توني بلير ساعد القذافي وجعله يتملّص من جرائم استخباراته

عربي ودولي

توني بلير ساعد القذافي
توني بلير ساعد القذافي وجعله يتملّص من جرائم استخباراته


تكشف وثائق سرية عن دور محوري لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في مساعدة القذافي على طيّ صفحة جريمة ارتكبها في حقّ 170 شخصا عندما فجّر طائرتهم. تدخّل بلير جعل معمر القذافي ينجو من دفع تعويضات ضخمة لذوي الضحايا.

عبدالاله مجيد من لندن: تعهد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بمساعدة العقيد معمر القذافي في نزاع قانوني مع ضحايا هجوم ارهابي نفذته استخبارات دكتاتور ليبيا، وقرر القضاء ان تُدفع لهم تعويضات كبيرة، كما تكشف مراسلات رسمية.

القذافي طلب مساعدة بلير

تبين الوثائق التي حصلت عليها صحيفة صندي تلغراف ان القذافي استغاث بتوني بلير بعد أن أمرت محكمة اميركية النظام الليبي بدفع تعويضات قدرها 1.5 مليار دولار الى ذوي سبعة اميركيين لقوا حتفهم عندما فُجرت طائرة مدنية كانت متوجهة الى باريس فوق غرب افريقيا.

وبحسب المراسلات التي جرت عبر البريد الالكتروني فان بلير اثار القضية مع الرئيس جورج بوش بعد ان وعد القذافي بالتدخل نيابة عنه.

ارهاب ومسار قضائي

وأسفرت وساطة بلير في نهاية المطاف عن توقيع بوش عام 2008 على قانون أبطل قرار المحكمة الذي يأمر النظام الليبي بدفع 1.5 مليار دولار لذوي ضحايا الهجوم الارهابي.

وكانت طائرة الركاب التابعة لشركة يو تي أي الفرنسية قادمة من تشاد في طريقها الى باريس حين فُجرت يوم 19 ايلول/سبتمبر 1989 في عملية نفذتها استخبارات القذافي واسفر تفجير الطائرة عن مقتل 170 شخصا.

وبعد معركة قانونية استمرت سبع سنوات ربح ذوو الضحايا القضية بقرار المحكمة الاميركية الذي أمر النظام الليبي بدفع 1.5 مليار دولار في مطلع 2008.

وبسبب القرار واجه نظام القذافي مصاعب كبيرة في الولايات المتحدة لأنه كان يهدد بمصادرة وتجميد عائداته من تصدير النفط والغاز فضلا عن استثمارات ليبيا في الولايات المتحدة.

بلير في خيمة القذافي

يتضح دور بلير في القضية، من رسالة الكترونية كتبها السير فنسنت فيان سفير بريطانيا في طرابلس آنذاك، وأُرسلت الى مكتب بلير في 8 حزيران/يونيو 2008، قبل يومين على زيارة بلير الى ليبيا ولقائه القذافي في خيمته سيئة الصيت.

وجرى اللقاء في اطار واحدة من ست زيارات خاصة على الأقل قام بها بلير الى ليبيا القذافي بعد استقالته من رئاسة الوزراء في حزيران/يونيو 2007.

والتقى بلير مع القذافي خلال الزيارة الأولى في شباط/فبراير عام 2008 فيما صدر قرار المحكمة الفيدرالية الاميركية تعويض ذوي ضحايا تفجير الطائرة في كانون الثاني/يناير من العام نفسه.

وتستعرض الرسالة الالكترونية التي كتبها السير فنسنت، النقاط التي سيبحثها بلير مع القذافي حين يلتقيه وتبين ايضا ان احد مستشاري بلير الكبار اجتمع مع دبلوماسي اميركي رفيع لبحث قضية تفجير الطائرة الفرنسية.

وكتب السير فنسنت ان على توني بلير ان يشرح ما قاله للرئيس بوش وما قاله مستشاره بانر للدبلوماسي الاميركي ويلتش، تنفيذا للوعد الذي قدمه الى العقيد القذافي بالتدخل بعد ان سمح الرئيس الاميركي للقضاء الاميركي باستهداف الأرصدة الليبية.

وجاء في الرسالة الالكترونية ان بلير يستطيع ان يبدي ارتياحه للتقدم المحقق في المحادثات مع الولايات المتحدة وليبيا من اجل التوصل الى حل بين الحكومتين لكل القضايا القانونية والتعويضية العالقة منذ الثمانينات .

وتكشف الرسالة ان نك بانر مدير مكتب بلير وقتذاك تحدث مع الدبلوماسي الاميركي ديفيد ويلتش الذي كان يفاوض حكومة القذافي بشأن تعويض ضحايا الارهاب.

وقال المحامي الاميركي الذي ربح القضية لذوي الضحايا في 2008 بأمر من المحكمة ثم رأى الغاء الأمر بقرار من بوش ان ظلما كبيرا وقع على موكليه بقرار الرئيس الاميركي.

ديبلوماسية غير مشرّفة

ونقلت صحيفة صندي تلغراف عن المحامي ستيوارت نيوبرغر ان الرئيس بوش اجهض هذه القضية عندما أصدر توجيها الى وزارة الخارجية بعقد صفقة أغلقت ملف القضايا الارهابية المرتبطة بالنظام الليبي، بما في ذلك أمر المحكمة في القضية التي أخذتها على عاتقي .

وأضاف انه سمع عن ضلوع بلير في القضية ولكن الوثائق التي كشفت عنها صندي تلغراف هي المرة الأولى التي تأكد فيها دوره.

وأضاف المحامي نيوبرغر ان هذه ليست طريقة شريفة لممارسة الدبلوماسية لا بل وجهت رسالة الى الدول الارهابية مؤداها لا تقلقوا من هذه الدعاوى القانونية والأحكام القضائية لأن السياسيين سيتدبرون أمرها في نهاية المطاف .

بلير في مرمى الانتقادات

وفي النهاية، تلقى ذوو ضحايا تفجير الطائرة الفرنسية تعويضا قدره نحو 100 مليون دولار بدلا من 1.5 مليار دولار كما قضت المحكمة.

كما حصلت صندي تلغراف على رسالة منفصلة ارسلها المسؤول في وزارة الخارجية البريطانية غافن مكاي الذي نُسِّب الى مكتب بلير حين عُين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق مبعوث اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، الى السفير الليبي في 2 حزيران/يونيو 2008.

تنقل الرسالة التي كُتبت على الورق الرسمي لمكتب اللجنة الرباعية امتنان بلير للطائرة الخاصة التي وضعها القذافي تحت تصرفه في السفر من سيراليون الى طرابلس حيث توقف لمدة 3 ساعات قبل ان يواصل رحلته الى بريطانيا.

وابدى وزير الخارجية البريطاني الأسبق مالكولم ريفكند تحفظا على الرحلة لأنها على ما يبدو نُظمت من خلال دور بلير العام بوصفه مبعوثا الى الشرق الأوسط، وقال ريفكند ما لم يتقدم بلير بتفسير مقنع لسبب اقحام امانة اللجنة الرباعية في هذه الزيارة، فان ذلك سيكون بحق سببا لتوجيه انتقادات مشروعة وجدية .

وقال متحدث باسم توني بلير ان الحديث الوحيد الذي اجراه بلير في هذا الشأن كان تقديم وجهة نظر عامة بأن من مصلحة ليبيا والولايات المتحدة حلّ هذه القضايا حلا عادلا وتجاوزها .