الرسول الأمين خاتم النبيين

إسلاميات



الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده .... وبعــد :

فإن عقيدة ختم النبوة المحمدية ، تعد من مسائل العقيدة الأساسية في حياة المسلم ، فمن طعن فيها أو جحدها أو ادعي سواها فهو كافر حلال الدم عند أهل السنة والجماعة .

ونظراً لخطورة تلك المسألة لا سيما في عصرنا الحاضر ، حيث تطالعنا الصحف من وقت لآخر بأسماء دجالين كذابين يدعون النبوة ، ولذلك جاء هذا المقال ليبين أدلة ختم النبوة من القرآن والسنة وأقوال السلف .

أولا : أدلة ختم النبـوة من القرآن الكريم

لقد وردت الآيات القرآنية تبين بما لا يدع مجالا للشك في تلك العقيدة :

1 - يقول سبحانه : ) ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما ( [ الأحزاب : 40 ] فالآيــــة الكريمة تدل دلالة صريحة في أن محمد صلي الله عليه وسلم هو خاتم النبيين ، فلا نبي بعــده .

يقول الامام الطبري رحمه الله : فهو رسول الله وخاتم النبيين الذي ختم النبوة فطبع عليها فلا تفتح لأحد بعده إلي قيام الساعة . اهـ .

ويقول الإمام البغوي رحمه الله : ختم الله به النبوة .

و يقول الخازن رحمه الله في تفسيره : ختم الله به النبوة فلا نبوة بعـده .

أمـا الحافظ ابن كثير فلقد قال عند تفسير هذه الآية : الآية نص في أنه لا نبي بعـده ، وإذا كان لا نبي بعـده فلا رسول بطريق الأولي و الأحري ؛ لان مقام الرسالة أخص من مقام النبوة ، فإن كل رسول نبي ولا ينعكس ، و بذلك وردت الأحاديث المتواترة .

ولفظ خاتم قرئ بالكسر ، وهي قراءة الجمهور وقراء الأمصار ، وقرئ بالفتح وهي قراءة عاصم والحسن وابن عامر .

ورغم تعـدد القراءات للفظ خاتم فلا تأثير له علي المعني . يقول ابن الجوزي رحمه الله : من قرأ خاتم بكسر التاء فمعناه وختم النبيين ، ومن فتحها فالمعني آخر النبيين .

وقراءة الكسر هي الأشهر عند أهل اللغة والتفسير ، وقراءة الفتح هي الأقل استعمالاً بين القراء .

2 - يقول سبحانه : ) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ( [الأعراف : 158]

ووجه الدلالة في الآية أن الرسالة التي جاء بها النبي r رسالة عامة تخاطب جميع الناس دون تخصيص أو تقييد ، فهو r مبعوث للناس كافة ، فعموم رسالته r هـو إحدي الخصائص التي انفرد بها عن الأنبياء قبله ، إذ كان كل نبي يبعث إلي قومه خاصة

وعموم الرسالة يفيد أنها الخاتمة ؛ إذ لا حاجة بالبشرية بعد ذلك إلي دين جديد طالما أن هذا الدين خاطبهم ووسعهم جميعــاً .

3 - يقول سبحانه : ) تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيرا ( [ الفرقان : 1 ]

ووجــه الدلالة في الآيه : أن القرآن الكريم نذير للعالمين جميعاً ، فهو يشمل كل البشر بدون استثناء ، سواء من وجد عند نزوله ومن سيوجد إلي يوم القيامة ، و من ثم فلا حاجه بالبشرية بعد ذلك إلي نبوة أخري أو كتاب أخر . وهـــذا تأكـيد لعقيدة ختم النبوة ؛ لان القرآن سيبقي حجة إلي قيام الساعة .

4 - قوله سبحانه : ) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ( [ المائدة : 3 ]

ووجــه الدلالة في الآيـة – كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله – : هذه أكبر نعم الله علي هذه الأمة ، حيث أكمل لهم دينهم ، فلا يحتاجون إلي دين غيره ولا إلي نبي غير نبيهم r ، ولهذا جعله الله خاتم النبيين ، وبعثه إلي الإنس والجن ، فلا حلال إلا ما أحله ، ولا حرام إلا ما حرمه ، ولا دين إلا ما شرعه ، وكل شئ أخبر به فهو حق و صدق .اهـ .

فالأمة لا تحتاج إلي نبي يكمل الله به لها دينها ، فقد أكمل الله الدين وأتم عليها النعمة علي يد سيد البشر r

5 - قوله سبحانه : ) إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ( [ الحجر : 9 ]

وفي تلك الآية دلالة قوية علي أن الله عز وجل أراد بقاء هذا الدين إلي قيام الساعة ، فحفظ القرآن الذي هو رسالته من التحريف والتبديل ليكون حجة قائمة علي العباد إلي يوم القيامة .

ثانياً : أدلة السنة النبوية

لقد جاءت الأحاديث النبوية تؤكـد تلك العقيـدة وتبينها ، وقـد تواترت في ذلك تواتراً قطعياً ، ونظـراً لتعـدد النصوص وكثرتها سنذكر بعضهــا :

1 - قوله r : (( (( كانت بنو اسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي ، وأنه لا نبي بعـدي ، وسيكون خلفاء فيكثرون )) رواة البخاري .

2 - قوله r : (( فضلت علي الأنبياء بست : أوتيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، وأرسلت الي الخلق كافة وختم بي النبيون )) رواه مسـلم .

3 - قوله r : (( أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يُمحي به الكفر ، وأنا العاقب )) والعاقب أي : الذي ليس بعـده نبي . رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم .

4 - قوله r : (( لا تقوم الساعة حتي يبعث دجالون كذابون قريباً من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه رسول الله )) رواه البخاري ومسلم .

وفي الحديث يحذرنا النبي r من هؤلاء الدجالين الكاذبين إذ لا نبي بعـده r .

ثالثاً :

وقـد اجتمعت أقوال السلف رضوان الله عليهم وتواترت في عقيـدة ختم النبوة بمحمد r بما لا يسع المقام لذكره بعـد ذكر ما ورد في الكتاب والسنة لإثبات ذلك .