بوابة الفجر

خبير عسكري : دولة "كردستان" أولى ثمار الإتفاق النووي الإيراني

بوابة الفجر

تركيا قدمت تسهيلات لعملية سروج حتى تجد المبرر لشن عملياتها العسكرية

اتفاق سرى بين تركيا واكراد العراق يضمن المباركة التركية لأإنشاء دولتهم مقابل حماية الآراضى التركية

إيران قدمت بشار الأسد قربانا لاتفاقها النووي

فلادمير بوتين مضطر للتضحية بالأسد لتخفيف الضغط علية فى أزمة أوكرانيا

منحى جديد تتخذه الأحداث الملتهبة فى منطقتنا العربية عقب العمليات العسكرية التى بدأتها تركيا على معاقل داعش الإرهابى وحزب العمال الكردستاني.

ويبدو أننا نعيش ارهاصات خريطة عربية جديدة ما بعد الإتفاق النووي الإيراني لم تعد تواريها أجندات
أعداء الأمة العربية ، بل أصبحت واقعا ينقشع ضبابه كل يوم ليكشف شكله القبيح الذى طالما حذر المتخصصون منه ، وهو تقسيم الدول العربية دينيا وعرقيا.

ويبدو أن تركيا تساهم بشكل فاعل فى الإعداد لترتيبات اكثر جدية  متعلقة بإقامة الدولة الكردية على الآراضى العربية فى سوريا والعراق.

فهل تعيش الدولتان الشقيقتان لحظاتهما الأخيرة ؟ وهل نعيش تشرزما لا نهاية له بدأته السودان لتتجرعه سوريا والعراق بانفصال اكرادهما وصولا إلى دويلة لكل طائفة ؟، أسئلة تحمل الكثير من الآلام والحقائق يكشفها لنا اللواء محمد الغباشي الخبير العسكرى وأمين الإعلام لحزب حماة الوطن فى سياق الحوار التالي.

* كيف تقيم السلوك التركى عقب العملية الإرهابية فى سروج ؟

لدى شكوك حول مصداقية الأهداف التى اعلنتها تركيا حول عملياتها العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابى وحزب العمال الكردستانى وهى لطالما كانت الطرف الذى قدم كل الدعم لداعش حتى باتت شريكا أساسيا له.

واتصور أن تركيا قدمت تسهيلات لعملية سروج الأخيرة حتى تتذرع بما تتعرض له من إرهاب لتحقيق أربعة أهداف رئيسية.

أولا: مغازلة الحزب القومي الرافض لعملية السلام مع حزب العمال الكردستانى والذى سيكون اردوغان مضطرا للتنسيق معه حال فشل حزبه فى تشكيل حكومة واعادة الانتخابات.

ثانياً: ايجاد المبرر لحظر جميع  أنشطة اكراد تركيا الذين حلوا فى المركز الثالث فى الانتخابات الأخيرة مما يعطى لاردوغان مزيدا من الأريحية السياسية.

ثالثاً: انهاك الجيش العربى السورى وزيادة الضغط عليه وحصاره اتساقا مع رغبة أمريكية جامحة.

رابعاً: وهذا هو السبب الرئيسى، عمل المنطقة العازلة.

* ما هو الهدف من إنشاء المنطقة الآمنة على الحدود التركية مع سوريا والعراق ؟

هدفان رئيسيان خلف اقامة تلك المنطقة ، أولا ايجاد المنطقة المثلى لاعادة تمركز للمعارضة السورية
" المعتدلة " التابعة والممولة أمريكيا – وذلك وفق ما اعلنته الإدارة الأمريكية بصيغ مختلفة ابرزها استصدار قرار من الكونجرس متعلق بتخصيص ميزانية ضخمة لهذا الغرض – لزيادة الضغط على الجيش العربى السوري.

ثانيا والأهم بالنسبة إليها هو منع اكراد تركيا من الانضمام إلى أشقائهم فى سوريا والعراق.

 وهذا فى حد ذاته مؤشر بالغ الخطورة على بدء العد التنازلي فى اتخاذ اجراءات جدية على صعيد اقامة الدولة الكردية ، كأولى ثمار الإتفاق النووي الإيرانى حيث سيعاد ترتيب المنطقة وفقا للمصالح والرؤيا الأمريكية، ويعد تقسيم المنطقة عرقيا ودينيا أبرز ملامح هذه الرؤيا.

وهذا الاتفاق يحتوي على تفاهمات سرية بين إيران والولايات المتحدة ، حيث تساهم إيران فى اعادة هيكلة المنطقة العربية وتقسيمها عرقيا ودينيا مقابل اطلاق نفوذها فى المنطقة كخطوة محورية على صعيد تحقيق هدفها الاستراتيجى الأكبر وهو استعادة الامبراطورية الفارسية.

ومن ثم فإن اقامة دولة كردستان اصبحت هدفا يبلور مصالح الطرفين وثمنا لابد من دفعه وخطوة أولى على صعيد تقسيم الوطن العربى وستكون مقدمة لخطوات مماثلة على صعيد اقامة الدولة السنية
والشيعية والعلوية والدرزية.

وحينما ادركت تركيا أنه حان الوقت لتقسيم سوريا والعراق  سارعت بعمل خطوات استباقية باتخاذ الاجراءات التى من شأنها حماية آراضيها من التفكك أولا ولايكاد دور فى صياغة الخريطة العربية الجديدة. 

* هل ستسمح تركيا باقامة الدولة الكردية على الرغم من الخطر الذى تمثله عليها ؟

تركيا حليف قوى للولايات المتحدة أو بالأحرى أحد وكلائها ويصعب قيام تركيا بأى ممارسات من شأنها
اعاقة الحلم الأمريكى – الإجرامى – فى تقسيم الوطن العربى إلى دويلات عرقية وطائفية. 

ومن ثم تنحصر جهود تركيا حاليا فى منع انضمام الاكراد لديها  إلى اكراد سوريا والعراق.

واتصور أن هذا ما يفسر أسباب ودوافع الزياردة  " الودية  " التى قام بها رئيس الوزراء التركى أحمد
داوود أوغلو إلى اقليم كردستان العراق ومقابلة مسعود برازانى رئيس الاقليم ، وعلى الرغم من الضربات العسكرية الموجعة التى تقوم بها القوات التركية ضد حزب العمال الكردستاني نجد برازانى يعلن تفهمه وتـأييده للاجراءات التى تتخذها تركيا  لتأمين نفسها.

كما أنى اتصور أن هناك اتفاقا سريا تم بين داوود اوغلو و برازانى حيث يتم بمقتضاه مباركة تركيا بدولة كردستان مقابل أن تقام تلك الدولة على الآراضى السورية والعراقية دون التركية.

* ما هو السيناريو الإيرانى المتوقع حيال اقامة الدولة الكردية  ؟

 سوريا والعراق منطقتان أساسيتان للنفوذ الإيران ولا يمكن اتخاذ قرار بشأنهما دون التفاهم مع إيران ، وكما أسلفت فى الذكر فإن إيران عليها المساهمة فى اعادة هيكلة المنطقة العربية مقابل
تحقيق حلمها الفارسى ومن ثم فأن إيران لا تدعم بشار الأسد – الرئيس السورى المنتخب – وإنما تدعم نفوذها.

واتصور أن إيران قدمت بشار الأسد قربانا لاتفاقها النووى بحيث يكون الثمن الواجب دفعه للتوافق مع الرؤيا الأمريكية مقابل الحفاظ على نفوذها فى سوريا ، ومن ثم فإن أية ترتيبات تتخذ بشأن زيادة الضغط على الجيش السورى وانهاكه تمهيدا للقضاء علية ستباركها إيران ، كما أن أية ترتيبات تتخذ بشأن المضى قدما فى اقامة دولة كردستان فلن تمانعها إيران أيضاً.

اضف إلى ذلك فإن من مصلحة إيران اقامة دولة عرقية لأن هذه خطوة ينبنى عليها خطوات مماثلة فى اقامة دول على أساس دينى.
 
* كيف ستواجه سوريا اقامة الدولة الكردية ؟

لأول مرة منذ أربع سنوات يعلن الرئيس السورى الانهاك والتعب الذى اصاب الجيش العربى السورى ، علاوة على التراجع البادى على آدائه ، الأمر الذى ينذر بكارثة حقيقية حيث أن القادم أكثر سوءا نظرا للمختطات التركية الأمريكية  لزيادة الضغط على الجيش والأسد.

ومما يزيد الأمر سوءا أن نظام الأسد مدعوم بشدة من روسيا وإيران فإذا اتفقت الدولتان على الاطاحة به  -وهذا هو الأرجح – اصبحت وبكل أسف ايامه فى السلطة معدودة ، ومن ثم فالأسد فالأسد ليس بحالة جيدة لمقاومة اقامة الدولة الكردية.

والحقيقة أن إيران وتركيا يلعبان دورا محددا وقديما ضمن خطة صهيوامريكية وضعت معالمها بعد حرب اكتوبر المجيدة ، حيث تقوم الولايات المتحدة بتصعيدهما كقوى اقليمية للعب أدوار محددة موجهة فى الأساس ضد الأمن القومى المصرى وتستهدف تقويض دور مصر واخراج الجيشين العربيين السورى والعراقى من معادلة الأمن القومى العربي.

وكانت باقورة نجاح هذا المخطط الإجرامى الاحتلال الأمريكى للعراق حتى آلت الأوضاع بالجيش العراقى إلى هذا النحو المؤسف من الآداء ، ولم يعد يبقى الا الجيش العربى السورى – الصامد - لتكتمل الخطة الشيطانية ليستطيع أعداء مصر والأمة العربية اتخاذ المنحى الأكثر خطورة فى
التفرغ للجيش المصري. 

* هل ستسمح روسيا باسقاط نظام الأسد بعد كل الدعم الذى قدمته له؟
 
كل دولة لا يهمها سوى مصلحتها ، والرئيس الروسى فلادمير بوتين عليه ضغط كبير بسبب صراعه القديم والجديد مع الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.

والأزمتان السورية والأوكرانية مرتبطتان ببعضهما البعض ، لأسباب تتعلق بالجغرافيا السياسية وما
يمثلانه من مصالح حيوية بالنسبة لروسيا.

فمن الجانب الروسى يمثل ميناء سيفاستبول على البحر الأسود واللاذقية على البحر المتوسط مسألة حياة أو موت.

ومن الجانب الأمريكى يمثل تقويض التحركات الروسية السياسية والإقتصادية  وضرب مناطق نفوذها هدفاً حيوياً. 

واتصور أنه عندما أدرك الطرفان صعوبة  تغلب واحد منهما على الآخر، لم يجدا بدا الا الجلوس والتفاوض السرى ، حيث تحتفظ روسيا بنفوذها فى اللاذقية وسوريا مقابل عدم عرقلة  مشروع الدولة
الكردية، الأمر الذى يخفف من حدة الضغط على بوتين فيما يتعلق بأزمة اوكرانيا التى تمثل مسألة اكثر خطورة بالنسبة إليه ، علاوة على ذلك فإن العلاقات المتميزة الروسية الإيرانية تحول دون اتخاذ بوتين لمواقف معاكسة للرغبة الإيرانية بشكل حاد.

كما اتصور أن تركيا لعبت دور الوسيط بين روسيا والولايات المتحدة  لتقريب وجهات النظر بينهما فيما يتعلق بشخصية الرئيس الأسد ، وهذا ما قد يفسر الاتصال التليفونى بين بوتين واردوغان الذى تم مؤخرا فى بداية العمليات العسكرية التركية. 

ويبدو أن كل الاطراف قد ادركت حقيقة الوضع وهو أن دولة كردستان اصبحت قاب قوسين أو ادنى فتهافت الجميع على اقتناص ما يتاح له من غنائم فى الوقت الذى اصبحت فيه الكثير من الدول العربية فريسة مسجاة  تحت ويلات الحرب الأهلية  والإرهاب حتى باتت لا تقوى على حماية جسدها المصلوب.