياتها: "ما شربتش من نيلها طب جربت تغنيلها جربت في عز ما تحزن تمشي في شوارعها وتشكيلها"، "دوّر جواك تلقاها هي الصحبة وهي الأهل عشرة بلدي بتبقى نسيانها على البال مش سهل"، فسخريتها من ماء النيل، بأنه منبع لـ"البلهارسيا" في إحدى الدول العربية، تدل على أنها تجهل ما يعنيه هذا النيل للمصريين، وتسئ تمثيل مصر أمام العالم، وهو ما جعلها "مُسخة" أمام الجميع.  

 

هل تنكرت المطربة صاحبة الصوت العذب، لأصولها التي تمتد إلى منطقة "القلعة" بالقاهرة، حيث تربت وعاشت وبدأت مسيرتها الفنية، بالغناء في الأفراح الشعبية التي يقيمها البسطاء، وهل سألت نفسها، لو لم تحصل على الشهرة والنجومية، كانت سترى مياه النيل تصيب الإنسان بالبهارسيا أيضا؟!، وهل كانت ستفتخر باسم المياه المعدنية الفرنسية الأصل، التي تشربها حفاظا على صحتها من الأمراض؟!، أم كانت ستجسد دور "الوطنية"، وتشجع شرب الماء المختلط بالبلهارسيا؟!