احمد على يكتب : لماذا استشهد الشيخ حسن شحاته ؟

ركن القراء

احمد على يكتب : لماذا
احمد على يكتب : لماذا استشهد الشيخ حسن شحاته ؟


لم يكن الشيخ حسن شحاته شخصية جديدة على الإعلام المصري ، فقد كان إماماً سابقاً بالشئون المعنوية بالقوات المسلحة ، وشيخاً صوفياً معروفاً يلقي خطبه ودروسه بمسجد كوبري الجامعة أحد أشهر المساجد في القاهرة ، ويستأثر باهتمام النخبة الثرية في مصر ويحرص على التواجد بمحاضراته الكثير من مشاهير المجتمع ومن بينهم ممثلين معروفين ، كما كان نجماً ببرنامج أسماء الله الحسنى الذي بثه التليفزيون المصري في التسعينات .

ولا يمكن اعتبار أن تحوله للمذهب الشيعي مسألة مستحدثة كذلك أو ظهرت فجأة ، فقد دفع ثمن هذا التحول أكثر من مره بداية من سبتمبر سنة 96 عندما تم اعتقاله مع مجموعة كبيرة من الشيعة على أثر حواراً صحفياً مع مجلة روزاليوسف عبر فيه عن رأيه في شخصية معاوية بن أبي سفيان بصراحة . وبينما وجدها بعض الدعاة الذين عز عليهم سيطرة الشيخ حسن على النخبة الثرية في مصر ، فرصة لابعاده عن سوق الدعوة الذي كان يشهد منافسات ضخمة ، وبالتالي قاموا بتهييج الرأي العام وتجهيزه لمثل هذا الإجراء القمعي ، فقد رأت أجهزة أمن مبارك القضية ملائمة تماماً لاحداث قدر هائل من الضجة تتمكن ممن إشغال الرأي العام لفترة واثبات جدارتها أمام الجماهير ، بالاضافة لاسترضاء الدول الخليجية والولايات المتحدة الأمريكية عبر إثبات العداء لإيران على حساب حقوق المواطنين المصريين ، ولم يتم الإفراج عنه سوى في شهر مارس 1997 دون توجيه اتهامات حقيقية له وحتى دون تقديمه للمحاكمة .

المرة الثانية كانت في سنة 2009 حيث ألقي القبض على الشيخ ضمن 306 شيعي مصري وعربي بموازاة قضية خلية حزب الله الشهيرة دون أي توضيح للعلاقة بين الطرفين ، وإنما ألقي القبض عليه من قبل أجهزة الأمن عقب قيام نجله حمزة الذي يعتنق الفكر السلفي بالوشاية به وتقديم بلاغ عنه للسلطات ، الأمر الذي كان له وقع سيء في المجتمع المصري ، وقامت محكمة جنايات القاهرة في أكتوبر 2009 بإخلاء سبيله مع باقي المتهمين .

وبعد الثورة ومع الإثارة الإعلامية لمسألة الحسينيات الشيعية ، كانت مشكلة حسينية قرية هربيط بالشرقية في يوليو 2012 ، والتي تعرض فيها الشيخ حسن لموقف مشابه لكن الأمر لم يتجاوز إلى القتل ، أو حتى الإيذاء ولم يتخذ أهالي القرية إلى نهجاً عنيفاً ضد الشيعة المتواجدين بها .

ويبقى التساؤل عن السبب الذي أدى لوصول الأمور إلى هذا المستوى من العنف واستشهاد 5 من الشيعة المصريين بلا اتهامات سوى تبنيهم لمعتقد مختلف ، لا يعرف عنه الذين قتلوهم أي شيء ؟

إن هذه النتيجة كانت ثمرة لعامين كاملين من التهييج الطائفي ضد الشيعة شاركت فيه كل الفاعليات الدينية المصرية بما فيها الأزهر الشريف ، والأسوأ أن جميع هذه الفاعليات سعت لأن تبرز جدارتها بالقيادة الدينية للمصريين عبر إبداء عدائها لطائفة من المصريين بشكل هستيري ،

بداية من إثارة مسألة احتفالات الشيعة بمناسباتهم خاصة في عاشوراء ، ومروراً بإثارة مسألة الحسينيات حتى من قبل الأزهر الذي دعا باسم شيخه إلى مؤتمر يضم علماء الأزهر والسلفيين لمناقشة موضوع الحسينيات ومواجهة التشيع في مصر ، وأصدرت المجلة الناطقة باسمه بعض الكتيبات المعادية والمكفرة للشيعة .

الدعاة السلفيون بدورهم مارسوا دوراً ملحوظاً في التهييج الطائفي ، فقام صفوت حجازي بتقديم برنامجاً خاصاً لم يكن له هدفاً حقيقياً سوى التهييج الطائفي ، ولم يتضمن في الواقع أي نقد علمي للتشيع وإنما استعرض من خلاله عدة فيديوهات تبرز آراء الشيعة الخلافية في التاريخ الإسلامي وبعض الفقهيات ، وامتلأت الفضائيات المصرية وخاصة السلفية منها بعدد من السلفيين كالشيخين وليد إسماعيل وعلاء السعيد الذين مارسا الدور الأكبر في هذا التحريض إلى درجة التكفير الصريح لهذه المجموعة من المسلمين ، بل أن وليد إسماعيل مؤخراً وفي ظهور له على قناة القاهرة والناس أكد أنه سيقوم برصد كل تجمعات الشيعة في مصر وإبلاغ جهاز الأمن الوطني بها والمشاركة في القبض على الشيعة وذلك باتفاق مع هذا الجهاز .

واستمراراً لهذه الحالة الهستيرية ، قام الدعاة السلفيين بعقد ندوات بالقرى التي يتواجد بها الشيعة مهمتها الوحيدة هي إثارة سخط الناس ضد مجموعة من المصريين ، وتم توزيع منشورات وملصقات تدعو لمقاطعة الشيعة وعدم التعامل معهم ، وانتهى الأمر بعقد مؤتمرين في القاهرة طالب الشيخ القرضاوي في أحدهما بقتل كل من يقول يا حسين باعتباره كافراً ، وطالب الشيخ محمد حسان في الآخر من رئيس الجمهورية بتطهير مصر من الروافض الأنجاس .

وهكذا وطوال ثلاثة أعوام مارست الفاعليات المصرية الدينية والإعلامية دورها البغيض ضد هذه الطائفة ، فوجيء المصريون بمجزرة يحدثها السلفيون ، باعتراف ضفحة طلاب الشريعة السلفية ، ضد الشيعة في زاوية أبو مسلم .

بدأت المأساة اثناء إعداد الشيعة في القرية للاحتفال بليلة النصف من شعبان في منزل أحد الشيعة في القرية والذي خصصه ليكون حسينية ، والتي يعتقد الشيعة أنها ولد فيها الإمام الثاني عشر وهو المهدي المنتظر عندهم ، وقبل بداية الاحتفال هاجمتهم مجموعات من السلفيين بلغت 1000 سلفي بحسب صفحة طلاب الشريعة ، ومعهم أعداد من أهالي القرية وتمكنوا من اقتحام المنزل والاعتداء على الشيخ حسن شحاته و5 آخرين من الشيعة بالضرب حتى الموت ، وذكر مراسل قناة أون تي في أن بعض السلفيين طلب من شباب القرية تعليق الضحايا على أعمدة الكهرباء ليكونوا عبرة ، لولا تدخل البعض ممن تبقى لديهم قدر من التعقل لإيقاف هذه المهزلة ، وتمت كل هذه الأحداث أمام أعين قوات الشرطة التي رفضت التدخل بحسب ما ذكره المراسل المنتمي للقرية .

هذه هي خلفيات وأسباب المجزرة والجريمة التي تمت ضد الشيعة في الجيزة ، والتي قد تتكرر ضد كل المختلفين في الرأي والمعتقد ، مع حالة قصر النظر وانعدام المسئولية والعبث التي تتميز بها جميع الفاعليات الدينية والإعلامية في هذه البلاد .