صناعة "الطرابيش".. حب المهنة ينتصر على تقاليع الموضة (تقرير مصور)

صور

بوابة الفجر


في إحدى الزقاق الضيقة بمنطقة الغورية بالحسين، تصارع إحدى الصناعات العتيقة الموت في صمت، في أحد المحال القديمة، يفوح منها عبق التاريخ، ممزوجًا بغبار الزمن.







تراصت بعض الأدوات والآلات التي مر على عمرها أكثر من مائة عام، أعلى ركنة بهذا المحل، الذي يقف على رأسه شباب ثلاثيني.

حب الشباب "الطرابيشي" لهذه المهنة التي اندثرت، جاء من إصرارهم على الحفاظ على عبق التاريخ، وعدم التفريط في ميراث الأجداد، على الرغم من أنهم شباب ثلاثيني، إلا أن حب المهنة استطاع أن ينتصر على تقاليع الموضة.

وعلى الرغم من اندثار فكرة الطربوش في مصر منذ عشرات السنين، إلا أن المشايخ والأئمة يصرون على ارتدائه حتى اليوم، إلى أن أصبح علامة مميزة لشيوخ الأزهر وفقهاء الدين.








نشأته في مصر:

ﺩﺧﻞ الطربوش ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎني، ﻭﺗﺤﻮل الناس من ارتداء ﺍﻟﻌﻤﺎﺋﻢ التي دخلت مع ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻹﺳﻼمي، ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﻄﺎﺀ ﺍﻟﺘﺮكي الجديد، وجعله ﻣﺤﻤﺪ ﻋلي باشا جزءً أساسيًا من زي الجيش المصري، وأنشأ له مصنعًا في مدينة فوة بالدلتا، استقدم له مغاربة متخصصين؛ لإنتاج الطرابيش لجنود الجيش المصري فقط.











وﺍﻧﺘﺸﺮ ﺍﻟﻄﺮﺑﻮﺵ ﺑﻴﻦ كافة ﻃﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻤﺼﺮي، ﺑﺪﺍﻳﺔ من علية القوم من ﺍﻟﺒﺎﺷﺎﻭﺍﺕ، مرورًا بالأفندية والموظفين، وحتى ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺬ في ﻣﺪﺭﺳﺘﻪ.


مصر تصنع الطربوش:


وفي ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺨﺪﻳﻮ ﻋﺒﺎﺱ ﺣﻠمي ﺍﻟﺜﺎني، توقف ﺍﺳﺘﻴﺮﺍﺩ ﺍﻟﻄﺮﺍﺑﻴﺶ، وتم إنتاجها محليًا بعد انطلاق مشروع القرش، الذي تبرع فيه كل مواطن مصري بقرش، ووصلت محصلة التبرعات إلى 25 ألف جنيه وقتها، وتم إﻧﺸﺎﺀ ﻣﺼﻨﻊ ﻟﻠﻄﺮﺍﺑﻴﺶ.


وكان ﺃﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻄﺮﺍﺑﻴشى واحدا من ﺃﻗﺪﻡ ﺻﻨﺎﻉ ﺍﻟﻄﺮﺍﺑﻴﺶ فى ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮبي، ﻭﺍﻟﻮﺣﻴﺪ فى ﻣﺼﺮ ﺍﻟﺬي ظل ﻣﺘﻤﺴﻜﺎ ﺑﺤﺮﻓﺘﻪ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺛﺔ عن ﺍﻷﺟﺪﺍﺩ في ﺃﻭﻝ ﺷﺎﺭﻉ ﺍﻟﻐﻮﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.


واستمر ﺍﻟﻄﺮﺑﻮﺵ ﻣﻈﻬﺮًﺍ مهمًا ﻟﻠﻮﻗﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺍلاجتماعية في ﻣﺼﺮ، ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺛﻮﺭﺓ ﻳﻮﻟﻴﻮ 1952 ﺑﺴﻨﻮﺍﺕ.










صناعته:

يتكون الطربوش من صوف، وخوص نخيل يضاف إليه الجوخ، ويحصل "الطرابيشي" على زعف النخيل من مدينة رشيد، أما مادة الجوخ، فهي مادة من الصوف تأتي من الهند وفرنسا والصين عن طريق الاستيراد، ثم يتم لصقه على زعف النخيل، وبعدها البطانة الداخلية و"الجلدة".




ويصنع الطربوش عن طريق قوالب نحاسية يتم تسخينها لدرجة حرارة فوق ١٠٠ درجة مئوية، لتحديد مقاساته، ومكواه لتحديد شكله.


ومن المفترض، أن عمر الطربوش الافتراضي هو 10 سنوات، يجب تغييره بعد انقضائهم، وهذا ما تعود عليه المصريون منذ  200 عام تقريبًا.