"سوق الصنايع" يهدد سمعة عاصمة السياحة العالمية.. ومسئولي الأقصر "لا أرى لا أسمع لا أتكلم"

محافظات

بوابة الفجر


رغم إعلان مدينة الأقصر، عاصمة للسياحة العالمية، العام الماضي، واختيارها عاصمة للثقافة العربية للعام الحالي، مما جعلها محط أنظار العام، بعد فترة معاناة عاشتها كسنوات عجاف، عقب قيام ثورة يناير، لتدهور القطاع السياحي، وبدأ يتعافى تدريجيًا، إلا أن مسئولي المحافظة لم ينتبهوا جيدًا، للعوائق التي تشكل خطرًا على هذا المصدر الاقتصادي الهام الذي ترفض شريحة كبيرة من أبناء المحافظة العمل في غيره.

ومن أهم تلك المخاطر التي تشكل عائقًا أمام سمعة السياحة في الأقصر، "سوق الصنايع" الذي يقف أمامه المسئولين مكتوفي الأيدي، حاملين شعار " لا أرى لا أسمع لا أتكلم"، رغم ما يسببه من انتشار للباعة الجائلين على مسافة يصل طولها إلى ما يزيد عن كيلو متر، بداية من شارع يوسف حسن حتى كوبري أبو الجود، وسط المدينة.


و يشير محمد حسن، أحد السكان بتلك المنطقة، إلى أن انتشار الباعة الجائلين في سوق الصنايع، بشكل عشوائي، يمنع مرور السيارات نهائيًا، مما يترتب عليه صعوبة دخول سيارات الاطفاء في حالة حدوث حريق، ويزيد من حجم الكارثة التي قد ينتج عنها تضخمًا في الخسائر المادية، وربما البشرية، بالإضافة إلى تناول الأمر من قبل وسائل الإعلام المحلية والعالمية، لما تحتويه الأقصر من مكانة، ويأثر ذلك بالسلب على السياحة.

وتابع حسن، أن هناك معاناة أخرى يعانوها، لعدم القدرة على دخول سيارات الاسعاف، بسبب الزحام اليومي في السوق، لنقل الحالات الطارئة، بالإضافة إلى صعوبة نقل كبار السن ممن لا يستطيعون السير، في العديد من الحالات، لعدم المقدرة على سيارات خاصة تقلهم من أمام أبواب منازلهم، لتأدية مصالحهم الشخصية المختلفة، أو الذهاب لطبيب أو مستشفى، لافتًا إلى أن هناك العديد من السكان هجروا منازل بسبب ذلك.

ويوضح ممدوح حسنين، أحد الأهالي، أن الأسواق العشوائية كسوق الصنايع وغيره، من المعروف أنه ملازًا للفارين من العقاب في حالة حدوث أضرار للمستهلكين، حيث أن المواطن حين شراءه منتجًا، ويكتشف بعدها عدم صلاحيته، سواءً إن وقع له مكروه أو علم بالأمر قبل تناوله، من الصعب المطالبة بحقوقه قانونيًا، لعدم وجود فواتير، أو مكان البائع الذي يسبب الضرر للباعة الآخرين حال دخوله بينهم لتسويق منتجات أو أغذية مغشوشة.





واستطرد حسنين، أنه على الجهات التنفيذية، الاهتمام بذلك الأمر، ونقل الباعة الجائلين إلى أماكن محكمة، لفرض الرقابة عليهم بشكل يومي من قبل التموين، لعدم السماح لبعضهم بالغش، أو بيع أغذية غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وعدم تعرض تلك الأغذية للتلوث من الأتربة وعوادم السيارات، التي جعلت أمراض السرطان تتفشى في الدولة بشكل كبير، بالإضافة إلى أنه في حالة حدوث ضرر لمواطن، يستطيع أن يطالب بحقوقه وحقوق الآخرين بمعاقبة من باع سلعة فاسدة، ومعاقبة التموين أيضًا جراء تقصيره في الكشف عن صلاحية المنتجات التي يراقبها.

ولفتت، سمية حسان، إلى أن الجميع يعلم بما تتعرض له السيدات والفتيات داخل الأسواق العشوائية، من تحرش ومعاكسات من بعض الباعة وغيرهم من الشباب الذين لا يتبعونهم، ولكن في الصعيد، لن تستطيع أنثى القيام بتحرير محضر ضد من قام بتلك الفعلة، خوفًا من الفضيحة في عقيدتها، لذى فترى، انه من المفترض عدم السماح بوجود مثل تلك الأسواق، ونقلها إلى أماكن محكمة، حتى يتثنى للأمن القيام بعمله بتواجده داخل السوق، للقضاء على تلك المشكلة.

وأردف محمود طه، أن عدم نقل سوق الصنايع حتى الآن، يحمل علامات استفهام كثيرة، وخاصة في ظل وجود البعض من التجار الذين يسيطرون على عدد من المناطق بالشارع، ليقوموا بتأجيرها للباعة بالمتر من أجل فرش بضاعتهم، متسائلًا من أعطاهم الحق في ذلك، ولمصلحة من؟

وتضيف سمر ناجي، مرشدة سياحية، إلى أن جدول الجولات التي يقوم بها السياح في مدينة الأقصر يأتي من ضمنها "سوق الصنايع"، موضحةً أن انتشار الباعة بشكل عشوائي، ينشر صورة سلبية لدى زوار عاصمة السياحة العالمية، ويهدد سمعتها، بالإضافة إلى أنه موازي لطريق الكباش الأثري، لافتة إلى أنه من غير المعقول أن يرى السياح مشهدًا حضاريًا للمصريين القدماء، يجعلهم يقفون له احترامًا وتقديرًا، وعلى بعد خطوات يرون شيءٌ آخر ينقل مدى العشوائية التي وصلنا إليها، ما يجعل من ذلك مادة دسمة لمن أراد انتقادنا والسخرية منا.

وطالبت المرشدة السياحية، بضرورة توفير أماكن أخرى للباعة الجائلين بسوق الصنايع، من قبل سلطات المحافظة، لنقلهم إليه، لتفادي وقوع الأضرار عليهم تمس قوت أسرهم.


وكأحد الحلول لتك المشكلة، قام المحافظ الأسبق سمير فرج في عام 2006، حين كان رئيسًا للمجلس الأعلى لمدينة الأقصر، قبيل تحويلها إلى محافظة في 2010، بإنشاء سوقًا حضريًا بالقرب من ميدان التجارة "ميدان الملك عبد الله حاليًا"، يتضمن 21 "بايكة"، 18 محلًا، لنقل الباعة الجائلين والمحال التجارية بالسوق إليه، ولم يستطع آنذاك تنفيذ قرارات النقل، ليأتي خلفه محافظين آخرين لم وقفوا مكتوفي الأيدي في ظل غياب الأمن أعقاب ثورة يناير 2011.

و فور تولى المحافظ الحالي محمد بدر، منصبه في 2015، شهد تطوير السوق ليزيد من عدد "البوايك" إلى 124، و98 محلًا تجاريًا، بحسب حصر مجلس المدينة لعدد الباعة في السوق، حينذاك، وأجريت قرعة بقاعة المؤتمرات في 30 يوليو من نفس العام، بحضور جميع الباعة، لتوزع عليهم، بأسعار تتراوح ما بين 80 إلى 150 جنيه كإيجار شهري "للبايكة" بحسب موقعها، وبداية من 300 حتى 450 جنيه للمحل بحسب موقعه أيضًا، وبعد فترة من نقل بعض البائعين، عادوا مرة أخرى إلى أماكنهم لعدم رضائهم بموقع السوق الحضري، دون دفع مبالغ الايجار المستحقة، حيث تراكمت عليهم المديونيات وصارت لديهم قضايا تنظر أمام المحاكم، بسبب تأخرهم عن دفع المستحقات، ومنذ ذلك الحين لم نرى حتى الآن تنفيذ لهذا القرار، الأمر الذي يجعل إنشاء السوق إهدارًا للمال العام.

وأشار أحد الباعة بشارع "سوق الصنايع"، أنه عند قيام المحافظة بفتح المزاد على المحال التجارية والبوايك بالسوق الحضري، والتي رست على العديد منهم، وجد أن هناك الكثير من التجار ليس لهم أماكن، الأمر الذي أدى إلى تأجيل قرار النقل.

وأوضح مصدر مسئول، أن البائعين هم من امتنعوا عن دفع الايجارات بعد حجز المحلات والبوايك من خلال القرعة التي أجريت، لعدم رضائهم بموقع السوق الحضري، تخوفًا من عدم ذهاب المواطنين إليه، على الرغم من أنه في حالة تشغيله سيتيح الفرصة أمام مسئولي المحافظة من فرض الرقابة التموينية عليه لصالح الأهالي، وفرض الرقابة الأمنية أيضًا التي تأتي في صالح التجار، ومنع حدوث مشاجرات، أو معاكسة للفتيات والسيدات.